اللوبيات.. القوة الخفية للسياسة الأميركية
يعد كلا الديمقراطيين السيناتور روبرت مينينديز والنائب هنري كويلار مثالين حديثين على “اللوبيات” والتأثيرات التي تمارسها جهات خارجية في السياسة الأميركية، وكلاهما متهم بتلقي رشى.
يعد كلا الديمقراطيين السيناتور روبرت مينينديز والنائب هنري كويلار مثالين حديثين على التأثيرات التي تمارسها جهات خارجية في السياسة الأميركية، فالأول متهم بتلقي رشى من الحكومة المصرية لتمرير صفقات أسلحة، في حين يواجه الثاني اتهامات بقبول أموال من كيان أذربيجاني.
ويعكس هذا الواقع كيفية استخدام “اللوبيات” أو جماعات الضغط لممارسة النفوذ، بما في ذلك حكومات أجنبية وجماعات مصالح كبرى.
تطور اللوبيات في الولايات المتحدة: من أصول بريطانية إلى نظام معقد
استمدت فكرة اللوبيات من بريطانيا في القرن الـ17، وانتقلت إلى أميركا حيث حظيت بحماية التعديل الأول للدستور، الذي كفل حرية التعبير وحق تقديم العرائض. وبدأت اللوبيات بالظهور بوضوح في أميركا خلال القرن الـ19، حين استخدم صانع البنادق الشهير صمويل كولت الضغط لتمديد براءات اختراعه.
قوانين تضبط اللوبيات ولكنها تفتح أبواب النفوذ
خلال الحرب العالمية الثانية، دفعت المخاوف من تدخلات أجنبية الكونغرس لإقرار قانون تسجيل العملاء الأجانب، مما فرض على جميع الكيانات الأجنبية الإفصاح عن علاقاتها مع صانعي القرار الأميركيين. وعلى الرغم من محاولات ضبط النفوذ، فقد ارتبطت اللوبيات بفضائح مالية، مثل فضيحة جاك أبراموف في التسعينيات.
الإنفاق على اللوبيات: أرقام خيالية وتأثيرات واسعة
وفقا لمنظمة “أوبن سيكريتس”، أنفقت جماعات الضغط الأميركية 5.6 مليارات دولار في عام 2023، حيث تصدرت صناعة الدواء والصحة قائمة المُنفقين، تلتها صناعات التكنولوجيا والنفط. ومن بين اللاعبين البارزين، حلت “غرفة التجارة الأميركية” في الصدارة بإنفاق 69 مليون دولار، في حين تصدر عمالقة التكنولوجيا مثل ميتا وأمازون المشهد أيضا بمئات الملايين لدعم مصالحهم.
الدور المثير للجدل للكيانات الأجنبية
استنادا إلى بيانات معهد كوينسي، يتضح أن أكثر من نصف دول العالم تنفق أموالا للتأثير في السياسة الأميركية، حيث تتصدر السعودية والصين قائمة الدول الأجنبية من حيث الإنفاق على أنشطة الضغط. وتنوعت الأهداف بين الضغط للحصول على صفقات الأسلحة، كما فعلت الإمارات ومصر، إلى تحسين السمعة ومعالجة قضايا حساسة، مثل الضغط الإسرائيلي لإزالة تصنيف شركة “إن إس أو” (NSO) من قائمة المراقبة الأميركية.
نموذج “أيباك”: قوة ضغط إسرائيلية استثنائية
تعتبر لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية “أيباك” من بين اللوبيات الأكثر نفوذا، حيث تأسست أيباك عام 1954 وتهدف إلى بناء الدعم لإسرائيل في الكونغرس. وتجاوزت إنجازات أيباك الدعم المادي إلى القدرة على إسقاط خصومها السياسيين، كما حدث مع بول فيندلي، النائب الجمهوري الذي فقد مقعده بعد دعمه للقضايا الفلسطينية.
الاستنتاج: تأثير مستمر بلا نهاية
سواء كانت اللوبيات أميركية أو أجنبية، فإن تأثيرها في السياسة الأميركية يظل مستمرا عبر الأموال والعلاقات والشبكات المعقدة. وبغض النظر عن هوية الفائز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، سيظل لمثل هذه الجماعات كلمة مسموعة في صنع القرار، مدفوعة بأموال تتدفق من اللوبيات ذات النفوذ والمصالح على امتداد “كي ستريت”.