سياسة

إسرائيل تصعّد ملاحقة وترحيل النشطاء الأجانب من الضفة

القدس المحتلة- تلاحق السلطات الإسرائيلية المتضامين والناشطين الأجانب الذين يزورن الضفة الغربية، وذلك من خلال وحدة شرطية خاصة شكّلها وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وتنشط بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بالتنسيق مع “هيئة السكان والهجرة” التابعة لوزارة الداخلية، لتسريع عمليات الاعتقال والترحيل للمتضامين مع الشعب الفلسطيني.

ومع بدء موسم الزيتون منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كثّفت سلطات الاحتلال عمليات تتبع وتعقب الناشطين الأجانب فور وصولهم إلى مطار اللد (بن غوريون)، حيث يتم إخضاعهم للتحقيق واحتجازهم لأيام قبل ترحيلهم، بينما يتم ملاحقة الموجودين منهم في مناطق الضفة، حيث تمارس ضغوط عليهم للمغادرة طوعا، أو بإصدار أوامر إبعاد عن الضفة، وفق ما أفاد تقرير لصحيفة “هآرتس”.

تقارير إسرائيلية كشف عن تشكيل الوزير بن غفير (يسار) قوة خاصة لملاحقة النشطاء الأجانب (الفرنسية)

وحدة خاصة

تمثل ملاحقة الأجانب الناشطين بمجال حقوق الإنسان، تصعيدا لسياسة إسرائيل القديمة في تقييد وصول البعثات الدولية والأجنبية إلى الضفة الغربية، وذلك تزامنا مع تصاعد إرهاب المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، وذلك بحسب تقرير للموقع الإلكتروني “سيحاه مكوميت” الإسرائيلي.

ويكشف الموقع عن تكثيف سياسة احتجاز الناشطين في مجال حقوق الإنسان من الأجانب عقب تشكيل قوة شرطية خاصة في أبريل/نيسان 2024، برئاسة الوزير المتطرف بن غفير.

وتركّز القوة عملها على الناشطين الدوليين الذين يصلون للضفة، وتعمل بموجب صلاحيات الوحدة المركزية للشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وأظهرت البيانات التي وثقتها وجمعتها “مؤسسة المدافعين عن حقوق الإنسان”، أنه بعد معركة “طوفان الأقصى” وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2024، تم اعتقال وترحيل 16 ناشطا أجنبيا كانوا بالضفة، منهم 5 رُحّلوا بعد جلسات استماع في “هيئة السكان والهجرة”، أما الـ11 الباقون، فقد رُحِّلوا قسرا عبر الإفراج المشروط بمغادرة البلاد.

ووثقت المؤسسة الحقوقية إفادات للعديد من الناشطين الأجانب الذي تم احتجازهم وترحيلهم، ومنهم جاكسون شور، وهو يهودي أميركي مناهض للصهيونية، وتشونغ كوري، اللذان تم ترحيلهما في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينما منع الجنود الإسرائيليون عشرات المزارعين الفلسطينيين بمنطقة نابلس والناشطين الذين حاولوا مساندتهم وتوثيق الاعتداءات عليهم من التحرك ونقل محاصيل الزيتون للمعاصر.

منطقة عسكرية

يقول الناشط جاكسون شور “توجهت نحو الطريق الرئيسي وصرخ الجنود في وجهي لكي أتوقف، طلبوا جواز سفري، وكان هناك أيضا مستوطنان صرخا والتقطا الصور. وقيل لي ولكوري إنه لا يسمح لكما بالوُجود في بالمنطقة كونها مغلقة عسكريا”.

وأضاف لصحيفة هآرتس “بينما كنا مكبلي الأيدي، أخبرناهم أنه إذا كانت هذه منطقة عسكرية مغلقة، فيجب عليهما إظهار الوثائق لنا. فأخرج أحد الجنود ورقة، وأروني من مسافة بضعة أمتار، وأنا لا أعرف اللغة العبرية، وسألت إن كان بإمكاني رؤيتها عن كثب”.

وكان أحد رجال الشرطة الإسرائيلية -الذين تم استدعاؤهم من قبل الجنود لاعتقال واحتجاز الناشطين الأجنبيين، بغية إخضاعهما للتحقيق- “عدوانيا للغاية، حيث قام بدفعي نحو شجرة وتفتيش جسدي”، بحسب رواية شور.

