في عام 2025.. كيف تحولت الألعاب إلى مصدر دخل مستدام؟
تطور قطاع الوظائف كثيرًا في العقود الماضية خاصةً مع بزوغ الوظائف المرتبطة بالتقنية وكل جوانبها، ونتج عن هذا التطور مجموعة من الوظائف الجديدة التي لم تكن معهودة سابقًا، بدءًا من الوظائف المتعلقة بصناعة المحتوى وتطوير المواقع واختبارها وحتى الوظائف المتعلقة بالعملات الرقمية والذكاء الاصطناعي.
ومن بين القطاعات التي شهدت ولادة وظائف جديدة هو قطاع الألعاب الإلكترونية، التي كانت الوظائف فيها سابقًا مقتصرة على مراحل تطوير اللعبة برمجيًا، ولكن اليوم، ومع تطور الألعاب الإلكترونية، أصبح من المعتاد أن نرى وظائف أكثر تعقيدًا في هذا القطاع.
ورغم وجود العديد من الوظائف التقليدية في قطاع الألعاب مثل تلك التي تتعلق بالبرمجة أو كتابة نصوص اللعبة أو القصة الخاصة بها وحتى رسم الشخصيات وتحريكها، فإن هناك وظائف أخرى مبتكرة وغير تقليدية يمكن لأي شخص مهما كانت مهاراته أن يعمل بها.
لكن تحقيق الدخل من قطاع الألعاب لا يقتصر على الوظائف المتعلقة بتطويرها فقط، بل أصبح من الممكن في عام 2025 أن يتحول قطاع الألعاب إلى مصدر دخل مستدام للعديد من محبي القطاع، وذلك عبر عدة طرق مختلفة.
قطاع يملك العديد من الفرص
يمتاز قطاع الألعاب عن غيره من القطاعات التقنية بسهولة الدخول نسبيًا إليه، إذ توجد العديد من الفرص التي يمكن للاعبين تحقيق دخل بها في عالم الألعاب، وذلك سواءً عبر تطوير الألعاب أو تعديلها أو بث الألعاب بشكل مباشر وصناعة المحتوى المتعلق بالألعاب فضلًا عن العمل بشكل مباشر مع الشركات المطورة للألعاب في أقسام مثل خدمة العملاء والدعم الفني أو اختبار الألعاب وإدارة المجتمعات.
وفق دراسة نشرها موقع “ستاتيستا” للإحصائيات، فإن قطاع الألعاب بشكل عام تمكن من توليد أكثر من 475 مليار دولار في عام 2024 مع توقعات بأن يتخطى 690 مليار دولار بحلول عام 2029 وقد نمى هذا القطاع أكثر من 200% منذ عام 2017.
ولدت هذه الأرباح من تضافر مختلف أجزاء هذا القطاع، بدءًا من صناعة الألعاب المختلفة ثم بيعها أو تعديل الألعاب أو الإعلانات داخل الألعاب والمشتريات الداخلية فضلًا عن بث محتوى الألعاب بشكل مباشر الذي يتولى مهمته ملايين صناع محتوى بثوث الألعاب في مختلف دول العالم دون أن يكون لهم علاقة مباشرة مع شركات تطوير الألعاب.
في كل جزء من هذا القطاع توجد العديد من الوظائف التي يمكن للأفراد شغلها سواءً كانت تحتاج إلى شهادات ومهارات خاصة أو لم تكن تحتاج إلى ذلك.
بث الألعاب مهنة في 2024
من بين الأجزاء المختلفة المكونة لقطاع الألعاب يأتي جزء بث الألعاب بشكل مباشر ليكون الخيار الأول والأكثر مثالية للعديد من المستخدمين والراغبين في تحقيق الدخل من الألعاب، وذلك لأنه لا يتطلب الكثير من المهارات الخارقة أو الدراسة لسنوات طويلة ويعتمد فقط على مهارة اللاعب.
وعند النظر إلى هذا القطاع بمفرده، فإنه وفق إحصاءات “ستاتيستا” قام بتوليد أكثر من 15 مليار دولار في الأرباح خلال عام 2024 بمفرده، ومن الجدير بالذكر أن هذه الأرباح تأتي على عدة أشكال سواءً كانت الإعلانات المباشرة مع صانعي المحتوى أو كانت مكافآت ممنوحة من منصات بث الألعاب مثل “تويتش” و”يوتيوب” أو تبرعات مباشرة إلى أصحاب البث.
توجد العديد من الأمثلة على صانعي محتوى ألعاب كانوا قادرين على تحقيق دخل هائل عبر بث الألعاب، بدءًا من ريتشارد تايلر بليفينز المشهور باسم “نينجا” والمعروف ببث ألعاب مختلفة مثل “فورتنايت” و”كول أوف ديوتي”، وقد تمكن “نينجا” من تحقيق أكثر من 500 ألف دولار شهريًا خلال عام 2024 عبر بث الألعاب.
ورغم أن “نينجا” هو حالة استثنائية تمكنت من تحقيق نجاح كبير، فإن هذا لا يعني أنه الوحيد، ويوجد العديد من صناع المحتوى القادرين على توليد أرباح تتراوح بين 100 دولار وحتى 10 آلاف دولار شهريًا.
الرياضات الإلكترونية وبطولات الألعاب
بزغت الرياضات الإلكترونية وبطولات الألعاب كواحدة من مصادر الدخل الجديدة غير المتوقعة والتي تزامنت مع رواج مجموعة من الألعاب التنافسية مثل “ليج أوف ليجندز” وغيرها، إذ تقوم الشركات والهيئات المختلفة بتنظيم بطولات رياضية تتنافس فيها الفرق المختلفة للفوز بجائزة كبرى.
وفق إحصائيات “ستاتيستا” فإن قطاع الرياضات الإلكترونية تمكن من توليد أكثر من 4 مليارات دولار خلال عام 2024 فقط، وهذا عبر البطولات المختلفة والجوائز العينية المقدمة لأبطال هذه الفرق، وفي المنطقة العربية بمفردها، توجد العديد من الحالات التي حققت نجاحًا واسعًا في هذا القطاع، مثل “سوريانو” الإماراتي الذي تجاوزت أرباحه 34 ألف دولار ومحمد طارق الشهير باسم (Mohamed Light) المصري الذي تمكن من تحقيق ما يقرب من 900 ألف دولار من الأرباح.
ولا يجب بالطبع إهمال بطولة كأس العالم في الرياضات الإلكترونية التي قامت السعودية بتنظيمها العام الماضي، إذ تجاوز مجموع الجوائز في هذه البطولة 60 مليون دولار.
اختبار الألعاب وظيفة
تعد وظيفة مختبر الألعاب إحدى الوظائف غير المألوفة في قطاع الألعاب والتي لا يبحث عنها الكثير من المستخدمين، ولكنها وظيفة مطلوبة وتسعى لها الشركات بكثرة، وتكون مسؤولية مختبر الألعاب هذا أن يقوم بتحميل اللعبة وتجريبها بشكل مكثف من أجل اكتشاف الأخطاء المختلفة الموجودة داخل اللعبة.
وعبر البحث في مواقع العمل الحر مثل “آب وورك” (Upwork) يمكن الوصول إلى العديد من الشركات التي تبحث عن مختبري ألعاب ذوي خبرة ومهارة كافية من أجل تجربة الألعاب واختبارها بشكل مكثف.
ومن الجدير ذكره أن هذه الوظائف عادة ما تضم متطلبات تقنية مثل المعرفة باللغات البرمجية أو غيرها من أجل اختبار اللعبة بشكل جيد، كما أنها تأتي مع عقود صارمة للحفاظ على سرية وخصوصية المعلومات الواردة إلى الموظف.
تعديل الألعاب وبيع النسخ الخاصة
تبدو وظيفة تعديل الألعاب كإحدى الوظائف غير الشرعية التي يمكن العمل بها، ولكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، فإن بعض مطوري الألعاب يتركون محرك اللعبة مفتوحًا ومتاحًا للمستخدمين المهرة من أجل تعديل اللعبة وإضافة تحسينات متنوعة عليها.
تظهر هذه الوظيفة بكثرة في ألعاب مثل “جي تي إيه 5″ (GTA 5) و”سكايرم” (Skyrim)، إذ يقوم الشخص بتعديل اللعبة وإضافة لمسات خاصة به ثم عرض هذا الوضع للشراء من قبل المستخدمين، وربما يقوم بعض المعدلين بتطوير نسخة محسنة من اللعبة أو نسخة تضم مستوى رسوميا أفضل، وبيعها أيضًا، وفي الكثير من الأحيان، تتواصل الشركات مع هؤلاء المعدلين لضمهم إلى فرق التطوير الخاصة بها.
وهناك جزء آخر من هذه الوظيفة، لكن هذا الجزء يعد حكرًا على لعبة “روبلوكس” و”ماين كرافت”، إذ يمكن في هؤلاء بناء ألعاب داخلية صغيرة، ويقوم المطور بتعديل اللعبة وإضافة اللمسات الخاصة به على عالم اللعبة ثم بيع النسخة الخاصة به لمحبي اللعبة، وذلك إما بيع نسخة نهائية أو حقوق الوصول إلى النسخة وإعادة استخدامها.
هل يمكن أن تتحول الألعاب إلى مصدر دخل مستدام؟
تتطلب الإجابة على هذا السؤال النظر إلى العديد من المتغيرات المختلفة، بدءًا من مهارة اللاعب ونوع الدخل الذي يرغب بتحقيقه، فضلًا عن نوع الوظيفة التي يسعى للعمل بها، ولكن بشكل عام، يمكن للألعاب أن تتحول إلى وظيفة دائمة أو أن تتحول إلى وظيفة مستقلة جانبية تدر دخلًا إضافيًا كبيرًا.