محللون: إقالة غالانت تعمق الشرخ بإسرائيل وتطيل أمد الحرب
6/11/2024–|آخر تحديث: 6/11/202410:11 م (بتوقيت مكة المكرمة)
القدس المحتلة- يرى محللون أن إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعمق الشرخ بالمجتمع وتزيد الاستقطاب السياسي، وهي خطوة من شأنها أن تطيل أمد الحرب على جبهتي غزة ولبنان.
وأتت إقالة وزير الدفاع بمسعى من نتنياهو لضمان استقرار الائتلاف والإبقاء على حكومته حتى نهاية ولايتها في أكتوبر/تشرين الأول 2026، وذلك في ظل إصرار غالانت على تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي الذي يعاني نقصا بالقدرات البشرية مع استمرار الحرب.
وقُوبلت إقالة غالانت في أوج الحرب المتعددة الجبهات، واحتمال توسعها لحرب إقليمية تشارك فيها إيران، بانتقادات شديدة اللهجة من المحللين وقيادات أحزاب المعارضة، الذين اتهموا نتنياهو بتعريض الأمن القومي الإسرائيلي للخطر من أجل مصالحه الشخصية والحزبية وضمان بقائه على كرسي رئاسة الوزراء.
وأعادت هذه الخطوة إلى المشهد السياسي الإسرائيلي قرار نتنياهو مارس/آذار 2023 عندما أقال غالانت الذي أبدى تحفظه على خطة الحكومة في إجراء تعديلات على الجهاز القضائي، وحذر حينها من تداعيات وتأثير اتساع الاحتجاجات بالشارع الإسرائيلي على خطة إضعاف القضاء وعلى المؤسسة العسكرية، وهو ما قد يؤدي إلى المساس بالأمن القومي الإسرائيلي.
نظام جديد
وصف عضو هيئة تحرير الموقع الإلكتروني “تايمز أوف إسرائيل” أمير بن ديفيد إقدام نتنياهو على إقالة غالانت بـ”نظام داخلي جديد”، في إشارة منه إلى إمعان نتنياهو بفرض وقائع بالمشهد السياسي الإسرائيلي تمكّنه من البقاء على كرسي رئاسة الوزراء لأطول فترة ممكنة.
ويعتقد بن ديفيد أن إقالة غالانت تمهد إلى إحكام سطوة نتنياهو على المؤسسة العسكرية من خلال تعيين يسرائيل كاتس وزيرا للدفاع، حيث ينظر إلى هذا التعيين على أنه شكلي، لأنه سيبقي نتنياهو صاحب القول الفصل بكل ما يتعلق بسير الحرب وتطورها.
ويحاول عديد من مؤيدي نتنياهو -حسب ما يقول الكاتب الإسرائيلي- وصف إقالة غالانت بأنها “خطوة ذكية ورائعة من قبل الساحر السياسي، الذي تمكن من إحباط تهديد تفكك الائتلاف وصرف أنظار الجمهور عن الفضائح العديدة التي بدأ نشرها في ما يتعلق بسلوك مكتبه في الحرب، وقد فعل ذلك بينما أنظار العالم أجمع تتجه نحو الانتخابات الدراماتيكية بالولايات المتحدة”
ويضيف بن ديفيد أن كل هذه التفاصيل والتبريرات ما هي إلا “ستار من الدخان يخفي حقائق بسيطة وكئيبة مفادها أن رئيس وزراء إسرائيل، ومن أجل خدمة احتياجاته السياسية وبقائه الشخصي بالحكم، مستعد للمقامرة بمصير وأمن البلاد”.
سطوة نتنياهو
وعلق يوسي فيرتر، محلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس، على إقالة غالانت بالقول إن “ما قام به نتنياهو يثير رعبا حقيقيا بإسرائيل على مستوى لم نعرفه بعد، فرئيس الوزراء منشغل في محاكمته بتهم فساد، وفي إحباط التحقيق بإخفاقات ما جرى يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وكذلك في تحقيق الشاباك في سرقة المعلومات السرية المتعلقة بحرب غزة وتسريبها لصحف أجنبية”.
ويعتقد محلل الشؤون الحزبية أن إقالة غالانت التي من شأنها أن تعزز سطوة نتنياهو على المشهد السياسي والمؤسسة العسكرية والأمنية، تمهد إلى إقالات أخرى قد تشمل رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الشاباك رونين بار، والمستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، الذين ينظر إليهم نتنياهو على أنهم تهديد لولاية حكومته، وعائق أمام سياساته بخصوص الحرب وصفقة التبادل.
ووصف محلل الشؤون الحزبية نهج نتنياهو والإجراءات التي يقوم بها في ذروة الحرب بـ”الجنون”، لافتا إلى أن هذه الإجراءات تشير إلى “الطريقة التي يعمل بها الدكتاتور”، مقدرا أن نتنياهو الذي يوظف أهداف الحرب من أجل بقاء حكومته حتى أكتوبر/تشرين الأول 2026، يقود إسرائيل نحو الدكتاتورية.
وأوضح فيرتر أن المرة الأولى التي أقيل فيها غالانت، مارس/آذار العام الماضي، كانت بسبب تحذيره من “خطر واضح وفوري على أمن إسرائيل إذا استمر الانقلاب القضائي”، وفي المرة الثانية أقيل بسبب إحباط مخطط نتنياهو للالتفاف على القانون، الذي يضمن استمرار تهرب عشرات الآلاف من اليهود الحريديم من الخدمة العسكرية.
خطر حقيقي
وفي استعراض لتداعيات إقالة غالانت على سير الحرب، يعتقد المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، إن خطوة نتنياهو هذه تهدد الأمن القومي لإسرائيل وتضع قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية قبالة معضلة رهيبة، بعد مرور 13 شهرا على هجوم حركة حماس المفاجئ على مستوطنات “غلاف غزة”، وبعد أن أدركت إسرائيل عمق الشرخ المجتمعي وتعاظم الاستقطاب السياسي فيها.
ويقول هرئيل “في الوقت الذي توجد فيه فرص الحرب بأوجها وتبتعد عن الحسم، يجدد نتنياهو تهديده المباشر للديمقراطية”، مقدرا أن إقالة غالانت لن تكون الخطوة الأخيرة التي يخطط لها نتنياهو، وهو ما يطرح أسئلة حول أهلية رئيس الوزراء بالاستمرار في تولي منصبه في ظل الحرب، حيث يتعين على قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية مواجهة إجراءاته التي قد تطالهم مستقبلا.
وفي قراءة تحليلية لمدى تأثير إقالة غالانت على الوضع الأمني والحرب على غزة ولبنان، يستشرف المحلل العسكري في صحيفة “إسرائيل اليوم” يوآف ليمور مخاطر محدقة بالأمن القومي، قائلا إن “إقالة وزير الدفاع في أوج الحرب حدث غير مسبوق، وتعتبر صفعة للمجتمع الإسرائيلي وللجنود الذين دفعوا ثمن الحرب”.
ومن وجهة نظر المحلل العسكري، فإن شرائح واسعة بالمجتمع الإسرائيلي، وكذلك في الجيش والأجهزة الأمنية، باتوا على قناعة تامة أن “نزوات شخصية وسياسية لرئيس الوزراء هي التي تتحكم بسير المعارك وتحدد أهداف الحرب، وليست احتياجات أمن إسرائيل”.
وأشار إلى أن إقالة غالانت تثبت مرة أخرى، كما في أحداث سابقة خلال الحرب على وجه التحديد، “أنه إذا وجد نتنياهو نفسه مضطرا للاختيار بين مصلحة إسرائيل وأمنها وبين مصلحته الشخصية والسياسية، فهو يختار ذاته، إذ يواصل المراوغة والامتناع عن إعادة المختطفين، وكذلك التهرب من تحمل مسؤولية إخفاق السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ومنع طوفان الأقصى”.