استنكار وتحذير.. هكذا علقت وسائل إعلام أميركية على محاولة اغتيال ترامب
تأتي محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في أعقاب تصاعد الخطاب العنيف في السياسة الأميركية، فيتمخض عنها سيل من المعلومات الخاطئة ليتذكر الأميركيون لحظات في تاريخهم تميزت بالعنف السياسي وتكون صورة ترامب الدامي مثالا على التحدي سيفيده انتخابيا.
تلك هي بعض العناوين الأولية التي زخرت بها وسائل إعلام أميركية تعليقا على حدث إطلاق النار الذي تعرض له البارحة المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة، بينما كان في حشد جماهيري من أنصاره في ولاية بنسلفانيا.
اقرأ أيضا
list of 2 items
“واشنطن بوست” تكشف تفاصيل مثيرة عن محاولة اغتيال ترامب
فزغلياد: كيف ينبغي لروسيا أن ترد على نشر الصواريخ الأميركية في ألمانيا؟
end of list
وفي تقرير أولي لها عن الموضوع وصفت واشنطن بوست أصوات الفرقعات وما تلاها من صراخ ثم دماء، مبرزة أن ترامب تأخر حوالي ساعة عن الوقت المحدد لبداية المهرجان وكان إطلاق النار في الدقيقة العاشرة من بداية حديثه.
المعلومات المضللة
وما هي إلا ساعات، تقول واشنطن بوست في تقرير آخر، حتى بدأت المعلومات المضللة حول هذا الحادث تنتشر بسرعة “لتتضخم بذلك نظريات المؤامرة حول وسائل الإعلام الكاذبة والدولة العميقة والرئيس جو بايدن وجهاز الخدمة السرية، مما يملأ فراغ المعلومات الذي اختار البعض ملأه بما يتماشى مع رغباتهم الخاصة”.
وأبرزت واشنطن بوست في تقرير ثالث عن الموضوع أن من بين تلك المعلومات قول المؤيدين لترامب إن سبب العنف هو تصوير الديمقراطيين لترامب على أنه تهديد للديمقراطية، “على الرغم من أن دوافع مطلق النار لم تكن واضحة وقت تصريحاتهم”، وفقا للصحيفة.
وفي السياق نفسه، قالت نيويورك تايمز إن منصات التواصل الاجتماعي طفقت بمزاعم لا أساس لها حول تجمع ترامب، مشيرة إلى أن خبراء المعلومات المضللة طالبوا على الفور بتوخي الحذر، ونبهوا الجميع أن يبتعدوا عن القفز إلى الاستنتاجات.
وبدون تقديم دليل، تقول نيويورك تايمز إن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي ألقت باللوم على شخصيات غامضة من اليسار في استهداف ترامب، واستندت إلى الأفكار التي تداولها الرئيس السابق بأن “الدولة العميقة”، أو عصابة داخل الحكومة، كانت تسعى إلى منعه من العودة إلى البيت الأبيض.
الاستغلال الإعلامي
واعتبرت نيويورك تايمز أن إصرار ترامب على الوقوف بين عملاء الخدمة السرية وهو ملطخ بالدماء وإظهار التحدي ينم عن ارتباطه العميق بمؤيديه وإتقانه لمقتضيات عصر الإعلام الحديث.
ونقلت في هذا الإطار ما كتبته روبرتا براغا، مؤسسة معهد الديمقراطية الرقمية للأميركيتين في حسابها على منصة إكس (تويتر سابقا) حيث تقول “عما قريب ستنتشر المعلومات المضللة حول من يقف وراء إطلاق النار ومن نفذه والأحداث التي أدت إلى هذه اللحظة، فلننتبه للغة العاطفية”.
ومصداقا لما ذهبت إليه نيويورك تايمز بشأن إتقان ترامب لمقتضيات عصر الإعلام الحديث لفتت نيوزويك إلى أن صورة رد فعل ترامب المتحدي على إطلاق النار أصبحت على الفور أيقونة.
بل إن البعض ذهب إلى أن نتيجة الانتخابات بعد هذا الحادث أصبحت محسومة لصالح ترامب، فنقلت نيوزويك عن ديف بورتنوي -مؤسس شركة بارستول سبورتس- إشادته برد فعل ترامب وتأكيده أن الانتخابات حسمت لصالح ترامب موضحا “لا يمكنهم التغلب عليه الآن”.
سجال
وفي خضم هذا السجال حذرت شبكة سي إن إن الإخبارية في تقرير نشره موقعها من أن هذا الهجوم “يعيد فتح فصل مخيف في السياسة الأميركية”، مشيرة إلى أن “محاولة اغتيال ترامب فتحت فصلا جديدا مظلما في قصة العنف السياسي الملعونة في أميركا، تلك الأمة التي تعاني بالفعل من الاستقطاب العميق خلال واحدة من أكثر الفترات توترا في تاريخها الحديث”.
وحذرت وول ستريت جورنال من أن “الأمة الأميركية على حافة الهاوية، ويخشى أن تتجه الانتخابات نحو نهاية قبيحة”، وقالت إن “إطلاق النار الذي استهدف رئيسا سابقا وربما مستقبليا أدى إلى تضخيم الشعور لدى العديد من الأميركيين بأن الانتخابات الرئاسية هذا العام تتجه نحو نهاية سيئة”.
تاريخ العنف السياسي
وبدورها، استذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز أحداث عنف سياسية سابقة شهدتها الولايات المتحدة قائلة إن بعض تلك الأحداث يعود إلى أكثر من 100 عام، ولفتت إلى أن الهجوم الأبرز في هذا الإطار هو اغتيال روبرت إف. كينيدي عام 1968، الذي كان حينها مرشحا بارزا في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الديمقراطي.
وأضافت أن آخر حدث من هذا النوع كان إطلاق النار عام 1981 على الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ريغان. وفي عام 1912، وأثناء حملته لولاية رئاسية ثالثة، تم إطلاق النار على ثيودور روزفلت قبل أن يلقي خطابا في حدث في ميلووكي.
وكان الرئيس جيرالد فورد، الذي تولى منصبه بعد استقالة ريتشارد نيكسون في عام 1974 على إثر فضيحة ووترغيت، هدفا لمحاولات اغتيال متتالية تكررت خلال شهر سبتمبر/أيلول 1975، وعلى مدى 17 يوما قام خلالها فورد بزيارات إلى كاليفورنيا قبل عام تقريبا من الانتخابات التي خسرها في النهاية.
العبرة من حادثة ريغان
واختارت باتي ديفيس، ابنة الرئيس الأميركي السابق ريغان، في مقال لها بنيويورك تايمز بعنوان “إطلاق النار يغير أسرة.. وقد يغير أمة”، في إشارة إلى تبعات إطلاق النار على أبيها عام 1981.
وبعدما وصفت ديفيس ما جرى ذلك اليوم وكيف ظهر والدها شاحب الوجه وما تلا ذلك من تطورات، قالت إن رصاصة واحدة قد تغير في لحظة مسار عائلة بأكملها.
وأضافت أن الولايات المتحدة الآن أكثر غضبا وأكثر عنفا مما كانت عليه في عام 1981، “ولا أعلم ما إذا كان هذا الحدث قد يخفف أيا من ذلك، لا أعرف ما إذا كانت عائلة ترامب ستمر بالتجربة نفسها التي مررت بها، وهي تجربة أمة تضع السياسة جانبا، وتستجيب ببساطة بطريقة إنسانية وبشرية، كما أنني لا أعرف كيف أو ما إذا كانت هذه التجربة ستغير السيد ترامب”.
وأضافت ديفيس أن أباها اعتبر أن الرب نجاه من تلك الرصاصة كي ينهي الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي.
وتمنت الكاتبة أن يغير حدث السبت الأمة الأميركية، وأن يكون عبرة للأميركيين كي يتذكروا من يجب أن يكونوا بعيدين عن الشحناء والبغضاء والسعي للحصول على الأسلحة ومحاولة التأثير على الانتخابات بإطلاق النار.