ريال مدريد ليس بخير.. شجرة التتويج بكأس القارات لا تحجب غابة الأداء المتواضع
ملعب لوسيل- صحيح أن ريال مدريد توج بلقب كأس القارات إثر فوزه على باتشوكا المكسيكي بثلاثية في النهائي، وصحيح أيضا أنه اللقب التاسع العالمي للملكي، لكن معظم من شاهد المباراة خرج بخلاصة مفادها أن ريال مدريد ليس بخير.
الميرنغي -الذي لعب فقط المباراة النهائية بصفته بطل أوروبا- واجه فريقا متواضعا وكان قاب قوسين أو أدنى من الإقصاء أمام الأهلي المصري لولا رعونة لاعبي الأهلي في إهدار الفرص خلال المباراة، وفقدانهم التركيز في ركلات الترجيح، ليتأهل الفريق المكسيكي “المحظوظ” بعد أن أهدر لاعبوه أول ركلتي جزاء.
وكان باتشوكا الذي حضر إلى الدوحة قبل أسبوعين وواجه بوتافوغو البرازيلي (3-0) في ربع النهائي، والأهلي المصري (6-5 بركلات الترجيح) في نصف النهائي بخلاف ريال الذي تأهل مباشرة إلى النهائي، ووصل للدوحة الاثنين.
أبطال أوروبا لعبوا بكتيبة مدججة بالنجوم، في مقدمتهم الفرنسي كيليان مبابي الذي غاب عن مباراة رايو فايكانو للإصابة، إضافة إلى فينيسيوس جونيور الفائز بجائزة “الأفضل” المقدمة من قبل الفيفا لأفضل لاعب في العالم عام 2024.
دفاع هش
أي أن الريال كان يحترم خصمه واستعد له بشكل جيد، ولهذا لعب الإيطالي كارلو أنشيلوتي (المدرب الأكثر تتويجا بالألقاب في تاريخ الريال بـ15 لقبا) بخطة متوازنة وهي 4-2-3-1، وأشرك قائد منتخب فرنسا كرأس حربة وخلفه الثلاثي فينيسيوس ومواطنه رودريغو والإنجليزي جود بيلينغهام، وفي خط الدفاع أعاد أسينسيو لدكة البدلاء وأشرك الفرنسي تشواميني كقلب دفاع ثانٍ إلى جانب الألماني أنطوني روديغر، والظهيرين فران غارسيا ولوكاس فاسكيز، وكان الدفاع هشا وسهل اختراقه وارتكب أخطاء كثيرة.
أمام 67 ألف مشجّع، كان باتشوكا البادئ بالتهديد بقيادة جناحه المغربي أسامة الإدريسي وقائده الدولي الفنزويلي المخضرم سالومون روندون، وكاد يفتتح التسجيل من تسديدة قوية خادعة من مسافة بعيدة أبعدها الحارس البلجيكي تيبو كورتوا بصعوبة إلى ركنية.
وتدخل كورتوا في توقيت مناسب لقطع انفراد ألان باوتيستا داخل المنطقة إثر تمريرة من إلياس مونتيل، وتوغل الإدريسي من الجهة اليسرى وسدد كرة قوية أبعدها كورتوا بصعوبة خارج الملعب.
وحتى تسجيل مبابي الهدف الأول في الدقيقة الـ37، كان باتشوكا الأفضل والريال لم يدخل في أجواء المباراة.
هذا الفوز الكبير وتتويج فينيسيوس -الذي صنع الهدف الأول لمبابي وسجل الهدف الثالث من ركلة جزاء كان قريبا من صدها حارس باتشوكا- بجائزة أفضل لاعب في البطولة وأفضل لاعب في المباراة، لا يعود إلى اللعب الجماعي أو شخصية الفريق كما زعم أنشيلوتي، لكن يعود لجودة اللاعبين الحاسمين وعلى رأسهم بيلينغهام الذي كان أفضل لاعبي الملكي على الصعيدين الهجومي والدفاعي، وفاز بالكثير من الثنائيات ونجح في السيطرة على خط الوسط وتمرير الكرات لزملائه، وكان أول سد أمام هجمات الفريق المكسيكي.
وفي تصريح أنشيلوتي للصحفيين الذين كان بينهم موفد الجزيرة نت، قال المدرب الإيطالي المخضرم “أُعجبت اليوم حقا بسلوك اللاعبين. صنعوا الفارق في الهجوم. فينيسيوس قدم مباراة كبيرة. قدمنا أداء جيدا على المستوى الهجومي.. لدينا كفاءة ضخمة. كيليان (مبابي) قدم مباراة جيدة ورودريغو سجل الهدف الثاني.. نحن سعداء للغاية لأننا فزنا بلقب بعيدا عن بلادنا وفي منتصف موسم مزدحم”.
وفي ثنايا تصريح أنشيلوتي تأكيد على أن الهجوم واللاعبين كأفراد هم من صنعوا الفارق وليس المجموعة، خاصة أن الريال بتاريخه وألقابه ونجومه لم يستطع محاصرة الفريق المكسيكي، الذي يعاني في الدوري المحلي ولم يسيطر على المباراة بشكل كامل رغم أن الاستحواذ كان في صالحه (65% مقابل 35%).
وفي تشريح للأهداف الثلاثة التي جاءت من فرديات فينيسيوس ورودريغو ولوكاس فاسكيز:
- توغل فينيسيوس داخل منطقة جزاء باتشوكا، وتلاعب بالحارس كارلوس مورينو، وهيأها لمبابي الذي سجلها بسهولة في الشباك بملعب “لوسيل”، وابتسم الملعب “الأيقوني” هذه المرة لقائد منتخب الديوك الذي خسر نهائي مونديال قطر أمام المنتخب الأرجنتيني بركلات الترجيح.
- هدف رائع لرودريغو الذي تلاعب بأكثر من مدافع عند حدود المنطقة قبل أن يسددها بيمناه في الزاوية اليسرى البعيدة للحارس مورينو.
- حصل لوكاس فاسكيز على ركلة جزاء إثر عرقلته من الإدريسي داخل المنطقة فانبرى لها فينيسيوس.
ولم يكن الحارس تيبو كورتوا في نزهة بل تصدى لأكثر من كرة خطيرة كانت يمكن أن تهز شباكه.
وفي التدقيق بالأرقام أكثر، يتبين أن ريال مدريد سدد 12 مرة على المرمى، بينها 5 بين الخشبات الثلاث، مقابل 12 مرة للفريق المكسيكي، بينها 4 مرات على المرمى.
وفي المرات الخمس الذي سدد فيها الريال على المرمى سجل منها 3 أهداف، أما المرات الخمس لباتشوكا فلم يستطع هز الشباك.
الفارق بين الفريقين لم يكن فقط بالمستوى الفني بل أيضا على صعيد الخبرة، فالميرينغي خاض النهائي الـ11 في بطولة تابعة للاتحاد الدولي (فيفا)، وأحرز لقب كأس العالم للأندية 5 مرات، وكأس الإنتركونتيننتال 4 مرات.
وغادر جماهير ملعب “لوسيل” المونديالي الذين قدر عددهم بأكثر من 67 ألفا، و99% منهم من عشاق “لوس بلانكوس” منتشين بالفوز والنتيجة العريضة واللقب الخامس في 2024، لكن لم يكن معظمهم مقتنعا بأن هذا الريال قادر على المنافسة محليا وقاريا، محملين بخلاصة وسؤال: هل تحجب شجرة التتويج بكأس القارات غابة الأداء المتواضع؟