تأييد حماس

وبحسب جاكسون، فإن “التحقيق لم يركز على الاعتقال وقطف الزيتون، لقد سألوني إذا كنت عضوا في أي منظمة، لكنهم لم يذكروا أي شيء محدد، لقد سألوا فقط من هو رئيس المنظمة، ومن يخبرنا إلى أين نذهب بالضفة، ومن هم أصحاب بساتين الزيتون”.

وأضاف “سألوني عما إذا كنت قد شاركت في مظاهرات داعمة لحركة حماس والمظاهرات المناهضة لإسرائيل، فقلت لا. لكن محققي الشرطة قالوا إنني أؤيد حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى. ثم قال المحقق: حسنا، أنت تكذب لقد جئتم إلى إسرائيل لمحاربة اليهود والانخراط في الإرهاب، ونحن سنقوم بطردكم من البلاد”.

ويشهد جاكسون شور أن حقيقة كونه يهوديا أدت إلى مضايقات الشرطة الإسرائيلية، قائلا إن “معاداة السامية الوحيدة التي واجهتها طوال فترة إقامتي في فلسطين كانت بالمعتقل، بقيت مكبل اليدين، أحد أفراد الشرطة سألني هل أنت فوضوي؟، ثم قال شيئا بالعبرية، وأضاف أنت لم تفهم، هل أنت يهودي؟ كنا هنا قبلك وسنكون هنا بعدك، وسوف تطير بعيدا عن إسرائيل إلى الأبد”.

أسلوب الترحيل

يقول الصحفي في موقع “سيحاه مكوميت”، أورن زيف، إن جاكسون وكوري تم اعتقالهما عند الساعة العاشرة صباحا، ووصلا إلى إحدى محطات الشرطة بالضفة عند الساعة الثالثة عصرا، وقيل لهما أنه تم القبض عليهما بتهمة إزعاج موظف حكومي، أي الجندي، ولكن أضيفت بالمحطة شبهات أخرى مثل “دعم منظمة إرهابية، وانتهاك أمر قانوني، والبقاء في منطقة عسكرية مغلقة”.

ويرى زيف أن السياسة الإسرائيلية الموجهة ضد الناشطين الدوليين تهدف في المقام الأول إلى منع أي توثيق لما يحدث في الضفة الغربية. وأضاف “إنهم يريدون منع التوثيق والأدلة المتعلقة بالتطهير العرقي في الضفة، وخاصة في التجمعات السكنية البدوية في المنطقة (ج)”.

وأسلوب الترحيل الذي تم استخدامه، بحسب زيف، “هو أن يتم اعتقال النشطاء من قبل الجيش، وتحويلهم للتحقيق، ومن ثم تحويلهم من الإجراءات الجنائية إلى إجراءات هيئة السكان والهجرة بوزارة الداخلية الإسرائيلية، حيث يمكن إلغاء تأشيرتهم وترحيلهم قسرا، ويمكن استئناف القرار، ولكن عادة ما يضطر المستأنفون للبقاء رهن الاحتجاز لفترة طويلة”.

جنود الاحتلال يقتحمون تجمعا لمزارعين فلسطينيين ومتضامنين أجانب شمال الضفة الغربية (الفرنسية)

سياسة معلنة

تقول مراسلة صحيفة “هآرتس” في الضفة الغربية، هاجر شيزاف، إن تصاعد وتيرة وعدد حالات الترحيل للناشطين الأجانب والدوليين ليست وليدة الصدفة “بل هي نتاج سياسة معلنة للوزير بن غفير، يتم تنفيذها على أرض الواقع من خلال التعاون الوثيق بين الجيش والشرطة وسلطة السكان والهجرة”.

وكجزء من هذه السياسة التي تأتي انتقاما من الدول الأوروبية والأجنبية التي فرضت عقوبات على المستوطنين بسبب اعتداءاتهم على الفلسطينيين، تقول الصحفية الإسرائيلية “أمر بن غفير بالأشهر الأخيرة بالتحقيق مع النشطاء الأجانب من قبل قسم الشرطة بالسامرة (يقصدون الضفة الغربية)، والوحدة المسؤولة عن الجرائم الخطيرة”.

في الوقت نفسه، تتابع شيزاف “كثفت اللجنة الفرعية للكنيست لشؤون الضفة الغربية برئاسة النائب تسفي سوكوت، من حزب “عظمة يهودية”، مداولاتها بهذه القضية، حيث تمت دعوة ممثلين عن الجيش والشرطة لمناقشات اللجنة. وأفاد هؤلاء بأن الجنود تلقوا تعليمات بتصوير النشطاء الأجانب بالضفة وجوازات سفرهم وتسليمهم إلى الشرطة لترحيلهم قسرا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button