الولايات المتحدة

مساعي ترامب لجذب أصوات اليهود الأميركيين

واشنطن- يؤمن الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب بأحقيته في الحصول على أصوات أغلبية الناخبين من يهود أميركيا، لا سيما بعد نقله السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، واعترافه بالأخيرة “عاصمة موحدة ودائمة لإسرائيل”، وبالجولان “أرضا إسرائيلية”.

وكان ترامب أيضا قد أغلق المكتب الدبلوماسي الفلسطيني في واشنطن، وكذلك القنصلية الأميركية في شرقي القدس، بالإضافة لانسحابه من الاتفاق النووي مع إيران.

إلا أن واقع الصوت اليهودي يبدو أكثر تعقيدا من حسابات ترامب، إذ يصوت -تاريخيا- أكثر من ثلثي اليهود الأميركيين للحزب الديمقراطي، بينما يأمل ترامب أن يتمكن من إحداث ثغرة واختراق في أصوات اليهود تمنحه أغلبيتها أو نصفها على الأقل.

ورغم أن أغلب اليهود الأميركيين ينظرون إلى المرشح الجمهوري على أنه شديد الود تجاه إسرائيل، فإن 68% منهم سبق أن صوتوا لصالح منافسه الديمقراطي جو بايدن في انتخابات 2020، كما تشير كل استطلاعات الرأي إلى نية 60% إلى 70% من يهود أميركا التصويت لصالح المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.

اتجاهات التصويت اليهودي

أصدر “المجلس الديمقراطي اليهودي الأميركي”، وهو محسوب على الحزب الديمقراطي، استطلاعا وطنيا شمل 800 ناخب يهودي، أظهر تقدم هاريس بين الناخبين اليهود بنسبة 72%، في مقابل 25% لترامب، بينما لم تحدد البقية موقفها بعد، وهي نسبة أكبر من التي حققها بايدن في انتخابات 2020.

لكن استطلاعين آخرين مستقلين، أجريا مؤخرا، أشارا إلى أن تقدم هاريس قد يكون أضعف مما تشير إليه النتائج الأولى، حتى مع استمرار غالبية الناخبين اليهود في تفضيل ترشيحها، فعلى سبيل المثال، أظهر استطلاع نشره مركز “بيو” للأبحاث تقدم هاريس بنسبة 65% فقط مقابل حصول ترامب على 35% من الأصوات.

وفي الوقت نفسه، أظهر استطلاع منفصل أجرته مجموعة “هونان” الإستراتيجية انخفاض نسبة دعم هاريس بين الناخبين اليهود لتصل إلى 57% فقط.

وتتودد حملة ترامب إلى الناخبين اليهود الساخطين من صعود نفوذ التيار التقدمي اليساري داخل الحزب الديمقراطي المعارضين للدعم الأميركي الكامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلا أن ارتباط ترامب القوي بشخصيات متهمة بما تسمى “معاداة السامية” في أقصى يمين الحزب الجمهوري، مثل المذيع الشهير تاكر كارلسون، يقلق اليهود الأميركيين.

وتحدثت الجزيرة نت إلى جاك بوستيك، وهو ناخب يهودي يقطن في مقاطعة مونتغومري بولاية ميريلاند، وقال إن ما يجري من لغط حول الناخبين اليهود أصبح تقليدا كل 4 سنوات.

وأضاف موضحا “كل 4 سنوات، يقول الجمهوريون اليهود إن هذا هو العام الذي سيصوت فيه الأميركيون اليهود لصالح المرشح الجمهوري، ثم تثبت الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني أن ذلك غير صحيح، هذا العام لن يكون مختلفا وستحصل هاريس على ما بين 70% إلى 75% من الأصوات اليهودية”.

ترامب (يسار): لم أُعامل بشكل صحيح من قبل الناخبين الذين تصادف أنهم يهود (الصحافة الإسرائيلية)

خطاب ترامب التهديدي

وفي خطابه الذي ألقاه مساء الخميس الماضي، وكان مخصصا لمواجهة “العداء للسامية”، ونظمه المجلس الأميركي الإسرائيلي، صرح المرشح الجمهوري ترامب بأن أصوات اليهود سيكون لها دور كبير إذا خسر الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وقال ترامب “سأطرح عليكم الأمر بكل بساطة ولطف قدر الإمكان: لم أُعامل بشكل صحيح من قبل الناخبين الذين تصادف أنهم يهود، لا أعلم، هل يعرفون ماذا سيحدث إذا لم أفز في هذه الانتخابات؟ سيكون للناخبين اليهود علاقة كبيرة بذلك إذا حدث، لأن نسبة 40% لي تعني أن 60% من الناس يصوتون للعدو”.

وكرر ترامب أن هاريس تكره اليهود وتكره إسرائيل، وأنه خدم إسرائيل وقدم لها أكثر من أي رئيس آخر في التاريخ الأميركي، بينما رد البيت الأبيض وحملة كامالا هاريس بشدة على خطاب ترامب التخويفي، واتهماه بتأجيج الانقسام والكراهية ضد الجالية اليهودية.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس، ردا على ما قاله ترامب، إنه “من البغيض الاتجار بالاستعارات الخطيرة، عندما يكون من الواجب على جميع القادة الالتزام بالرد على الارتفاع المأساوي في جميع أنحاء العالم في معاداة السامية، يقوم ترامب بمحاولة تمزيق المجتمع، وتأليب الجماعات المختلفة ضد بعضها البعض”.

كما دخل على خط النقاش دوغ إمهوف (زوج كامالا هاريس وهو يهودي الديانة) بقوله إن “الأميركيين اليهود لن يخافوا من هجمات ترامب، إنه يحاول إشعال نيران معاداة السامية من خلال الاتجار بعبارات إلقاء اللوم على اليهود واستعمالهم كبش فداء، حتى إنه فعل ذلك في حدث يزعم أنه يحارب معاداة السامية! هذا أمر خطير وتجب إدانته”.

ووسط هذا الجدل، رد الائتلاف اليهودي الجمهوري مدافعا عن ترامب، وأصدر الرئيس التنفيذي للائتلاف مات بروكس بيانا وصف فيه خطاب ترامب بأنه “محاولة للحصول على دعم الجالية اليهودية وإسرائيل، في الوقت الذي نواجه فيه بشكل جماعي بعضا من أحلك الأيام في التاريخ اليهودي الحديث”.

وأضاف “لا شك أن دونالد ترامب حين كان رئيسا للولايات المتحدة، قدم لليهود الأميركيين والدولة اليهودية أكثر من أي رئيس آخر في التاريخ الحديث”، وذكر أنه رغم أن عديدا من الأميركيين اليهود يصوتون للديمقراطيين “فإن ترامب يعمل بلا كلل لتغيير ذلك”، حسب وصفه.

وقال إن ترامب نجح عام 2020 في الحصول على أكبر حصة من الأصوات اليهودية منذ 40 عاما، وأضاف “نتوقع أن يبني الرئيس ترامب على نجاحه التاريخي في انتخابات 2024 الحاسمة”.

عدد صغير ونفوذ ضخم

لا يتجاوز عدد يهود أميركا 2% من إجمالي عدد السكان، ومثل بقية الأقليات الأميركية، لا يمكنهم تحديد هوية الرئيس القادم، إلا أن ارتفاع نسبتهم في بعض الولايات المتأرجحة، مثل بنسلفانيا وميشيغان، يمنحهم ميزة كبيرة في ولايتين مهمتين، كما أن حجم الإنفاق والتبرعات المالية لليهود الأميركيين أعلى مما تقدمه أي جالية أخرى.

ورغم ميل أغلب يهود أميركا للحزب الديمقراطي لأسباب تتعلق بمواقفه من قضايا اجتماعية لا تتعلق بإسرائيل، فإن إحدى كبار المتبرعين ميريام أديلسون، وهي أميركية إسرائيلية ورثت تركة مليارية بعد وفاة زوجها شيلدون أديلسون أحد أكبر الداعمين التاريخيين للحزب الجمهوري ولخطط التوسع الإسرائيلي، تعهدت بمنح حملة ترامب 100 مليون دولار لمساعدته على الفوز بانتخابات 2024.

في الوقت ذاته، تولي حملة هاريس أهمية كبيرة للصوت اليهودي في ولاية بنسلفانيا، وعينت مزيدا من المؤثرين اليهود الأميركيين للانضمام إلى حملتها، مثل إيفا وينر التي ستنضم هذا الأسبوع كمديرة للتواصل اليهودي في ولاية بنسلفانيا، مما يشير إلى الدور الحاسم الذي من المتوقع أن يلعبه الناخبون اليهود في هذه الولاية المتأرجحة الرئيسية، والتي تعتبر كلتا الحملتين أن الفوز بها أمر لا بد منه للفوز بالانتخابات الرئاسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى