مفتي الطائفة العلوية لـ«عكاظ»: السعودية محل ثقة.. ودورها محوري في سورية
ويُدرك السوريون أن الدم الذي سال طوال 14 عاماً لم يفرِّق بين مذهب أو دين أو عرق، وكانت الخسارة للجميع، لذا لا بد من الدعوة إلى السلم الأهلي والتسامح، وهو ما أكده مفتي الطائفة العلوية في اللاذقية سماحة الشيخ غزال غزال؛ الذي التقته «عكاظ» وتحدث عن موقفه من كل ما يجري في سورية، مؤكداً أن التسامح والعفو هما السبيل الوحيد للسلم الأهلي.. وشدد على أن الحماية الدولية ليست مطروحة.. وإلى تفاصيل الحوار:
السعودية ثقة وسيكون لها دور محوري
• كيف تنظرون إلى دور السعودية في إعادة الأمن والاستقرار في سورية؟
•• السعودية هي بلد الإسلام والإيمان والتقوى والعمل الصالح، وأود في بداية هذا اللقاء أن أبعث بسلامي وتحياتي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وبالطبع السعودية دولة محبة للسلام لكل الشعوب، ولها منزلة خاصة لدى الشعب السوري، وبكل تأكيد هي دولة محط ثقة، وسيكون لها دور محوري في دعم واستقرار سورية وشعبها.
العقاب لمن أعطوا أوامر بالقتل
• تشهد سورية قليلاً من التوتر وآثار الماضي من النظام السابق، وأنتم تدعون دوماً للعفو والتسامح، والبعض يفسِّر ذلك بالعفو عن مجرمي الحرب؟
•• إذا نظرنا من الناحية العسكرية، يجب علينا أن نحاسب ذلك الذي أمر بالقتل، أن نحاسب ذلك الذي أمر بالظلم. أما أولئك الذين ضاقت بهم السبل للحصول على العمل وتوجهوا إلى الجيش وهو خيارهم الوحيد، كيف يمكن معاقبتهم وهم كانوا تحت إمرة قتلة يأمرونهم بالقتل؟.. الحساب لهؤلاء الذين أعطوا أوامر بالقتل وليس للعناصر المغلوبة على أمرها.. وأنت تعلم ماذا يعني الأمر العسكري.
• هل تعني محاكمة الأسد، ومن وجّه أوامر بالقتل؟
•• كل من ارتكب جرماً.
• أنت تطالب بعفو، وهذه المطالبة يُساء فهمها؟
•• أقصد أن الذي لم يأمر بالقتل ولم يكن سفاكاً للدماء، أما الذي أمر بالقتل وكان سفاكاً للدماء هذا الذي يجب أن يعاقب.
• وماذا عن المليشيات التي كانت خارجة عن الدولة؟
•• نحن نعلم أن هؤلاء خضعوا لجناح الدولة السورية، وكانوا يتلقون أوامرهم من الرتبة العليا التي تخاطبهم ومن ثمَّ ينفذونها. فإذا كان هناك شخص في فقر مدقع وليس لديه مصدر للعيش أو عمل أو مال حتى ينفق على أسرته وليس أمامه إلا الجيش، فماذا يفعل سوى أن يرسل ولده للجيش ليكون مصدر رزقه وقوت يومه! هل يُعقل أن يعاقب وهو يتلقى أوامره من السلطة العليا؟
لا لقاء ولا حوار
• خلال 13 عاماً، هل التقيتم بأحد من النظام وناقشتم معه الرأفة بهؤلاء الناس الذين يقتلون ويعتقلون؟
•• لا لم يتم أي لقاء؛ لأنهم لا يتركون مجالاً للحوار إطلاقاً.. لا يوجد حوار، حتى العساكر ذوو الرتب العليا لا يستطيعون رفض تنفيذ الأوامر.
الخوف من النظام
• ألم تفكروا بإرسال رسائل؟
•• أنا دوماً في خطبي أحثُّ على التسامح والمحبة، كنت أقول:
فسامح أخاك إذا ما هفا
ولِن إنْ قسا
ثم صلْ إن جفا
وإن دان بالغدر دنْ بالوفا
فكلٌ يُجازى بما قد كسب
والحقيقة لم أفكر حتى بإرسال رسائل للنظام سابقاً؛ لأني بكل وضوح لا أستطيع.. هناك خوف من هذا النظام.
• خلال خطبك في أيام الجمعة التي تدعو للتراحم، هل كنتم تتلقون توجيهات لخطابات معينة؟
•• كانت تأتي على شكل تعميمات، وكنت ألتزم بكل التعميمات حرفياً.. والآن تلقينا تعميماً من الإدارة العسكرية حول النظام وآخر حول الإسلام لم أضف عليها شيئاً ونقلتها حرفياً وقمت بإلقائها كما هي بحذافيرها.
الأمن والأمان والنظام
• وماذا تطلبون من النظام الجديد؟
•• نلتقي مع القيادة الجديدة في أكثر من نقطة، لكن ليس لدينا المعرفة الكاملة والوافية عن هذا النظام، ونطلب منه الأمن والأمان والاستقرار وتأمين لقمة العيش، ومن نقاط الالتقاء رغبتهم في حرية المواطن، ورفع الظلم عنه، وأتوقع أن هذه الإدارة ستنشر الرحمة بين الناس والمحبة والأخوة، ويجعل المسؤول نفسه بمنزلة المواطن، وألا يكون عليه سبعاً ضارياً يلتهم أكله..
النقطة الثانية عندما نفكر بهم؛ فإنهم جاؤوا للسلطة من بوابة الإسلام ونشره في المجتمع يخلص المواطن من الظلم؛ لأن القرآن كله هداية ورحمة.
تواصل واستجابة
• هل تواصلتم مع الإدارة الحالية وناقشتم مطالبكم بالعفو، وإعادة التعامل مع من كانوا يعملون في أجهزة الدولة؟
•• نعم.. اجتمعنا أكثر من مرة مع محافظ اللاذقية وقدمنا الكثير من المطالب، وتحدثنا بهذه المواضيع، وكان اللقاء إيجابياً. والحقيقة استجابوا لبعض المطالب، وفي مناطق لا يزالون يعانون من السلب والنهب كقرى الريف الشمالي في اللاذقية. وعندما اتصلوا بالإدارة التقطوهم وتبين أن أغراضهم كانت السرقة ولم يكونوا من النظام.
عقاب من تلطخت أيديهم بالدم
• هناك 16,200 شخصية في منظمات دولية ومحاكم أوروبية تطالب بإقامة العدالة بحق من ثبت تورطه بالدم والقتل، فهل تؤكدون دعم هذه المسألة؟
•• إذا كان عندنا جيشان الأول أطلق على الثاني وقتل منهم ثلاثة والآخر أطلق على الأول وقتل أيضا ثلاثة، كيف تحكم بينهم، كلاهما سوريان هل تعاقب هؤلاء وتترك هؤلاء؟
• يعني تطالب بمحاكمة كل من تلطخت أيديهم بالدم السوري؟ •• نعم كلا الطرفين.
• هل لك تأثير كبير على العلويين؟
•• لا أستطيع أن أقول لي تأثير كبير، فلست قائداً عسكرياً حتى أؤثر عليهم، وإنما الكلمة الطيبة التي يتلفظ بها الإنسان فإنه يمشي بالطيب.
لستُ مع حمل السلاح
• ما إمكانية مطالبة العلويين بحماية دولية، هل هذا مطروح في حال اندلعت التصفيات لفلول النظام؟
•• هذا ليس مطروحاً.. لكن الشاعر يقول «ما بقبق الكوز إلا من تألمه.. يشكو إلى الماء ما قاسى من النار».. فإذا حصل ضغط على هذه الطائفة فإنهم يبحثون عن نجاة أو خلاص لأنفسهم.. ونرجو ألا يقع هذا لئلا يحدث تدخل خارجي.. عندما تدخل فصائل لقرية ويروعون الناس بنهب خيراتهم وأموالهم فهذا ماذا يصنع.. هل يلجأ فقط لله.. يلجأ لله معتمداً ثم إلى غيره في الدفاع عن نفسه.. لكن لا نتمنى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.. كيف يأمرنا الله بالتعاون على البر والتقوى ثم نتخلى ونتعاون على الإثم والعدوان؟
أنا لا أدعو للاقتتال الطائفي، ولا أؤمن أن يحمل أحد مسدساً والآخر مسدساً ويقتتلا، أنا حين ذهبت للجيش لا أستطيع فك البارودة وطلبت إعفائي من ذلك.. هؤلاء الذين يمتلكون الأسلحة يمكن أن يسلموها حين تطلب منهم القيادة ذلك.. لكن يحتاجون للأمن والأمان.. وأنا لست مع حمل السلاح.
شكل الدولة الجديدة
• ما شكل الدولة التي تراها؛ مدنية، علمانية، ذات طابع إسلامي؟
•• من وجهة نظري عندما يكون هناك شخص يعتنق الإسلام وآخر لا يؤمن.. قال تعالى: «يا أيها الكافرون» إلى قوله: «لكم دينكم ولي دين».. فالإسلام لا يلغي الآخر.. ودعا للمحبة والمودة والتسامح والتصالح، ودعا للحرية. والثوار الأبرياء الذين عانوا نادوا بالحرية.. يا الله ما لنا غيرك، ورددوا شعارات تنادي بالحرية.. فضروري وجود الحرية الأخلاقية..
• ماذا تقول لأحمد الشرع؟
•• أهنئه بهذه الحرية التي تعمُّ الجميع، ولكل مواطن في هذا الوطن، وندعو له بالسلامة والتوفيق له ولكل الشرفاء بهذا الوطن.
ارتياح وأمل
• هل أنت مطمئن لسورية الجديدة؟ مشاعرك وهواجسك..
•• أشعر بالارتياح، وعندي أمل بالخير الذي يعم الوطن.. وقلت البارحة سورية كلها الأمل الذي يبني اليد القوية والفكر النير والأمل المشرق، وأتمنى أن يكون هناك عمل في هذا الشيء. وأي مُصلِح عظيم لم يتخذ من العمل منطلقاً لتصحيح قيم الجماعة.. العمال هم الأداة الصالحة للتطوير نحو الأصلح والأبقى.. فيجب أن تكون هذه الأداة الصالحة ألا يُعكّر صفوها، أن تكون هذه اليد العاملة التي تعمل لبناء الوطن بالدعم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكل الأمور يجب أن ننطلق منها بحيث لا تكون هناك نواحٍ شاذة عن المجتمع.