هكذا ينظر الإسرائيليون إلى ضربات الحوثيين
مراسلو الجزيرة نت
القدس المحتلة- حمل التصعيد بالهجمات الصاروخية الباليستية التي يشنها الحوثيون على عمق إسرائيل -في طياته- رسائل متعددة تعكس المخاوف الإسرائيلية من جبهة اليمن، وعجز الهجمات -التي تقوم بها إسرائيل والتحالف بقيادة الولايات المتحدة- عن ردع الحوثيين من مواصلة الهجمات وتوسيعها لتطال منشآت بنية تحتية إستراتيجية.
وبينما تعتمد إسرائيل لغة الوعيد والتهديدات بشن المزيد من الهجمات على مشاريع البنى التحتية في اليمن، أعلن الحوثيون أنهم استهدفوا -فجر الأحد- محطة كهرباء “أوروت رابين” الإسرائيلية في مدينة الخضيرة جنوب حيفا بصاروخ فرط صوتي طراز “فلسطين 2” في وقت نفذ فيه التحالف الأميركي البريطاني غارات على شمالي اليمن.
وفي قراءة للهجمات الصاروخية التي تشنها جماعة الحوثي على عمق الجبهة الداخلية الإسرائيلية، توافقت قراءات المحللين وتقديرات مراكز الأبحاث فيما بينها على أن إسرائيل تفاجأت من جبهة اليمن ولم تكن مستعدة حتى لتطوير قدراتها العسكرية ضد الحوثيين، وأجمعت أنه لا توجد طرق مختصرة لردعهم.
وفي استعراض للمخاوف الإسرائيلية من جبهة اليمن، سلطت قراءات المحللين على سياسات واهتمامات الحوثيين بالقضية الفلسطينية، حيث تحولوا بفضل نصرة غزة خلال الحرب الإسرائيلية إلى قوة إقليمية ذات مكانة ونفوذ حتى خارج حدود اليمن، علما بأن هدفهم المعلن -من وجهة النظر الإسرائيلية- هو “القتال حتى الموت ضد أعدائهم في العالم العربي والغرب وإسرائيل واليهود”.
وأشارت التحليلات الإسرائيلية إلى أنه لا يمكن سد الفجوات والنقص بالمعلومات الاستخباراتية أو القضاء على تهديدات الحوثيين بـ”كبسة زر” وأجمعت على أن إسرائيل ليس بمقدورها القضاء على التهديدات من اليمن لوحدها، وهي بحاجة لوضع إستراتيجية ضد الحوثيين، من خلال الشراكة مع الولايات المتحدة ورئيسها المنتخب.
محمل الجد
وكتب المستشار الإستراتيجي للشؤون الأمنية والإعلامية أوفير ديان مقالا بالموقع الإلكتروني “والا” تحت عنوان “خذوا اليمنيين على محمل الجد.. السخرية من الحوثيين تخفي مشكلة أعمق في المجتمع الإسرائيلي” استعرض من خلاله تعامل الإعلام الإسرائيلي بسخرية مع هجمات جماعة الحوثي، وكذلك تكتم المؤسسة الإسرائيلية عن طبيعية الهجمات الصاروخية التي باتت تهدد مواقع إستراتيجية.
ويعتقد ديان أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وأجهزة الاستخبارات التي ما زالت تجهل مكونات وطبيعية عمل الحوثيين والهجمات الإستراتيجية التي تشنها، والتي باتت تشكل تهديدا للجبهة الداخلية الإسرائيلية، لديها هواجس ومخاوف من تصعيد الهجمات من اليمن.
ويوضح “لكن حتى الآن، وعلى الرغم من هواجس المؤسسة الأمنية والتقييدات التي لديها بمواجهة تهديدات الحوثيين، ثمة انطباع بأن المجتمع الإسرائيلي -بمختلف مركباته- ليس مدركا لطبيعة التهديدات من اليمن، ويفتقد القدرة على فهم الأيديولوجيا التي يؤمن بها الحوثيون، باعتبار أنهم ليسوا مصدر إزعاج يمنع الإسرائيليين من النوم”.
