سياسة

لماذا غير الرئيس التونسي حكومته قبل أسابيع من انتخابات الرئاسة؟

|

تونس- تعددت القراءات بشأن دلالات التعديل الوزاري الشامل الذي باغت به الرئيس قيس سعيد التونسيين أمس الأحد، حيث يرى البعض أنه يندرج ضمن حملة انتخابية سابقة لأوانها قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، في حين يعتقد آخرون أن سعيد يستبطن من وراء هذا التعديل البقاء في السلطة.

وبعد إقالة رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني وتعيين كمال المدوري خلفا له في السابع من أغسطس/آب الجاري، أعلن الرئيس سعيد عن تعديل وزاري أمس الأحد هو الأوسع على الإطلاق منذ توليه السلطة من سنة 2019 وشمل 22 حقيبة وزارية مع الإبقاء على وزراء الداخلية والعدل والصناعة والتجهيز.

ويأتي هذا التعديل الشامل قبل أسابيع قليلة تفصل التونسيين عن موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وفي ظل انتقادات كبيرة توجهها المعارضة إلى هيئة الانتخابات وإلى الرئيس سعيد بالسعي للتضييق على المرشحين للانتخابات وإقصائهم من السباق بشكل متعمد.

وبشأن قراءته لهذا التعديل، يقول عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة والقيادي بجبهة الخلاص المعارضة بلقاسم حسن إن الرئيس سعيد سعى من خلاله إلى تعليق فشله على شماعة الحكومات المتعاقبة والوزراء الذين عينهم، موضحا أن الرئيس وفق الدستور الذي صاغه لنفسه هو من يرسم السياسات.

الرئيس التونسي سعيد في خطاب أمام وزراء حكومته الجدد (مواقع التواصل الاجتماعي)

تنصل من المسؤولية

ويضيف حسن للجزيرة نت أن “جميع الحكومات التي عينها الرئيس منذ انقلابه على الشرعية في 25 يوليو/تموز 2021 تقع تحت طائلة مسؤوليته بمفرده”، وفق وصفه، مبينا أن الرئيس سعيد يحاول التنصل من فشل خياراته وتردي الأوضاع على جميع المستويات وإلصاق الفشل والأخطاء على من عينهم بالحكومة.

وعن دلالات توقيت هذا التعديل الوزاري الواسع، يرى القيادي بجبهة الخلاص أنه يندرج ضمن حملة انتخابية سابقة لأوانها للانتخابات الرئاسية التي أصبحت على مرمى حجر، مشيرا إلى أن الرئيس سعيد أصبح في وضعية المترشح للانتخابات مع قرب انتهاء عهدته الرئاسية، وهو بالتالي يسعى لاستمالة الناخبين.

ومن المقرر أن تنطلق الحملة الانتخابية يوم 14 سبتمبر/أيلول المقبل لتستمر إلى الرابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل أي قبل يومين من تاريخ الاقتراع. لكن المعارضة طالما انتقدت ما اعتبرته سعيا محموما من الرئيس سعيد للقيام بحملة انتخابية سابقة الأوان في تحركاته وتوظيفه لأجهزة الدولة.

ويقول حسن “اعتقد أن التعديل هو جزء من حملته الانتخابية، لكن لا نعلم إن كانت هذه الحكومة ستسير البلاد لمرحلة طويلة أم لا”، مبديا شكوكا حول نزاهة الانتخابات بسبب سياسة الإقصاء والتضييق الممنهجة ضد كل المترشحين الجديين عبر شروط تعجيزية وملاحقات قضائية وغيرها، وفق تعبيره.

ولكن، رغم الانتقادات التي توجهها للعملية الانتخابية لم تحسم جبهة الخلاص المعارضة أو حركة النهضة المكون الأساسي لهذه الجبهة بعد موقفها سواء بمقاطعة الانتخابات أو المشاركة فيها، وفق بلقاسم حسن، الذي أشار إلى أن الرئيس سعيد سيكون مستفيدا دون شك من مقاطعة الانتخابات المقبلة.

البقاء في السلطة

من جانب آخر، لا يعتبر الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي نبيل حجي تغيير 22 وزيرا في الحكومة مجرد تحوير أو تعديل وزاري، وإنما يعتبره تعيينا كاملا لحكومة جديدة برمتها بعد أقل من شهر على تعيين رئيس الحكومة الجديد ووزير الشؤون الاجتماعية السابق كمال المدوري في أغسطس/آب الحالي.

ويضيف للجزيرة نت أن منطق الأشياء في تغيير حكومة بأكملها وتعويضها بأخرى جديدة هو الإقرار بفشل الحكومة السابقة، وبالتالي بفشل رئيس الدولة الذي أخفق في اختيار وزرائه، محملا الرئيس سعيد تردي الأوضاع على جميع الأصعدة لفشل سياساته وخياراته.

وتشهد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس تأزما حيث لم تتجاوز نسبة النمو الاقتصادي 1%، بينما تشهد الأسعار ارتفاعا ملحوظا في ظل اضطراب تزويد السوق ببعض المواد الاستهلاكية المدعمة، وهذا في وقت يشكو فيه التونسيون في عدد من الجهات من انقطاع الماء والكهرباء وغيرها.

ويرى حجي أن الرئيس سعيد يستبطن البقاء في السلطة من خلال إجراء هذا التعديل الوزاري الشامل على بعد أسابيع قليلة قبل الانتخابات الرئاسية في رسالة بأنه لن يسلم السلطة لمن يتهمهم بالخيانة، متسائلا “ماذا يقصد من خلال إجراء هذا التعديل قبل أسابيع قليلة من الانتخابات؟”.

مصلحة التونسيين

في المقابل، يقول الناشط السياسي أحمد الكحلاوي إن التعديل الوزاري الموسع الذي أجراه الرئيس سعيد لا يهدف من ورائه لشن حملة انتخابية أو تمرير أي رسالة للاستمرار في السلطة مهما كان الثمن، مؤكدا أن الرسالة الوحيدة التي أرسلها أنه لا بقاء في الحكومة لأي وزير لا يخدم الشعب.

ويضيف للجزيرة نت أن الرئيس سعيد أقدم على هذه الخطوة بالنظر إلى أنه يتلقى تقارير حول أداء وزرائه، مشيرا إلى أن اختياره هذا الوقت بالذات لإجراء تغيير ليس تكتيكا انتخابيا بقدر ما هو استجابة منه لرغبة التونسيين في تغيير حكومي ينشدون منه تحسين الأوضاع وتحقيق مصلحة البلاد وعدم تعطيل دواليب الدولة.

وفي خطاب أمام الوزراء الجدد، قال الرئيس قيس سعيد إن “من ينتقدون التعديل الوزاري قبل أسابيع من الانتخابات لا يفرّقون بين الانتخابات والسّير العادي لدواليب الدّولة وأمنها القومي”، مشيرا إلى أن “دواليب الدولة تتعطل كل يوم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى