خبراء للجزيرة نت: لبنان مقبل على حرب مفتوحة دون اجتياح
مراسلو الجزيرة نت
20/9/2024–|آخر تحديث: 20/9/202408:18 م (بتوقيت مكة المكرمة)
بيروت- صعّدت إسرائيل عدوانها على لبنان، واستهدفت للمرة الثالثة منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث أطلقت طائرة إسرائيلية 3 صواريخ نحو مبنى سكني في منطقة “القائم” المكتظة بالأبنية السكنية والمحلات التجارية.
وضربت الأجهزة الأمنية اللبنانية طوقًا أمنيًّا حول الموقع المستهدف، حيث أسفرت الغارة الإسرائيلية عن سقوط 9 شهداء و59 جريحًا، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية.
في المقابل، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي “إن سلاح الجو نفذ غارة دقيقة في بيروت استهدفت اجتماعًا عسكريًّا لحزب الله، ولم يتضح بعد ما إذا تم اغتيال إبراهيم عقيل” وهو مسؤول العمليات في الحزب.
وجاء هذا الاستهداف في إطار التصعيد الإسرائيلي ضد حزب الله، عقب تفجير أجهزة الاتصال “البيجر” والأجهزة اللاسلكية على مرحلتين، والتي كان يحملها عناصر من الحزب ومقربون منه، مما أدى إلى استشهاد 37 شخصًا وإصابة نحو 3193 جريحًا.
كما أنه يأتي بعد يوم واحد من خطاب الأمين العام للحزب حسن نصر الله، الذي أكد فيه استمرار جبهة الجنوب بدعم غزة وتوعد بـ”الاقتصاص العادل من العدو بطرق متوقعة وغير متوقعة”.
حرب مفتوحة
وصف الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان عملية الاغتيال بأنها تأتي في إطار المرحلة الثالثة من التصعيد الإسرائيلي ضد حزب الله، بعد استهداف شبكة الاتصالات في 17 و18 من سبتمبر/أيلول الجاري، وبعد اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر، وأشار إلى أن هذا التصعيد يعني أن “الحديث عن ضوابط وسقوف قد سقط”.
وقال شومان للجزيرة نت إن التصعيد العسكري على الحدود الجنوبية أمس أشار بوضوح إلى أن المقاومة اللبنانية دخلت أيضًا في عمليات الرد الكثيف على طول الحدود، التي تمتد لأكثر من 105 كيلومترات.
مشيرًا إلى أن ما جرى اليوم هو التصعيد الثالث ضد الضاحية والثاني ضد قيادات الحزب، مما يعني أن العدو الإسرائيلي اخترق الخطوط الحمراء، الأمر الذي يفرض على المقاومة أن تواجهه بالمثل، وتتعامل بالطريقة والأسلوب المناسبين، أو بما يُعرف بالرد المتناسب.
ووفقًا لشومان، فإن هذا يعني أننا دخلنا في “الحرب المفتوحة” أو في تصعيد مفتوح، ويعني الخروج عن ضوابط معينة، دون الدخول بحرب شاملة تشمل كل شيء بلا سقوف، مؤكدا أننا اليوم أمام تصعيد مفتوح ومنعطف حقيقي عسكري، سياسي، وميداني، خارج كل الخطوط الحمراء، وقال “أعتقد أن كل تكتيك أو إستراتيجية باتت تخضع لعمليات الميدان”.
ورأى شومان أن العدو الإسرائيلي يلجأ إلى الضغط العسكري الكبير بهدف فصل جبهة إسناد لبنان عن غزة والضفة الغربية، مما يتيح له الاستفراد بهما دون وجود جبهة إسناد، وهو ما يرفضه حزب الله، وقد عبّر أمينه العام حسن نصر الله بوضوح، في خطابه أمس، الذي أكد فيه رفض وقف جبهة الإسناد اللبنانية طالما استمر العدوان على غزة والضفة الغربية.
كسر قواعد مضبوطة
بالمقابل، يؤكد الخبير العسكري والإستراتيجي العميد هشام جابر للجزيرة نت أن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها العدو الإسرائيلي باغتيال شخصيات في الضاحية الجنوبية، إذ سبق واغتال القيادي في الحزب فؤاد شكر وقبله نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري.
ووصف هذه العمليات بأنها خطيرة جدا، لكنها ما زالت تحت سقف الحرب الواسعة، لأنه لم يحدث أي هجوم بري حتى الآن، رغم التصعيد اللافت في تفجير أجهزة الاتصالات على مرحلتين والغارات الكثيفة وسواها، واعتبر أن إسرائيل ليست قادرة على تحقيق أهدافها أو خوض حرب واسعة، لأن الولايات المتحدة الأميركية لا توافق على ذلك.
كما وصف جابر الاغتيالات بأنها “حرب أمنية” وليست حربًا كلاسيكية، حيث إن التوقعات تشير إلى تصاعد هذه العمليات في المرحلة المقبلة بهدف ممارسة المزيد من الضغط على المقاومة، وأكد أن حزب الله سيرد على هذه العملية، لكن لا يعتقد أن الرد سيكون فوريا، نظرا للحاجة إلى إعداد جيد، خاصة وأنهم ما زالوا تحت صدمة تفجير أجهزة الاتصالات.
وتوقع العميد جابر أن ترتفع وتيرة الحرب الإلكترونية والتكنولوجية دون اللجوء إلى اجتياح لبنان، نظرًا لأن هناك فرقًا شاسعًا بين الأمرين، فالاجتياح عملية خطيرة جدا، وأميركا لا تقبل به، “وبالتالي، المتوقع هو الانتقال إلى الحرب السيبرانية وعمليات الاغتيال، وما جرى اليوم في الضاحية هو واحدة منها، ونحن نتابع استمرار الحرب الكلاسيكية”.
أقرب للحرب
من جهته، أشار الخبير في الشؤون الإسرائيلية علي حيدر، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن المرحلة الحالية تشهد مخاطر الانزلاق نحو حرب شاملة، لكنه اعتبر أن “الخيارات لا تنحصر بين الحرب الشاملة أو اللا حرب”، موضحا أن إسرائيل تنفذ عملياتها ضمن هامش واسع مدعوم بتغطية أميركية، ومع ذلك، فإن الحرب الشاملة ما زالت تبدو بعيدة بعض الشيء في الوقت الراهن.
ورأى حيدر أن احتمالية الاقتراب من الحرب أصبحت أكبر مما كانت عليه في السابق، إذ تقلصت المسافة بين الوضع الحالي واندلاع الحرب، مؤكدًا أن حزب الله سيرد على الاعتداءات الإسرائيلية وعلى استهداف الضاحية الجنوبية للمرة الثالثة، مشيرًا إلى أن الحزب سبق أن رد على اغتيال العاروري وشكر، وأن المرحلة المقبلة قد تشهد تصعيدًا إذا وقعت عملية اغتيال أو محاولة اغتيال، رغم عدم وجود تأكيدات رسمية حتى الآن.