تهديد إستراتيجي
ذات الطرح تبناه إيال زيسر الخبير في شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا ونائب رئيس جامعة تل أبيب، حيث أكد أن الحوثيين “لا يشكلون مصدر إزعاج بل يشكلون تهديدا إستراتيجيا لإسرائيل” قائلا “إذا كان ينظر في البداية للتهديد من اليمن على أنه مثير للفضول، فمن الواضح اليوم أنه أصبح ساحة تهديد مركزية”.
وانتقد في مقال له بصحيفة “إسرائيل اليوم” التعامل مع التهديدات والهجمات الصاروخية لجماعة الحوثي على مواقع إسرائيلية، واصفا الهجمات الإسرائيلية على أهداف البنية التحتية باليمن على أنها “علاقات عامة”.
ويشير الخبير الإسرائيلي إلى أن حتى التحالف الدولي برئاسة واشنطن بات عاجزا عن ردع الحوثي، وبرر هذا الطرح بأن “الهجمات محدودة وليست لها تأثير على القدرات الصاروخية والعسكرية للحوثيين”.
ويعتقد أن الساحة اليمنية أصبحت مهمة، ليس فقط لأنها تستهدف عمق إسرائيل بل في منطقة الشرق الأوسط، قائلا “تكمن الأهمية التي يجب أن ننسبها إلى الحوثيين في حقيقة أنهم أصبحوا يشكلون تهديدا حقيقيا، والذي سوف يتصاعد وسيؤثر سلبا على روتين حياة الإسرائيليين، وأيضا سيؤثر على الاستقرار الإقليمي، وقد يؤدي لحرب شاملة”.
وعن شلل حركة الشحن بالبحر الأحمر وإغلاق ميناء إيلات، أكد زيسر أن ذلك “تسبب أيضا بالمساس بالاقتصاد المصري الذي يعتمد على عائدات الشحن بقناة السويس، وهو ما قد تكون له عواقب على استقرار النظام المصري، ولن يتوقف الحوثيون، فالسعودية والإمارات وحتى الأردن في مرمى نيرانهم أيضا”.
عدم جاهزية
وقدم معهد “مشغاف” للأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية مقاربة بين تعامل ونظرة المجتمع الإسرائيلي لهجمات الحوثيين والتهديدات الإستراتيجية للهجمات الصاروخية من اليمن على العمق الإسرائيلي، مشيرا -في تقدير موقف أعده الدكتور يوسي منشروف الباحث في التنظيمات الشيعية المسلحة- إلى أن إسرائيل تفاجأت من جبهة اليمن ولم تكن مستعدة لمواجهة التهديد الحوثي.
وأوضح أن التحدي الذي يشكله الحوثيون لإسرائيل أصبح محسوسا بقوة أكبر منذ أن دخل وقف النار مع حزب الله حيز التنفيذ، حيث باتت إسرائيل تواجه بوتيرة أعلى الهجمات الصاروخية الباليستية التي تطلق من اليمن، دون أن تشكل الهجمات الإسرائيلية على هذا البلد رادعا للحوثيين الذي صعدوا باستهداف حتى المواقع الإستراتيجية بإسرائيل.
وقال الباحث الإسرائيلي إن بناء القوة لدى الحوثيين متنوع، ويتكون من القدرات العسكرية التي اكتسبوها تحت رعاية فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، كما يضمن التحسن في هذه القدرات -التي تعتمد على المساعدات والمعرفة الإيرانية- وعلى القدرات الذاتية للحوثيين الذين أظهروا تحسنا بالقدرات العسكرية واستقلالية في قرارتهم بمعزل عن سياسات وتوجهات طهران.
ويختم بقوله “يمكن لإسرائيل -بل وينبغي عليها- تقليص الفجوات بالاستعداد ضد الحوثيين، من خلال العمل الوثيق والمشترك مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترامب الذي يبدو أنه يظهر اهتماما متزايدا باحتياجات إسرائيل، وكذلك بالتهديد الذي تشكله إيران وشبكة وكلائها بالمنطقة، وعليها صياغة إستراتيجية مشتركة مع الأميركيين لمواجهة الحوثيين”.