أسوشيتد برس: حملة قمع إسرائيلية ضد الفلسطينيين بإسرائيل بسبب حرب غزة
انقلبت حياة المحامي أحمد خليفة رأسا على عقب بعد أن وجهت إليه تهمة التحريض على الإرهاب لترديده شعارات تضامنية مع غزة، في احتجاج مناهض للحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويقول المحامي والمستشار البلدي (المقيم وسط إسرائيل) إنه أمضى 3 أشهر صعبة في السجن تلتها 6 أشهر من الاحتجاز في شقة. ومن غير الواضح متى سيحصل على حكم نهائي ببراءته أو إدانته. وحتى ذلك الحجين، فإنه محظور من مغادرة منزله منذ الغروب حتى الفجر.
تقول وكالة أسوشيتد برس إن خليفة واحد من أكثر من 400 مواطن فلسطيني في إسرائيل تم التحقيق معهم من قبل الشرطة منذ بداية الحرب على غزة بتهم “التحريض على الإرهاب” أو “التحريض على العنف”، وفقا لمنظمة عدالة، وهي مجموعة حقوقية قانونية للأقليات. وقالت عدالة إن أكثر من نصف الذين تم التحقيق معهم وُجهت إليهم اتهامات جنائية أو احتُجزوا.
وتحدث خليفة للوكالة في مقهى بمسقط رأسه أم الفحم، ثاني أكبر مدينة فلسطينية في إسرائيل، وقال “أوضحت إسرائيل أنها ترانا أعداء أكثر من مواطنين”.
وتحصي إسرائيل نحو مليوني مواطن فلسطيني، وتزعم أن هؤلاء يتمتعون بحقوق متساوية، بما في ذلك الحق في التصويت، وأنهم ممثلون بشكل جيد في عديد من المهن، غير أن عديدا من الفلسطينيين يتعرضون لتمييز واسع في مجالات، مثل الإسكان وسوق العمل.
وأظهرت سجلات منظمة عدالة أن السلطات الإسرائيلية فتحت مزيدا من القضايا المتعلقة بالتحريض ضد المواطنين الفلسطينيين خلال الحرب على غزة مقارنة بالسنوات الخمس السابقة مجتمعة.
تهمة واحتجاز
ويكفي توجيه تهمة “التحريض على الإرهاب” أو “التعاطف مع جماعة إرهابية” لوضع المشتبه به في الاحتجاز حتى يتم الحكم عليه، بموجب قانون عام 2016.
بالإضافة إلى توجيه تهم جنائية، فقد عدد من فلسطينيي الداخل وظائفهم، وتم تعليق تسجيلهم بالمدارس، وتعرضوا لتحقيقات الشرطة لمشاركتهم منشورات على الإنترنت أو تظاهرهم، وفقا لناشطين وحقوقيين.
تقول أمية جبارين، التي سُجن ابنها لمدة 8 أشهر بعد احتجاج مناهض للحرب، إن “أي شخص يعبر عن رأي مناهض للحرب سيتم سجنه ومضايقته في عمله وتعليمه. الناس هنا جميعهم خائفون، خائفون من قول: لا لهذه الحرب”.
جبارين كانت من بين مئات الفلسطينيين الذين ملؤوا شوارع أم الفحم في وقت سابق من هذا الشهر حاملين لافتات وهاتفين بشعارات سياسية، لكن تلك المظاهرة شهدت حضورا ضعيفا، ففي السنوات التي سبقت الحرب، كانت بعض الاحتجاجات تجذب عشرات الآلاف من الفلسطينيين في إسرائيل.
قال خليفة إنه اختار عدم حضور المظاهرة التي جرت تحت مراقبة مكثفة من قوات الأمن، وتفرقت من دون حوادث بعد نحو ساعتين من بدايتها.
تشريعات وقوانين
بعد وقت قصير من عملية طوفان الأقصى، تحركت الحكومة اليمينية المتشددة في إسرائيل بسرعة لتعزيز فريق عمل وجه اتهامات للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل بـ”دعم الإرهاب” بسبب منشوراتهم على الإنترنت أو الاحتجاج ضد الحرب. في التوقيت نفسه تقريبا، عدل المشرعون قانونا أمنيا لزيادة المراقبة على نشاطات الفلسطينيين داخل إسرائيل عبر شبكة الإنترنت، وفقا لما قاله نديم نشيف، مدير مجموعة حقوق الرقمية “حملة”، الذي أكد أن تلك التحركات منحت السلطات مزيدا من السلطة لتقييد حرية التعبير وتكثيف حملات الاعتقالات.
يقود فريق العمل وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير. وقال مكتبه إن فريق العمل راقب آلاف المنشورات التي يزعم أنها تعبر عن “الدعم للمنظمات الإرهابية”، وإن الشرطة اعتقلت “مئات من مؤيدي الإرهاب”، ومن بينهم قادة الرأي العام والمؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي والشخصيات الدينية والمعلمون وغيرهم.
وقال مكتب بن غفير -في بيان- إن “حرية التعبير ليست حرية التحريض.. التي تضر بالسلامة العامة وأمننا”.
لكن النشطاء وجماعات حقوق الإنسان يقولون إن الحكومة وسّعت تعريفها للتحريض بشكل مبالغ فيه، مستهدفة الآراء المشروعة التي هي في صميم حرية التعبير.
فمن جانبها، تقول محامية حقوق الإنسان في منظمة عدالة ميسانا موراني إن مواطنين فلسطينيين تم اتهامهم بأشياء تبدو غير ضارة مثل إرسال “ميم” (صورة ساخرة) لمجموعة دبابات إسرائيلية أسيرة في غزة في مجموعة دردشة خاصة على واتساب، في حين تم اتهام شخص آخر بنشر صور أطفال، مع تعليق باللغتين العربية والإنجليزية “أين كان الناس الذين ينادون بالإنسانية عندما قتلنا؟”.
بدورها، قالت مجموعة الناشطات النسويات “كيان” إن أكثر من 600 امرأة اتصلن بالخط الساخن بسبب ردود الفعل السلبية في مكان العمل لحديثهن ضد الحرب أو حتى لمجرد ذكرها سلبا.
ويظل المحامي خليفة غير مقتنع بأن حملة القمع على الكلام ستنتهي، حتى لو انتهت الحرب، وقال إن المدعين الإسرائيليين أبدوا اعتراضهم على شعارات تمدح المقاومة بشكل عام وتحث غزة على الصمود، لكنها لم تذكر العنف أو أي جماعات مسلحة. من أجل ذلك، قال إن الحكومة تحاول منعه من ممارسة مهنته، ويواجه عقوبة تصل إلى 8 سنوات في السجن.