سياسة

عضوة بلجنة الدفاع عن المعتقلين السياسيين التونسيين: قضية التآمر هدفها إزاحة المعارضين

تونس- وصفت دليلة مصدق المحامية وعضوة لجنة الدفاع عن المعتقلين السياسيين التونسيين قضية “التآمر” المرفوعة ضدهم بالمفبركة والقائمة على تهم باطلة، وأكدت أن هدفها إسكات أصوات معارضي “انقلاب الرئيس قيس سعيد”.

وفي حوار مع الجزيرة نت، أوضحت مصدق أن القضاء استند إلى “وشايات كاذبة من قبل مخبرين اثنين ليست لديهما أي صفة رسمية، ولم يستند إلى أي تقرير أمني استخباراتي يثبت صحة تلك الاتهامات الباطلة”.

ووفقا لها، فإن تحريك هذه القضية كان هدفه إزاحة المعارضين السياسيين من طريق الرئيس قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية الماضية، قائلة إن “أصواتهم كانت مزعجة وعالية للتنديد بانقلاب سعيد على الشرعية والديمقراطية في 25 يوليو/تموز 2021”.

وفيما يلي نص الحوار:

  • كيف تنظرون إلى قضية التآمر على أمن الدولة؟ وهل من سند قانوني يدين المعتقلين السياسيين فيها؟

هذا الملف يتحدث عن مؤامرة داخلية وخارجية ضد الدولة التونسية من قبل عشرات المعارضين للرئيس سعيد، وكان يفترض أن ملفا بهذا الحجم الثقيل يكون مبنيا على عمل أمني واستخباراتي واستعلاماتي قوي جدا، لكنه خالٍ من أي من ذلك. والورقة الأمنية الوحيدة الموجودة صلبه تحتوي على سطر ونصف السطر مفادها أن الأمن بلغ إلى علمه أن هناك مؤامرة تحاك ضد الشعب التونسي.

ولم تتبع هذه المراسلة الأمنية للقضاء أي ترصد أو تنصت على هواتف المتهمين، لذلك لجأ النظام الحالي بعد اعتقال المعارضين السياسيين، في فبراير/شباط 2023، إلى مخبرين اثنين اتضح أنهما مجهولا الهوية يعلمان خبايا ما يحدث في تونس أكثر من الاستعلامات ومن فرقة الاستخبارات، وهو أمر لا يقبله أي عاقل.

لمّا اعتقل الأمن المساجين السياسيين، كانوا يعتقدون أنهم سيجدون في منازلهم أو في هواتفهم ما يبرر تلفيق تهمة التآمر أو تهديد الأمن القومي التونسي، ولكن عندما لم يجدوا أي شيء يدينهم لجؤوا إلى واشيين كاذبين تم إخفاء اسميهما حتى لا يصبحا مسخرة لدى الرأي العام.

واعتمدوا شهادتهما في هذه القضية وتم استدعاؤهما 3 مرات خلال التحقيق وذلك كلما تفطن قاضي التحقيق إلى وجود أخطاء في تصريحاتهما، أو نقاط ضعف، أو تناقض، من أجل سد الثغرات في إفادتهما.

هذا الملف يدين الأمن التونسي لأنه إذا كانت هناك حقيقة مؤامرة بهذا الحجم ولم يعلم بها هو والفرق المختصة، فهذا خطير. أي أننا لسنا في أمان وأن القضاء التونسي بقي ينتظر مخبرين اثنين حتى يعلماه بوجود تهديد أمني خطير.

  • ما الغاية من توجيه مثل هذه التهم لهؤلاء المعارضين؟

هذه القضية مفبركة وغايتها كانت إزاحة المعارضين من طرق الرئيس قيس سعيد قبل الانتخابات الرئاسية لأن أصواتهم كانت عالية في الدفاع عن الحرية والديمقراطية، وكانوا ينتقدون الانقلاب الذي قام به في 25 يوليو/تموز 2021.

وكانت جميع انتقاداتهم في العلن ولا يوجد أي شيء مخفي في نشاطهم السياسي السلمي، وسجنهم هو محاولة لإخراس أصوات المعارضة لأن النظام الحالي يمثل الثورة المضادة بالأساس ولا يؤمن بالثورة ولا بالانتقال الديمقراطي، وأراد غلق قوس الثورة.

  • ما ظروف سجنهم؟

ظروف عادية مثل بقية السجناء لكن لديهم حراسة مشددة وممنوعات لأنه تم تصنيفهم “إرهابيين”.

مضحك أن يكون أشخاص مسالمون مثل غازي الشواشي، أو رضا بالحاج، أو جوهر بن مبارك، أو خيام التركي، أو عبد الحميد الجلاصي -والقائمة طويلة- “إرهابيين”، وهذا لا ينطلي على أحد. وللأسف هذا التنصيف يجعلهم محرومين من الحياة الاجتماعية داخل السجن وهم في عزلة تامة داخله.

