سياسة

خبراء روس: اغتيال هنية يهدد بحرب شاملة

موسكو- دانت روسيا عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران، فجر اليوم الأربعاء. وقال المتحدث الصحفي باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إن موسكو تدين بشدة الهجوم الإسرائيلي الذي أدى إلى استشهاد هنية.

ويرى الكرملين، وفق بيسكوف، أن مثل هذه التصرفات تستهدف محاولات إحلال السلام في المنطقة، ويمكنها أن تزعزع بشكل كبير استقرار الأوضاع “المتوترة أصلا”.

من جانبه، يرى ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي أن اغتيال هنية “جريمة قتل سياسية غير مقبولة على الإطلاق وستؤدي إلى مزيد من تصعيد التوترات في المنطقة”.

نكسة

في حين أكد أندريه ناستاسين، نائب رئيس دائرة الإعلام والصحافة بوزارة الخارجية الروسية، أن عملية الاغتيال ستكون لها عواقب سلبية للغاية على المفاوضات بين حماس وإسرائيل لإنهاء القتال في قطاع غزة. وشدد على أنه يجب على الأطراف المتصارعة في الشرق الأوسط منع القيام بخطوات تؤدي إلى تصعيد جديد للتوتر في المنطقة.

وبرأي مراقبين روس، فإن عملية اغتيال القائد السياسي للحركة الفلسطينية الأبرز في الصراع مع إسرائيل، تشكل نكسة من العيار الثقيل لجهود التهدئة ومساعي حل “ملف الأسرى” وبداية مرحلة تصعيد غير مسبوقة ستتجاوز قواعد الاشتباك التي سبقتها، لا سيما أن هنية هو من أدار ملف المفاوضات بخصوص “الأسرى”. كما تمثل تعطيلا لأي دور روسي محتمل لوقف التصعيد، نظرا لأن الطرف الدولي المقابل (واشنطن) غير مؤهل لهذا الدور، نتيجة تحالفه مع إسرائيل ودعمه غير المحدود لها.

ويرون أن وقوع هذه العملية ذات الطابع الاستخباراتي في إيران يعد تحديا مباشرا لها ويضعها أمام استحقاق الرد و”حفظ ماء الوجه”، كما حدث عند قصف قنصليتها في العاصمة السورية دمشق مطلع أبريل/نيسان الماضي.

ثمن كبير

وحسب مدير مركز التنبؤات السياسية دينيس كركودينوف، فإنه على ضوء تشابك الملفات وتداخل جبهات الصراع في الشرق الأوسط حاليا في ظل الحرب على غزة، فقد بات الحديث عن وساطة أو دور روسي لجهة التهدئة أمرا بالغ الصعوبة، خاصة مع انسداد أفق الحل السياسي مع توجه إسرائيل نحو خيار الحرب الشاملة.

وفي تعليق للجزيرة نت، يضيف أن الأوضاع خرجت فعليا عن السيطرة، بما في ذلك نتيجة الموقف الأميركي المنحاز لتل أبيب والرافض حتى لحلول وسط -ولو مؤقتة- تضمن وقف تدحرج المنطقة نحو حرب واسعة النطاق.

ويلفت كركودينوف إلى أن اقتراح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الولايات المتحدة إنشاء ما يسمى بنظير لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في الشرق الأوسط، والذي سيكون موجها ضد “التهديد الإيراني”، يعزز هذه الفرضية.

وباعتقاده، فإن مجيء موجة التصعيد الجديدة مباشرة بعد عودة نتنياهو من واشنطن لها دلالات كثيرة، لا يمكن تفسيرها إلا بأنها جاءت نتيجة ضوء أخضر أميركي وبأن المعركة في الشرق الأوسط باتت مشتركة بين واشنطن وتل أبيب. وأشار إلى التزامن بين اغتيال هنية واستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت وضرب مقار الحشد الشعبي في بابل جنوبي العاصمة العراقية بغداد.

ووفقا له، فإن إسرائيل باتت في وضع تعتبر فيه أن الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع وفق سيناريو الحرب الاستباقية. وسيكون ثمن ذلك كبيرا، لأنها -بهذا العمل- ثبتت مبدأ “وحدة الساحات” لدى الجهات والحركات المناهضة لها في المنطقة، وأن المشهد اللاحق سينتقل من فعل مساندة القوى الفلسطينية المسلحة في غزة إلى الدخول في النزاع المسلح بشكل مباشر.

ترقب روسي

من جهته، قال محلل الشؤون الدولية سيرغي برساوف إن اغتيال هنية، وإنْ شكل ضربة قوية لقيادة حماس ومحاولة لضرب معنوياتها، لكنه لن يدفع الحركة الفلسطينية إلى إلقاء السلاح بل ستنتخب قائدا جديدا وتواصل حربها مع “الدولة العبرية”.

وبدوره، يرى أن عملية الاغتيال تشكل تحديا مباشرا لطهران بالدرجة الأولى كون “البصمة الإسرائيلية” واضحة في العملية، وهي محاولة جريئة لإبراز قدرات مخابرات الاحتلال على العمل داخل الأراضي الإيرانية.

ولم يستبعد برساوف أن تتعاطى طهران مع حادث الاغتيال كما فعلت بعد قصف قنصليتها في دمشق، عندما ردت عليه بهجوم بالصواريخ والمُسيّرات على مناطق داخل إسرائيل، لأن الحديث يدور عن اعتداء على دولة ذات سيادة.

بموازاة ذلك، يشير إلى أن روسيا تراقب بقلق تطورات الأحداث في المنطقة التي تعتبر إستراتيجية بالنسبة لها، وتشكل “موطئ قدم” أمام محاولات التمدد الجيوسياسي والعسكري للولايات المتحدة فيها.

وتحدث عن وجود مخاوف حقيقية من أن اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط يمكن أن يتمدد بحيث يلامس نقاط التماس المتوترة بين المنظومة الغربية من جهة، والتحالف الروسي الصيني من جهة ثانية، في مناطق أخرى من العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى