خاصجوزيف عون رئيسا.. تسوية دولية أم بداية لتغيير شامل؟
يرى الكاتب والمفكر السياسي رضوان السيد خلال حديثه للتاسعة على سكاي نيوز عربية، أن حزب الله وحركة أمل كان بإمكانهما تجاوز أزمة الفراغ الرئاسي قبل أشهر، لو أن قراراتهما استندت إلى الواقعية السياسية بدلاً من التمسك بمواقف جامدة.
وفق السيد، تعيش قيادة حزب الله تحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة، أبرزها تراجع الدعم الإيراني في ظل ضغوط دولية وإقليمية متزايدة.
ويشير السيد إلى فقدان حزب الله لقدرات الردع في الجنوب اللبناني منذ حرب 2006، ما يعكس تدهورا استراتيجيا واسعا.
من ناحية أخرى، يشير الباحث في العلاقات الدولية علي شكر إلى أن انتخاب الرئيس في لبنان لطالما ارتبط بضغوط خارجية، مشددا على أن الظروف الراهنة تختلف عن مراحل سابقة.
ويرى شكر أن مشكلة لبنان تكمن في البنية الداخلية التي تتيح تدخلات إقليمية ودولية، وهو ما انعكس بوضوح في التعطيل المستمر لانتخاب رئيس الجمهورية.
انتخاب عون… توافق الضرورة أم صفقة المرحلة؟
مع تصاعد الضغط الأميركي والفرنسي وحتى الإقليمي، أصبح انتخاب جوزيف عون مخرجا مرحليا للأزمة.
دعم قائد الجيش يبدو مقبولاً لدى القوى الدولية، وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا، لما يمثله من استقرار في المؤسسة العسكرية التي تُعدّ حجر الزاوية في الحفاظ على الأمن اللبناني.
لكن، وكما يشير السيد، فإن التحدي الأكبر أمام الثنائي الشيعي يتمثل في كيفية التعامل مع رئيس يحظى بدعم دولي وإقليمي واسع، ويحتمل أن يكون أقل تسامحا مع الدور الأمني والسياسي لحزب الله.
يضيف السيد أن الحزب يواجه أزمة شرعية داخلية، مع تزايد الاستياء الشعبي من أدائه وتراجع شعبيته حتى داخل البيئة الشيعية.
المتغيرات الإقليمية وتأثيرها
يلعب المشهد الإقليمي دورا حاسما في التسويات اللبنانية. سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، كما يصف السيد، يعد نقطة تحول كبيرة، حيث أثر على ميزان القوى الإقليمي وأضعف قدرة حزب الله على المناورة.
كذلك، يشير شكر إلى أن التراجع الإيراني النسبي، على الرغم من استمرار الضغوط الأميركية والإسرائيلية، خلق فراغا استراتيجيا حاولت الولايات المتحدة استغلاله لإعادة تشكيل المشهد في لبنان.
وتثير المرحلة المقبلة تساؤلات حول قدرة عون على إدارة البلاد وسط التركيبة السياسية المعقدة. يرى شكر أن انتخاب رئيس جديد قد يكون بداية لتسوية سياسية أوسع تشمل تشكيل الحكومة وإعادة بناء الدولة، لكنه يحذر من أن التركيبة الطائفية والسياسية الحالية قد تُعيق أي إصلاحات جادة.
في المقابل، يضع السيد أهمية كبيرة على استعادة دور لبنان الإقليمي، خاصة في ظل الفرص المتاحة مع انتهاء الدور الإقليمي لبشار الأسد. ويشدد على ضرورة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تُعيد ثقة اللبنانيين بدولتهم.
إن انتخاب جوزيف عون، إن تم، سيكون نتاج تسوية دولية وإقليمية أكثر من كونه تعبيرا عن توافق لبناني داخلي. ومع ذلك، تبقى أسئلة جوهرية حول قدرته على مواجهة الأزمات المتراكمة، خاصة في ظل دور حزب الله واستمرار التدخلات الخارجية.
كما يشير السيد وشكر، فإن التحدي الأكبر يكمن في ما بعد الانتخابات: هل سيتمكن لبنان من إعادة بناء دولته على أسس جديدة تتجاوز الفساد والمحاصصة الطائفية؟ أم أن انتخاب الرئيس سيكون مجرد حل مؤقت يطيل أمد الأزمة؟
الإجابة على هذه التساؤلات ستتحدد في ضوء قدرة القوى السياسية على تجاوز حساباتها الضيقة والعمل من أجل مستقبل أفضل للبنان.