الذكاء الاصطناعي في التوظيف: 77% من الباحثين عن عمل يستخدمونه.. فهل يسهل الفرص أم يزيد الفجوات؟

كشف استطلاع فرنسي حديث أن أكثر من ثلاثة من كل أربعة باحثين عن عمل قد استخدموا الذكاء الاصطناعي في عملية البحث عن وظائف. وتشير النتائج إلى أن هذه التكنولوجيا أصبحت أداة رئيسية، لكنها في الوقت ذاته تبرز فجوة رقمية بين الفئات المختلفة من الباحثين عن العمل.
وفيما يتعلق بالأدوات الأكثر استخدامًا، أظهرت البيانات أن التوصيات التلقائية على منصات مثل لينكدإن كانت الأكثر شيوعًا، حيث لجأ إليها 63% من المشاركين مرة واحدة على الأقل. كما أفاد أكثر من 30% بأنهم استعانوا بروبوتات الدردشة لمساعدتهم في العثور على وظائف جديدة، مما يعكس تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تسهيل عمليات البحث والتوظيف.
لكن على الرغم من النظرة الإيجابية التي تعكسها هذه الأرقام، يحذر الخبراء من وجود تفاوتات رقمية تؤثر على فئات معينة من الباحثين عن عمل. فقد أشار جان كريستوف فيدال، المدير العام لمركز كونيكسيو، وهو مركز تعليمي غير ربحي شارك في إجراء الاستطلاع، إلى أن “رغم أن أكثر من 75% من الباحثين عن عمل يستخدمون الذكاء الاصطناعي، إلا أن الأشخاص الأقل تأهيلاً أو الأكبر سنًا لا يزال وصولهم إلى هذه الأدوات محدودًا”.
ووفقًا للبيانات التي شملت 5,300 باحث عن عمل في فرنسا، فإن الفجوة بين الأجيال تبدو واضحة، حيث استخدم 83% من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا الذكاء الاصطناعي في البحث عن عمل، مقارنة بـ 69% فقط من الباحثين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا. كما أن التحصيل الأكاديمي يلعب دورًا في هذا التفاوت، إذ قال 61% من الحاصلين على درجات عليا إنهم يشعرون بالراحة في استخدام الذكاء الاصطناعي للحصول على معلومات، مقابل 34% فقط من الحاصلين على مؤهلات التعليم الثانوي.
وفي سياق متصل، لا يقتصر استخدام الذكاء الاصطناعي على البحث عن الوظائف فحسب، بل أصبح أداة لتحسين طلبات التوظيف. فقد لجأ أربعة من كل 10 متقدمين إلى أدوات مثل كانفا وتشات جي بي تي لصياغة سيرهم الذاتية وخطابات التقديم، مما يعكس تحولًا كبيرًا في كيفية إعداد المستندات المهنية. لكن في المقابل، لا تزال هناك مخاوف، حيث أبدى نفس العدد تقريبًا من المشاركين قلقهم من تأثير الذكاء الاصطناعي على عملية التوظيف، مشيرين إلى قضايا مثل غياب التفاعل البشري وحماية البيانات الشخصية.
ومن جانبه، أوضح سيريل نوفو، مدير الإحصاءات والدراسات في خدمة التوظيف العامة فرانس ترافايل، أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد مسألة خوارزميات وأداء تكنولوجي، بل يعتمد تأثيره على كيفية استخدامه وتخصيصه. وأضاف أن نتائج هذا الاستطلاع ستساعد في تطوير برامج تدريبية وأدوات مخصصة لدعم الباحثين عن عمل بشكل أكثر فعالية.
وفي الوقت نفسه، لم يعد الذكاء الاصطناعي مقتصرًا على الباحثين عن عمل، بل امتد ليشمل مسؤولي التوظيف أيضًا. فقد كشف تقرير لينكدإن 2024 حول مستقبل التوظيف أن أكثر من نصف مسؤولي التوظيف يعتمدون على الذكاء الاصطناعي التوليدي في صياغة توصيفات الوظائف، مما يعكس دوره المتزايد في مختلف مراحل سوق العمل.