دراسة لباحثين عن عمل المجامع اللغوية.. اللغة العربية سلعة ومشروع استثماري مهمّ !
في دراسة أكاديمية في المنظور المختلف للمجامع اللغوية التي قدمها الباحثان في جامعة الملك خالد، عبدالرحمن البارقي، ويحيى اللاتيني، خلصا فيها إلى أنّ نشأة المجامع اللغوية العربية منذ وقت مبكّر أدّى إلى تشابه الأهداف، لكنها لم تعد تفي بروح اللغة العربية وطبيعة حركتها.
الباحثان أكدا أنّ المجامع الافتراضية في منجزها العلمي سارت على الطريقة نفسها، واستشهد الباحثان بالمنجز العلمي لهذه المجامع الذي ارتكز على المحافظة على سلامة اللغة العربية والترجمة والتعريب للمصطلحات الفنية والعلمية والتأصيل والإحياء، ولفتا في هذه الدراسة إلى أنّ الإنجازات التي قُدّمت في هذا الصدد جهود موفقة ومقدّرة، وقد كانت من الأهميّة بمكان إبّان إنشاء هذه المجامع وبخاصة تلك التي أنشئت في النصف الأول من القرن العشرين إلاّ أنّ تلك الجهود لم تخل من أخطاء في التطبيق إما على مستوى أعمال المجامع أو على مستوى الأفراد الذين ظنوا أنّ حماية اللغة تتمثل في تكبيلها وإعاقتها عن الحركة الطبيعية التي هي قدرها، واستشهد الباحثان على ذلك بمؤلفات الأخطاء الشائعة !
كما قدّم الباحثان في هذه الدراسة العديد من المقترحات للنهوض بعمل المجمع اللغوي، مثل: التخطيط والسياسة اللغوية، والاقتصاد اللغوي والحوسبة، وخلصا في هذه الدراسة التي قدمت في مؤتمر الشارقة الدولي الأول للغة العربية، إلى أنّ عدم الاعتراف بحركيّة اللغة وافتراض بقائها على حال واحدة يعطّل سمات لغوية مهمة، مثل المجاز والحذف الذي رأى فيه ابن جنّي شجاعة العربية، والتضمين بوصفه سمة تداولية ظاهرة في اللغات، وإهدار المنحى التداولي للغة الذي هو متغير بطبيعته.
وذكرا أنّ المجامع قامت بدور ملائم لزمنها لكن من عيوبها أنّ اللاحق استنسخ أهداف السابق مع عدم ملاءمتها لمرحلته ومنها المجامع المتأخرة في إنشائها، والمجامع الافتراضية.
وأكد الباحثان أنّ هذه المجامع المستحدثة وقعت في خطأين إستراتيجيين: الأول أنّ هذه المجامع خلطت بين الرؤية العامية والانغلاق الأيديولوجي، فضحّت بالممارسة العلميّة لصالح البعد الإيديولوجي.
أما الخطأ الثاني، فقد بنت هذه المجامع إستراتيجيتها على ردة الفعل وليس على الفعل.
وأوصى الباحثان في هذه الدراسة بأهمية النظر إلى اللغة العربية بمنظور جديد على أنها لغة من اللغات الإنسانيّة الحيّة تتمتع بخصائصها التي لا ينبغي أن تُعطّل، كما أنّ لها الحقّ في أن تتمتع بحيويتها وحركيتها وحريتها مما تقتضيه حياتها.
كما لفت الباحثان إلى أهميّة انتقال المجامع اللغوية من الحراسة والتحنيط إلى المبادرات العلمية الاستشرافية والتخطيط اللغوي والسياسة اللغوية والاستثمار الفاعل لمعطيات العصر الرقمي الذي نعيشه.
ورأى الباحثان أهمية الانتقال من فكرة المحافظة إلى الاعتراف بسنة التغيير لمواكبة حركية اللغة العربية وديناميتها من خلال استثمار إمكانات اللغة العربية وإمكانات الاقتصاد والتقنية، والتوسع في التعريب لأسباب اجتماعية واقتصادية لإزاحة الحمولات السلبية عن بعض المفردات مثل دخول كلمة (كابتن) بدلًا من كلمة (سواق) وكلمة (باريستا) بدلًا من (قهوجي) لأنّ كل مفردة تنتقل بحمولاتها الاجتماعية معها مما يجعل مثل هاتين الوظيفتين غير مرغوب فيهما وقد تلجأ الدول إلى استخدام المفردتين المعربتين لتصنيف المهن الوظيفية مما يجعلها مستساغة عند الشباب العاطل عن العمل وأكثر تقبلًا.
وأضاف الباحثان أنّ اللغة مادة استثمارية ويمكن الاستثمار فيها عن طريق الشركات والمؤسسات والبنوك والإعلام والقضاء والمحاماة ومراكز التأهيل اللغوي وقطاع النفط.
وأكدا أنّ اللغة سلعة، ونحن في حاجة إلى إدراك ذلك، فاللغة تستمد قيمتها اليوم من السلعية من أنها أهم نظام يتواصل من خلاله البشر بل إن البشر يعيشون في عالم من الكلمات، إذا سلمنا بقيمة اللغة السلعية أمكن النظر إليها اقتصادياً على أنها مشروع استثماري مهم.
وختم الباحثان الدراسة بالتأكيد على أنّ مستقبل اللغة العربية مرهون بمجاراة التقدم الحتمي للتقنية حتى تكون طرفاً في هذه المعادلة، ومحاولة محاكاة ما يجري في ذهن الإنسان عن القيام بالفعل اللغوي، واقترح الباحثان لتحقيق ذلك، اتجاه الجهود في المجامع اللغوية إلى حوسبة المستويات اللغوية والارتقاء بمفهوم المعجم إلى مضاهاته للمعجم الذهني.
******
ـ المجامع الافتراضية في منجزها العلمي سارت على الطريقة نفسها.
ـ الإنجازات التي قُدّمت موفقة ومقدّرة والجهود لم تخل من أخطاء التطبيق.
ـ البعض ظنّ أنّ حماية اللغة في تكبيلها وإعاقتها عن الحركة الطبيعية.
ـ عدم الاعتراف بحركيّة اللغة يعطّل سمات لغوية مهمة.
ـ المجامع اللاحقة استنسخت أهداف السابقة مع عدم ملاءمتها لمرحلتها.