  • هل صحيح أن السلطات القضائية تفكر بمحاكمتهم بشكل غير علني؟

إن وقع ذلك فسيكون في تناقض تام مع أكده رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ فترة عندما كان يجتمع مع وزيرة العدل ليلى جفال، وكان يذكرها بضرورة الإسراع في المحاكمة حتى يعرف الشعب التونسي حجم الخيانات.

نحن نوافقه الرأي ونريد أن يكون الشعب على اطلاع مباشر بحيثيات هذه القضية ونريد محاكمة علنية وبثا مباشرا لها على وسائل الإعلام، حتى يرى الشعب حجم الظلم والمغالطات والوضعية الرديئة التي وصل لها القضاء التونسي، وحتى يسمع المعتقلين وهم يتحدثون عن حيثيات اعتقالهم والظلم الذي تعرضوا له.

وحتى يكتشف الشعب أنه لا يوجد في ملفاتهم أي أفعال مجرمة بالقانون وإنما مجرد تهم ملفقة دون براهين وإثباتات ودون أي أساس واقعي أو قانوني، وحتى يعلم أن قضية التآمر هي في واقع الأمر تآمر قامت به السلطة على المعارضة السياسية وليس العكس.

  • وهل الاتجاه للمحاكمة غير العلنية يؤشر إلى أن التهم سياسية؟

هذه القضية تتضمن أكثر من 45 متهما. ولجوء السلطة للمحاكمة غير العلنية إن وقعت يدل على أنها خائفة من أن يكتشف الشعب التونسي أنها غالطت الرأي العام وكذبت عليه واتهمت المعتقلين السياسيين زورا.

إن التعتيم على هذه القضية وعدم تمكين الصحافة والمجتمع المدني من الحضور في جلسة المحاكمات اعتراف مباشر وصريح من السلطة أنها ملف سياسي مفبرك يدين السلطة لا المتهمين.

المساجين السياسيون منذ نحو 22 شهرا في السجون (منذ فبراير/شباط 2023)، لم يتم الاستماع إليهم سوى في جلسة واحدة فقط في 25 من الشهر نفسه، ومنذ ذلك التاريخ لم يُلاقوا أي قاضٍ ولم يُسألوا عن أي شيء. هذا يؤكد أن الملف مفبرك وأن قاضي التحقيق كان خائفا من استجوابهم خشية أن تمنعه أجوبتهم من فبركة السردية التي كتبها في قرار ختم البحث.

عندما تجرى مثلا اختبارات من المفروض أن يتم عرضها على كل المتهمين، لكن لم يتم عرضها على كل المعتقلين لمكافحتهم بأي جرم أو تهم ملفقة ضدهم.

وحتى لما قمنا بمطالب كتابية لقاضي التحقيق للاستماع إليهم وسماع القدح الذي سيوجهونه ضد الاتهامات، وضد المخبرين الاثنين اللذين ادعا باطلا أنهم تورطوا في جرائم تمس أمن الدولة، لم يستجب القاضي لمطلبنا ولم يقم باستدعاء المعتقلين لسماع أقوالهم.

  • يواجه الموقوفون اتهامات خطيرة، فما مدى العقوبات التي قد تصدر في حقهم لو أدانهم القضاء؟

للأسف هي تهم خطيرة قد تصل عقوبتها إلى الإعدام في القانون التونسي. علما أن هذه العقوبة توقف تنفيذها منذ زمن الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، لكن في هذا العهد لا نعلم شيئا لأنه لا توجد أي ضوابط.

  • متى تتوقعين أن تنطلق أولى جلسات المحاكمة في قضية التآمر على أمن الدولة؟

لقد تمت إحالة الملف على الدائرة الجنائية لكنها لم تحدد بعد تاريخ أول جلسة محاكمة التي أتوقع أن تكون في غضون شهر.

  • هل لديكم ثقة في القضاء لتبرئتهم من هذه التهم الخطيرة؟

ليس لدينا ثقة في هذا القضاء بتاتا الذي أودع أبرياء في السجون، وهو لن يخجل من إصدار أحكام قاسية ضدهم لأنه غير مستقل ويخضع لتعليمات السلطة.

  • هل يراجع النظام حساباته لإحداث انفراجة في هذا الملف خاصة بظل التطورات التي وقعت في سوريا؟

هذا النظام لا يحاور ولا يراجع حساباته وقد استقوى بالأمن والأجهزة الصلبة حتى يخضع الشعب التونسي لحقبة استبداد جديدة. لكن عبر التاريخ، كل الثورات تقريبا مرت بانتكاسات ونحن نعيش هذه الانتكاسة اليوم، ولكن من يقرأ التاريخ يعلم أنه وراء كل انتكاسة تأتي فترة للاستفاقة لتمهد لفترة بناء حقيقي، وهذه الفترة ستأتي إلى تونس عاجلا أم آجلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى