يوم خطط شارون لتفجير ملعب بيروت لاغتيال عرفات
“البلدوزر” والسمكة المالحة
كان ” البلدوزر” -الاسم الذي أطلق على شارون في إسرائيل- مصمما “بشكل جنوني” على اغتيال عرفات، حسب الكاتب رونين بيرغمان، معتقدا أن العملية “ستغير مسار تاريخ الشرق الأوسط”.
يقول الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في إحدى لقاءاته، إن أرييل شارون اعترف بتدبير 14 محاولة لاغتياله حتى 1982، حصلت معظمها في بيروت، بخلاف محاولات أخرى كثيرة جرت لاحقا.
ويذكر بيرغمان في كتابه “انهض واقتل أولا” أن وزير الدفاع شارون أقال قائد المنطقة الشمالية (جبهة لبنان) أفيغدور بن غال في ديسمبر/كانون الأول 1981، “فذلك الذي كان يخطط لقتل العشرات من القيادات الفلسطينية وشن حربا لا هوادة فيها ضد الفلسطينيين في لبنان، كان في نظر شارون طيب القلب ويفتقد للرؤية الجذرية”، وفق تعبيره.
جاءت الإقالة أيضا ضمن خطة مضمرة من شارون لغزو شامل للبنان من أجل القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، وهو ما حصل في السادس من يونيو/حزيران 1982. لكن عرفات لم يكن هدفا سهلا، فقد اكتسب براعة فائقة في التخفي، وغريزة أمنية قوية ومرونة في الحركة، مكنته من تفادي مصير الكثير من القيادات المقربة منه.
بأوامر من شارون، شكل كل من إيتان ومئير داغان، فرقة خاصة من جنود وحدة “سيريات ميتكال” بقيادة المقدم أوزي دايان، وكانت مهمتها العثور على عرفات في بيروت واغتياله بأي ثمن، وأطلق على العملية اسم “السمكة المالحة” (التسمية التي أطلقت على عرفات)، وشاركت فيها أيضا وحدة التنصت في المخابرات العسكرية (أمان) وجيش من المخبرين في بيروت.
استطاعت وحدة “سيريت متكال”، بمساعدة عملاء الموساد على الأرض، وعبر التنصت على اتصالات منظمة التحرير الفلسطينية واعتراض وتعقب مكالمات بعض مرافقي عرفات، الحصول على معلومات عن الأماكن التي كان يفترض أن يكون فيها في بيروت المحاصرة، واستهدفته عدة مرات.
باءت محاولات عديدة لاغتيال “الختيار” بالفشل، بعضها بشكل لا يصدق بحسب أوزي دايان: “إذ تمكن عرفات من النجاة مرة تلو الأخرى”. ويورد رونين برغمان في كتابه أن وحدة “سيريت ميتكال” التقطت في إحدى المرات مكالمة من عرفات نفسه، فأُرسلت مقاتلتان لقصف المبنى المكون من 6 طوابق في بيروت الغربية مصدر المكالمة، وبعد أن سوّي المبنى بالأرض، اتضح أن عرفات كان قد غادره قبل ثوان قليلة.
كانت وحدة “سيريت متكال” وفريق عملية “السمكة المالحة” محبطين من الإفلات المستمر لهدفها “الأغلى” في بيروت، فقد أدرك “أبو عمار” أن القصف المتكرر لمواقع كان فيها أمر مخطط وممنهج، فاتخذ إجراءات أمنية أكثر صرامة، وغير نمط حركته وأماكنه باستمرار، كما بات يحدد عدة اجتماعات في آن واحد وينثر المعلومات بشأنها على مساعديه للاشتباه بأن يكون أحدهم عميلا.
ويقول رونين بيرغمان إن يأس فريق وحدة “السمكة المالحة” بعد فشل الكثير من العمليات والأفكار “لاصطياد” عرفات قادهم إلى تغيير تكتيكاتهم، بما فيها ملاحقة مجموعة من القتلة المحترفين لـ3 صحفيين إسرائيليين كانوا سيجرون مقابلة مع عرفات في بيروت الغربية (الصحفي يوري أفنيري والمراسل ساريت ييشاي والمصور يدعى أنات سارغوستي)، لكن عرفات وفريقه الأمني نفذوا خطة تمويه وخداع محكمة جعلت قتلة وحدة “السمكة المالحة” يفقدون آثار الصحفيين الثلاثة في أزقة بيروت ومتاهاتها.