سياسة

دعت للوحدة.. هذا موقف الفصائل الفلسطينية بلبنان بعد اغتيال هنية

بيروت- أثار نبأ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران غضبا شعبيا بالمخيمات الفلسطينية في لبنان. كما لقي ردود فعل من القوى السياسية الوطنية والإسلامية تؤكد أن “الجريمة” ستزيد من عزمهم على مقاومة الاحتلال، وذلك بالتزامن مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة يومها الـ299.

وأعلنت حركة حماس، في بيان رسمي اليوم الأربعاء، اغتيال هنية إثر غارة إسرائيلية استهدفت مقر إقامته في طهران. وكان هنية قد حضر حفل تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان في البرلمان الإيراني، حيث التقى قادة وممثلين من محور المقاومة في المنطقة.

وجاءت عملية الاغتيال في ذروة توتر يسود المنطقة ووسط مخاوف من اندلاع حرب واسعة، وأتت أيضا بعد ساعات قليلة من إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف القيادي الميداني في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، في خرق ثانٍ لقواعد الاشتباك بعد اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الثاني من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وأعلنت هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان الإضراب العام، ودعت إلى تنظيم المسيرات والاعتصامات في المخيمات تنديدا بجريمة اغتيال هنية. وقالت إن “العدو الصهيوني”، من خلال هذه الجريمة البشعة، يضيف إلى سجله “الإجرامي والإرهابي” صفحة جديدة.

وتعليقا على اغتيال هنية، قال الناطق باسم حركة حماس في لبنان جهاد طه “نفتقد شخصية وطنية بارزة من قادة المقاومة الفلسطينية”، مضيفا “أن استشهاد القادة لن يزيدنا إلا قوة وصلابة في متابعة مشروع المقاومة وخدمة قضايا شعبنا الوطنية”.

وأضاف طه للجزيرة نت أن العديد من قادة الحركة ارتقوا شهداء، مثل الشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وصلاح شحادة، وغيرهم. “ومع ذلك، استمرت سفينة الحركة والمقاومة في السير قدما نحو هدف التحرير والعودة”.

وأشار إلى أن “هذه الجريمة تدفعنا اليوم على المستوى الوطني الفلسطيني لتوحيد جهودنا لتعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات والعدوان المستمر من قبل الاحتلال الصهيوني على أبناء شعبنا في قطاع غزة”. وشدد على أن دعم الأمة العربية والإسلامية للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية يجب أن يستمر بكافة الوسائل.

وقال المسؤول في الحركة “تم استهداف سيادة واستقرار لبنان أمس الثلاثاء، واليوم سيادة واستقرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية”. وأشار إلى “ما يتعرض له لبنان حاليا من عدوان صهيوني سافر، حيث تسعى إسرائيل لتصدير مجازرها وجرائمها إلى العديد من الدول العربية والإسلامية”.

ودعا طه الجميع إلى أن يتحمل مسؤولياته، خاصة المجتمع الدولي، الذي ينبغي عليه اتخاذ “قرارات جريئة تلزم الاحتلال الصهيوني بالالتزام بالشرعية الدولية، ووقف مجازره التي تتنافى مع القانون الدولي والأعراف الدولية”. وقال إنه من الضروري أيضا تعزيز “وحدة عربية إسلامية لمواجهة المشروع الصهيوني الاستعماري في المنطقة”.

المخيمات الفلسطينية في لبنان شهدت إضرابا واسعا استجابة لدعوات القوى والفصائل (الصحافة اللبنانية)

توسيع نطاق العدوان

واعتبر إحسان عطايا، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وممثلها في لبنان، أن اغتيال هنية يمثل محاولة إسرائيلية لتوسيع نطاق العدوان ورقعته الجغرافية.

وأضاف عطايا، في تصريحات للجزيرة نت، أن هذا العمل يعكس سياسة إسرائيل في استهداف القادة الفلسطينيين البارزين الذين لهم تأثير كبير في المقاومة، مثل هنية، الذي برز بمواقفه الصلبة في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

وأكد أن اغتيال هنية في طهران هو محاولة بائسة من إسرائيل لزعزعة معنويات المقاومة، بعد فشلها في تحقيق أي أهداف ميدانية في حربها الهمجية على غزة. وأشار إلى أن إسرائيل سعت لتحقيق أي انتصار في الميدان وفشلت، لكن استشهاد هنية، بعد أفراد أسرته وقادة حركته، لن يزيد المقاومة إلا إصرارا على مواصلة المقاومة حتى النصر.

وذكّر عطايا بأن استشهاد الأمين العام السابق لحزب الله، السيد عباس الموسوي، لم يثنِ الحزب عن تعزيز قوته، بل أصبح قوة كبرى، كما أن استشهاد الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي، الدكتور فتحي الشقاقي، جعل الحركة أكثر صلابة في مواجهة العدو الصهيوني، مضيفا “اليوم، مع استشهاد هنية، نحن على يقين أن حركة حماس ستزداد قوة وصلابة، وستظل وفية لدماء الشهداء”.

حرب موصوفة

من جانبه، اعتبر علي فيصل نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، اغتيال هنية “جريمة حرب موصوفة”، وهي دليل على عجز وفشل الاحتلال الإسرائيلي في تصفية القضية الفلسطينية على خلفية عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني وقواه السياسية.

وأكد فيصل، في حديث للجزيرة نت، أن جريمة الاغتيال تجاوزت كافة الخطوط الحمراء، لكنها لن تكسر إرادة المقاومة أو تحقق أهداف العدوان على غزة والضفة الغربية، بل ستدفع المقاومة إلى تعزيز قوتها والتمسك بحقوقها المشروعة، كما ستؤدي إلى وضع قواعد جديدة للاشتباك.

وحمل الولايات المتحدة الأميركية مسؤولية ما تقوم بها إسرائيل من عدوان متواصل “لأنها تعطي الضوء الأخضر لها، وتدافع عنها وتغطيها سياسيا ودبلوماسيا في المحافل الدولية”، داعيا القوى الفلسطينية إلى التلاقي والوحدة، وإلى عقد اجتماع طارئ استكمالا لاجتماع بكين، مؤكدا أنه “بالوحدة والمقاومة نحقق الانتصار لأن المعركة مفتوحة مع إسرائيل”.

كما توقّع أن ترد المقاومة الفلسطينية على جريمة اغتيال هنية، كذلك الحال بالنسبة لحزب الله على استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت وفق ما تراه مناسبا، “من أجل ردع إسرائيل عن تكرار أفعالها الإجرامية وسيكون الثمن قاسيا وباهظا”.

وقال “نحن نقف إلى جانب لبنان ومقاومته وشعبه، ونقول نحن كفلسطينيين ولبنانيين في معركة واحدة ضد التحالف الأميركي-الإسرائيلي من أجل إنهاء الاحتلال”.

استبعاد الحرب

في المقابل، استبعد مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان هيثم عبده أن تتجه الأوضاع نحو حرب واسعة، مشيرا إلى أن ما حدث في الضاحية الجنوبية من بيروت من استهداف قيادي لحزب الله وفي إيران من اغتيال القائد إسماعيل هنية، يُعد استمرارا للإبادة الجماعية والإجرام التي يمارسها العدو الإسرائيلي.

وأشار عبده إلى احتمال حدوث تطورات وتجاوز لبعض الحدود المرسومة، لافتا إلى أن “الكيان الصهيوني يواجه مأزقا في غزة، مما يجعله غير قادر على خوض حرب ثانية في الوقت الراهن”.

من جهتها، نعت حركة “فتح” بلبنان في بيان لها “القائد الوطني الفلسطيني الكبير” إسماعيل هنية، معربة عن بالغ حزنها وأسفها لاستشهاده.

وقال البيان إن هنية “ارتقى شهيدا دفاعا عن شعبنا وقضيته العادلة”، وأضافت قيادة حركة “فتح” أنها تدين وتستنكر بشدة “الجريمة الغادرة التي ارتكبها العدو الصهيوني”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى