سياسة

“المخرور”.. الاستيطان يتربص بجنّة بيت لحم

بيت لحم- منذ سنوات تكافح عائلة قيسية الفلسطينية، من بلدة بيت جالا، بمحافظة بيت لحم لتثبيت أقدامها في قطعة تمتلكها بوثائق رسمية منذ عقود، لكن الاحتلال يتربّص بها ويهدم كل ما تبنيه. ومؤخرا، أعلن عن مشروع استيطاني كبير لا يستهدف أرضها فقط، بل جبلا كاملا.

ويطلق السكان على آلاف الدونمات في واد وجبل المخرور الغني بالأشجار المثمرة والينابيع “جنة بيت جالا”، حيث المتنفس الوحيد لأهالي بلدة بيت جالا في عطلة نهاية الأسبوع، بعد أن حاصر الاحتلال بيت لحم عامة بالمشاريع الاستيطانية.

وتواصل عائلة قيسية، ومعها متضامنون من أنحاء العالم، الاعتصام في خيمة أقامتها قرب أراضيها التي استولى عليها مستوطنون ويحظر دخولها حاليا بأمر عسكري.

متضامنون يحملون صورة لوثائق ملكية العائلات الفلسطينية لأرض المخرور (رويترز)

نضال طويل

تملك عائلة قيسية نحو 4 دونمات (الدونم ألف متر مربع) من أراضي المخرور. ونهاية يوليو/تموز الماضي، اقتحمها مستوطنون في محاولة للاستيلاء عليها بوثائق مزوّرة، وفق أميرة ابنة عائلة قيسية مالكة قطعة الأرض.

ورفضت العائلة الفلسطينية المسيحية الأمر الواقع الذي سعى لفرضه المستوطنون بقوة السلاح والجيش، فحاولت ومعها متضامنون منذ أيام دخول الأرض واستعادتها بمسيرة سلمية، لكنها اشتبكت مع المستوطنين الذين سارع لنصرتهم جيش الاحتلال، مما أوقع إصابات بين المتضامنين.

وبدل إبعاد المستوطنين عن الأرض، أصدر جيش الاحتلال قرارا بإعلانها “منطقة عسكرية مغلقة” ومنع الدخول إليها حتى الثاني من سبتمبر/أيلول القادم، واعتدى على أصحاب الأرض والمتضامنين معهم.

تقول أميرة قيسية للجزيرة نت، في اتصال من خيمة الاعتصام التضامنية مع عائلتها، إن هدف العائلة ومن يتضامن معها من ناشطين و-بينهم إسرائيليون مناهضون للاحتلال- هو “الوصول إلى الأرض وليس افتعال المشاكل”.

وتضيف أن 16 عملية هدم استهدفت منشآت أقامها عائلتها في الأرض منذ عام 2019، بينها مطعم وكوخ وخيمة وغرفة متنقلة ومتنزها وغيرها.

وتشير إلى أن وضع اليد على أرض عائلتها يعني الاستيلاء على جبل كامل من الأراضي الفلسطينية غني بالمزروعات وينابيع المياه، وبالتالي تحويله إلى مستوطنة أعلن عنها الاحتلال باسم “ناحل حاليتز” تشكل حلقة وصل بين مستوطنات مقامة على أرض القدس شمالا ومستوطنات على أراضي بيت لحم والخليل جنوبا.

استيلاء بالتزوير

وفق أميرة قيسية، فإن المستوطنين وبدعم من جمعيات استيطانية عالمية يحاولون التسلل إلى الجبل من خلال وثائق تسجيل الأرضي (الطابو) التي تعود إلى العهدين الأردني والعثماني والتي آلت إلى مئات الورثة، “حيث لم تكن شهادات التسجيل تحدد قطع الأراضي بدقة، وبالتالي فإن الحصول على طابو واحد يهدد الجبل كاملا”.

ولفتت إلى نجاح العائلة في كافة المعارك القضائية مع مستوطنين وجمعيات استيطانية لم تستطع إثبات أي صلة لها بالأرض، ومع ذلك تستمر المحاولات وبرعاية جيش الاحتلال وتزايدت في ظل الحرب على غزة.

تصف المواطنة الفلسطينية أراضي المخرور بأنها المنطقة الوحيدة الخضراء المتبقية لبيت لحم، حيث تم الاستيلاء على مناطقها البرية شرقا، مضيفة “فيها غروب الشمس أحلى منظر، وعيون المياه”.

من جهته، يقول مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية في بيت لحم حسن بريجية للجزيرة نت إن جبل المخرور مصنف منطقة “ج” وفق اتفاق أوسلو، أي يخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة.

وأضاف أن الجبل والوادي “يتمتعان بدوام الخضرة نتيجة لكثافة الأشجار والنباتات والبيوت، وانتشار القصور التاريخية التي تؤهل المكان ليكون جزءا من التراث العالمي” لكن الفلسطينيين وأصحاب الأراضي يلاحَقون فيه.

مستوطنة جديدة

يقول بريجية إنه مع إضعاف وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش لسلطة الجيش الإسرائيلي في الضفة، فإن موظفين محسوبين عليه وكانوا جزءا من منظمات استيطانية ينفذون سياساته ويسعون للسيطرة على وادي المخرور وحرمان الفلسطينيين من آلاف الدونمات من أراضيهم الزراعية، وإقامة مستوطنة جديدة.

ومنتصف أغسطس/آب الجاري، أعلن سموتريتش الشروع بإقامة مستوطنة جديدة سماها “ناحل حاليتز” في منطقة المخرور من أراضي بيت لحم بهدف ربط الكتلة الاستيطانية “غوش عتصيون” بين بيت لحم والخليل بالقدس.

والاثنين، قام القنصل الفرنسي في القدس نيكولاس كاسيانيديس، بزيارة خيمة الصُّمود المقامة للتضامن مع أصحاب أراضي المخرور، والتقى أصحاب الأرض المهدَّد بالمصادرة، وصرح بعدم قانونية المستوطنات الإسرائيلية.

وأشار إلى أن عائلة قيسية التي تملك الأرض تحمل الجنسية الفرنسية، معبرا عن تضامنه معها ودعمه للدفاع عن حقوقها بعد طردها من أرضها من قبل المستوطنين.

وضمن ملاحقة العائلة ومحاولات ترهيبها استدعت الشرطة الإسرائيلية الناشطة أليس قيسيَّة وأمّها مشيل، أمس الاثنين، وأمرتها بالحضور إلى محكمة الصلح في القدس بعد شكوى استهدفتها من قبل المستوطنين.

ووفق تقرير لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان الحكومية الفلسطينية، فإن الجهات المختصة في سلطات الاحتلال درست 39 مخططا هيكليا استيطانيا (مشاريع بناء استيطاني جديدة) في النصف الأول من 2024، وتمت المصادقة على 27 منها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى