باجثون: الابتعاد عن الهواء الملوث يحد من خطر الإصابة بمرض باركنسون
تشير دراسة حديثة إلى أن كثرة التعرض للهواء الملوث لسنوات عدة قد يزيد من احتمال خطر إصابة الناس بمرض الشلل الرعاشي المعروف علميا بـ(باركنسون) في المستقبل.
ودأب الباحثون على البحث ومحاولة استكشاف العلاقة المحتملة بين تلوث الهواء وبين هذا المرض العضال الذي يؤدي إلى تدهور الخلايا العصبية في جزء الدماغ المسؤول عن التحكم في الحركة، مما يتسبب في تشويش الكلام والرعشة والتصلب.
ويعتقد العلماء، أن مرض الرعاش ينجم في الأساس عن عوامل وراثية وأخرى بيئية تمكن مرض باركنسون من الاستشراء والتفاقم، وفقا لباحثين من معهد بارو للأعصاب و”عيادة مايو” في الولايات المتحدة الأميركية.
ويعتقد الباحثون أن المحتملين الجسيمات الدقيقة الموجودة في الهواء الملوث، تشكل عاملا آخر مهما في الإصابة بهذا المرض، عن طريق الجهاز التنفسي الذي يلتقط تلك الجسيمات فتتلقفها الرئتان، فلا يقتصر تأثيرها على النزلات الصحية الآنية القصيرة المدى، من خلال أعراض في العينين والأنف والحنجرة وضيق التنفس… بل إنها قد تتجاوز ذلك كله، لتجعل جسم الإنسان بيئة خصبة للإصابة بأمراض ليس أقلها الشلل الرعاشي المعروف علميا بمرض (باركنسون)، بعد أن تعبر الحاجز الدموي الدماغي للشخص الذي يتعرض للتلوث الهوائي المزمن.
وتشير دراسة جديدة، نشرتها مجلة JAMA Network Open، إلى أن كمية تلوث الهواء التي يتعرض لها شخص ما بمرور الوقت هي أيضًا جزء مهم من اللغز – وأن الحد من التعرض يمكن أن يقلل من مخاطر مرض باركنسون ويغير كيفية تطور المرض.
كبير مؤلفي هذه الدراسة هو الدكتور رودولفو سافيكا، أخصائي الأعصاب في Mayo Clinic، وقد أكد لبرنامج Euronews Health، أن الحد من تلوث الهواء “لا يقتصر على منع تطور مرض باركنسون فحسب، بل إنه إلى جانب ذلك يحسن نوعية حياة المرضى الذين يعانون منه بالفعل”.
وقد شملت الدراسة حوالي 5200 شخص، بما فيهم 350 مصابًا بمرض باركنسون، وتتبعت مستويات تعرضهم للتلوث منذ العام 1998 إلى سنة 2019.
وقد وجد الباحثون أن الأشخاص يصبحون أكثر عرضة للإصابة بمرض باركنسون إذا كان لديهم مستويات أعلى من التعرض لاستنشاق تلك الجزيئات الصغيرة الملوثة، علاوة على استنشاق ثاني أكسيد النيتروجين المنبعث من السيارات أو من محطات الطاقة، وكذا انبعاثات الوقود الأخرى، في السنوات العشر التي سبقت تشخيصهم.
وأكدت الدراسة أن أهل الحضر معرضون للإصابة بالمرض أكثر من سكان الأرياف، بنسبة تناهز 23 في المائة.
كما أن كان المرضى الرعاش متفاوتون في دراجات التحكم في التشنجات العضلية في الوجه والذراعين والساقين، تبعا لتفاوتهم في التعرض للتلوث الهوائي، فكلما زادت التلوث زادت الرعشة وضعُف التحكم في حركة أجزاء الجسم.
ومن الجدير بالذكر أن مرضى الرعاش يقدر عددهم بنحو 10 ملايين شخص على مستوى العالم، والعدد آخذ في الازدياد في البلدان التي ترتفع فيها نسبة المسنين.
وقد شهد الاتحاد الأوروبي زيادة في الإصابة بالمرض، فبينما كانت النسبة في العام 2000م هي 244 مصابا في كل 100 ألف شخص، تزايد العدد في عام 2021، فأصبح 344 مصابا بمرض باركنسون في كل مائة ألف شخص في أوروبا.
ويأمل الباحثون أن يتمكنوا في المستقبل من استكشاف تأثيرات الأنواع الأخرى من التلوث الهوائي على مرضى الرعاش (باركنسون)، ليتمكنوا من فهم العلاقة بين العوامل الوراثية والبيئية بشكل أفضل.