استضافة المملكة لكأس العالم 2034.. دور الثقافة والتراث غير المادي في تعزيز الهوية الوطنية
وتأتي هذه الاستضافة تتويجًا لرؤية المملكة 2030 التي تسعى لتحويل المملكة إلى مركز عالمي للتفاعل الثقافي والرياضي والاقتصادي. وما يميز هذه الاستضافة هو التركيز الكبير على إبراز الثقافة والتراث السعودي كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية، وسعي المملكة لإظهار دورها كجسر بين الثقافات والشعوب.
رؤية المملكة 2030 والرياضة كأداة للتواصل العالمي
تسعى رؤية المملكة 2030 إلى تحويل السعودية لنموذج عالمي في مختلف المجالات، بما في ذلك الرياضة.
فكأس العالم 2034 ليس مجرد حدث رياضي، بل هو منصة عالمية تعكس التحولات الجذرية التي تشهدها المملكة في السنوات الأخيرة، والرياضة تعد واحدة من أهم وسائل بناء جسور التفاهم بين الشعوب، وتمثل فرصة ذهبية لا تتكرر لتقديم صورة عصرية عن المملكة تجمع بين الإرث والمستقبل.
الثقافة والتراث: قلب استضافة كأس العالم 2034
ستلعب الثقافة والتراث السعودي دورًا محوريًا خلال كأس العالم 2034، حيث إن المملكة غنية بموروثها الثقافي الذي يمتد لآلاف السنين، بل هي قارة لتنوع واختلاف ثقافاتها من شمالها لجنوبها، ومن شرقها لغربها، من كافة الفنون للعمارة، والأزياء التقليدية، وفنون الطهي، والفنون الأدائية، والحرف اليدوية، والتقاليد الشفهية شعر ولهجات مختلفة، والممارسات الاجتماعية المتنوعة للطقوس والاحتفالات، الخ.
استضافة هذا الحدث العالمي تشكل فرصة لإبراز هذه العناصر بطريقة مبتكرة تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم.
1. الفنون الأدائية والفعاليات الثقافية كسبيل للمثال
ستكون الفنون الأدائية مثل العرضة السعودية، والسامري، والزامل، والدحة، والقزوعي، والرازف جزءًا رئيسيًا من الاحتفالات المصاحبة للمباريات. حيث إن هذه الفنون تعكس التنوع الثقافي للمملكة وتعبر عن روح الوحدة والانتماء الوطني. كما سيتم تنظيم فعاليات ثقافية في مختلف المدن المستضيفة، تشمل معارض فنية وحفلات موسيقية تعرض التراث السعودي بأسلوب معاصر يحاكي العالم.
2. السياحة التراثية والتاريخية
تعد المملكة موطنًا للعديد من المواقع التاريخية التي أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، فلدى المملكة إلى الآن 8 مواقع مسجلة عالمياً قابلة للزيادة مثل موقع الحجر في العلا، وحي الطريف في الدرعية، وجدة التاريخية، والفنون الصخرية في حائل، ومنطقة حمى الثقافية في نجران، وواحة الأحساء بالأحساء، ومحمية عروق بني معارض في نجران، والفاو في وادي الدواسر، ومحمية عروق بني معارض.
ومن خلال استضافة كأس العالم، ستتاح للزوار فرصة لزيارة هذه المواقع والتعرف على تاريخ المملكة العريق. عبر برامج سياحية مصممة خصيصًا ستدمج بين المباريات وزيارات للمواقع التراثية، مما يمنح المشجعين تجربة فريدة تجمع بين كرة القدم والثقافة.
3. الأزياء التقليدية والهوية البصرية
عبر تسليط الضوء على الأزياء التقليدية السعودية من خلال مبادرات مثل تخصيص أيام يرتدي فيها الزوار والمقيمون الملابس التقليدية، وعرضها في متاجر عالمية داخل المدن المستضيفة. وبلا شك أن الهوية البصرية للبطولة ستستلهم من الأنماط والزخارف التراثية السعودية، مما يعكس الاعتزاز بالجذور الثقافية.
4. فنون الطهي عنصر جذب عالمي
المطبخ السعودي سيكون حاضرًا بقوة خلال كأس العالم فهي فرصة لتذوق المأكولات السعودية مثل الكبسة والجريش والسليق، إلى جانب الحلويات التقليدية مثل الكليجا، وعرضها بأسلوب معاصر يعزز مكانة المطبخ السعودي عالميًا.
البنية التحتية: مزيج من الفنون والنماذج العصرية
تعمل المملكة على تطوير بنية تحتية عالمية المستوى لاستضافة كأس العالم، بما يشمل الملاعب والفنادق وشبكات النقل.
وما يميز هذه البنية التحتية هو المزج بين الفنون والنماذج العصرية، فعلى سبيل المثال، ستستوحى تصاميم بعض الملاعب من العمارة التقليدية السعودية، مثل النقوش الجدارية في منطقة عسير، والمباني الطينية في نجد.
التقنيات الحديثة ودورها في إبراز التراث
لن يكون التراث مجرد عنصر تقليدي، بل سيتم دمجه مع التقنيات الحديثة لخلق تجربة تفاعلية للزوار. تقنيات الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) ستتيح للزوار استكشاف المواقع التاريخية بطريقة مبتكرة. على سبيل المثال، يمكنهم زيارة الدرعية كما كانت في القرن الثامن عشر باستخدام نظارات الواقع الافتراضي.
الأثر الاقتصادي والثقافي
استضافة كأس العالم 2034 تحمل معها فوائد اقتصادية هائلة، لكنها أيضًا فرصة لتعزيز الحوار الثقافي. فالزوار الذين سيحضرون المباريات سيغادرون بأفكار جديدة عن المملكة وثقافتها، مما يساهم في تحسين الصورة الذهنية للمملكة عالميًا. كما أن هذه الاستضافة ستعزز من اهتمام الأجيال الجديدة بالتراث الوطني، حيث سيتم تقديمه بطريقة ملهمة ومرتبطة بالحاضر.
التفاعل مع العالم: كرة القدم كوسيلة للوحدة
من خلال استضافة كأس العالم، تسعى المملكة إلى تعزيز التفاهم بين الشعوب. كرة القدم هي لغة عالمية تتجاوز الحدود الثقافية والجغرافية، والمملكة ستستخدم هذه المنصة لتقديم نفسها كدولة تنبض بالتنوع الثقافي والانفتاح.
الختام
استضافة المملكة لكأس العالم 2034 ليست مجرد حدث رياضي، بل هي فرصة تاريخية لتقديم التراث والثقافة السعودية في أبهى صورة، من خلال المزج بين الماضي والحاضر والمستقبل، وستسهم هذه الاستضافة في تعزيز الهوية الوطنية، وبناء جسور من التفاهم مع العالم.
المملكة العربية السعودية تستعد لتكون ليست فقط مركزًا رياضيًا عالميًا، بل أيضًا نموذجًا للاندماج الثقافي والاحتفاء بالتراث.