أعين الصحافة على الانتخابات الأميركية في 10 شهور.. الصحة والبيئة الأقل تغطية ونصيب الأسد للكاريزما
الانتخابات الأميركية 2024
ربما كان السباق الرئاسي الأميركي هو الحدث الأهم خلال عام 2024، لذا بدأت الصحافة بتغطية جهود المرشحين بشكل كامل منذ مطلع هذا العام، ورغم التغييرات التي طرأت على قائمة المرشحين قرب منتصف العام فإن تغطية الصحافة لم تهدأ على الإطلاق.
وفي العادة، ينطلق المرشحون في جولة ترويجية لجمع الأصوات في مختلف مناطق الولايات الأميركية، سواءً كانت موالية للمرشح وحزبه أم لا. وعبر هذه الجولة، يتحدث المرشحون عن أهم المواضيع التي تشغل الشارع الأميركي فضلًا عن توضيح الأركان الأساسية لبرامجهم.
وضمن محاولات جذب الناخبين، يعتمد المرشحون على المنصات الصحفية المختلفة لنقل آرائهم وبرامجهم إلى جميع المواطنين الذين قد لا يتمكنون من حضور الجولة الانتخابية، لذا فإن الصحافة في العادة تغطي كافة الجوانب المتعلقة بالبرنامج الرئاسي، وهنا يأتي دور صفحة اختبار قياس “مشاعر الإعلام” من أجل الحصول على نظرة عامة حول التغطية الصحفية.
تغطية مكثفة لكاريزما المرشحين
تناولت الأخبار الصحفية كافة جوانب الحملات الرئاسية بدءًا من آراء المرشحين حول وضع المهاجرين إلى أميركا وحتى مشاكل التعليم والبيئة والصحة، ولكن شخصية المرشحين كان لها نصيب الأسد من هذه التغطية.
وعند فحص تغطية الأخبار التي تمت حول شخصية المرشحين خلال الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى نوفمبر/تشرين الثاني عبر اختبار قياس “مشاعر الإعلام” فإن الاختبار يشير إلى وجود 55% من إجمالي الأخبار فقط يدور حول شخصية المرشحين مع عدد 1860، متغلبًا بذلك على كافة الأخبار والزوايا الأخرى.
ويظهر الفحص المعمق أكثر أن الأخبار حول شخصية المرشحين ازدادت بشكل كبير في يوليو/تموز الماضي، وهو الأمر الذي تزامن مع انسحاب الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن من السباق الرئاسي وترشح كامالا هاريس بدلًا منه، إلى جانب محاولة اغتيال دونالد ترامب وإطلاق النار عليه.
وبالطبع يعد هذا الارتفاع أمرًا متوقعًا ومنطقيًا، كون الطرفين مرا بأحداث هامة تزيد من حديث الإعلام عنهما، سواءً كانت محاولة اغتيال ترامب والتغطية الإعلامية المتعلقة بها وعن المهاجم وحالته النفسية وأسبابه أو حتى عن المرشح الرئاسي ذاته وكيف أثرت هذه المحاولة فيه فضلًا عن حالته الصحية، وكذلك الأمر مع هاريس التي كان دخولها ساحة الانتخابات دراميًا بشكل كاف بعد تنحي الرئيس بايدن عن السباق في وقت كان متعادلًا فيه مع ترامب وفق ما نقلته “بلومبيرغ” آنذاك.
ومن ضمن التغطية التي تمت لشخصية المرشحين الرئاسيين، قام مركز “بيو” للأبحاث النفسية (Pew Research Center) بنشر تقرير مفصل حول تأثير شخصية كل مرشح على الناخبين وكيف يرونه، وبحسب التقرير فإن ترامب يتمتع بشخصية أكثر جاذبية ويتسبب في كلام إيجابي أكثر من هاريس.
ولا يجب التغاضي عن المفاجآت التي يقوم بها ترامب من وقت لآخر سواءً كانت عبر الظهور في مطاعم “ماكدونالدز” (McDonald’s) الذي قامت الكثير من الصحف المحلية والعالمية بتغطيته بشكل إيجابي كونه يحاول الاقتراب من ناخبيه بشكل أفضل، فضلًا عن الدعم الواسع الذي يتمتع به من قبل المشاهير بدءًا من الشخصيات العامة مثل دكتور فيل المذيع الشهير أو إيلون ماسك وحتى الممثلين والمطربين المشهورين من أمثال ليل واين و50 سينت أو كاني وميل جيبسون وغيرهم الكثير.
ظهور طفيف حول أخبار الصحة والبيئة
وبشكل مغاير، لم يكن للأنباء الخاصة بالصحة والبيئة الظهور الملائم في التغطية الإعلامية لكلا الطرفين، إذ يشير اختبار قياس “مشاعر الإعلام” الخاص بالجزيرة إلى وجود 21 خبرا يتحدث عن كل موضوع منهما، وذلك بنسبة 0.62% لكل من الرعاية الصحية والبيئة.
ومن ضمن هذه الأنباء، فإن هاريس تمتع بالجاذبية الأكبر في قطاع الصحة نظرًا لآرائها التي تتوافق بشكل كبير مع متطلبات الشعب الأميركي، إذ تحاول خفض تكاليف الرعاية الطبية وتوفير عدد من الأدوية بشكل مدعم لمن يحتاجها بصورة دائمة ولكبار السن، مثل أدوية “الأنسولين” الخاصة بمرضى السكري، وقد وعدت المرشحة الديمقراطية في أكثر من مناسبة أن الصحة جانب هام ومحوري في خطتها الانتخابية.
وعلى النقيض تمامًا، يظهر ترامب أنه لا يملك خطةً واضحة لتحسين الحالة الصحية للمرضى أو توفير رعاية صحية أفضل للشعب الأمريكي، إذ اكتفى بالتوضيح أنه يملك مجموعة من “التصورات المستقبلية” حول الوضع الصحي دون وجود خطط ثابتة.
كذلك الأمر مع الأخبار المتعلقة بالبيئة، إذ تنظر هاريس إلى الأزمات المناخية بعين قلقة للغاية، وترى أن السيارات الكهربائية حل مثالي لعدد كبير من الأزمات، وذلك عكس ترامب الذي ينوي رفع الضرائب المفروضة على مالكي السيارات الكهربائية من مختلف الطرز والأنواع.
ومن الجدير بالذكر أن هاريس ترى الناخبين الأميركيين مساهمين بشكل كبير للغاية في تقرير مصير المناخ العالمي، وهذه الرؤية تقف على التضاد من رؤية ترامب التي تبغض نشطاء حماية البيئة وتشكك بشكل كبير في الأزمات المناخية العالمية فضلًا عن تغيير المرشح الجمهوري لأكثر من 100 قانون بيئي خلال فترته الرئاسية السابقة.
وربما كانت هذه الآراء المتضادة هي السبب الذي يجعل كلا الطرفين يبتعد في حديثه عن الصحة والبيئة، فقد أوضح كل طرف نيّته المتعلقة بهذا المجال، ولا يرى طائلًا من الحديث عنها مجددًا، أو هذا ما يشير إليه غياب الأنباء عنها بشكل كبير.
ويظهر غياب الأنباء بشكل أوضح عند محاولة استخدام محركات البحث المختلفة مثل “غوغل” إذ يصعب الوصول إلى العديد من الأخبار المختلفة والمتنوعة عن آراء شخص بمفرده حول هذه النقاط. ورغم هذا، فإن كلا المرشحين تحدث في العديد من المحاور الاقتصادية والسياسية وبالطبع أزمة المهاجرين وغيرها.