مترنم على قرع الموروث.. حَصِيدَة تربة «الحصباء»
ذلك الشاعر الفنان؛ ورث ثمرات حسه الفلكلوري من ترسانة الموروث.. طوَّر الإرث العسيري فأصبح علامة فارقة نال بها إعجاباً وشهرة.. أغنى بكلماته وألحانه الشيقة النسائم العذبة للمتشوقين للموروث.. أدرَّ شجناً رفيعاً يحاكي الأرض والإرث والتراث.. صنع طربيات تناجي سواكن القلب والوجدان.. كل ذلك أثمر عن ترانيم معبِّرة عن عمق المكان وجغرافية التربة الجنوبية.
ذلك الصادح لتلك التربة الواقعة على قمة جبال السروات بأوديتها، ذات النباتات الطبيعية ومساقط مياهها العذبة؛ أنشأ إنشاداً بترتيل انشراح ونغمة انفتاح، تتهلل منه السرور والمسرة، والغبطة والفرحة.. واستحدث بتغريداته الصوتية مسيرة أرض بظواهرها الطبيعية الجيولوجية ومظاهرها البشرية الفيزيائية.. واستجلب حكايات الزمن الجميل من الماضي التليد لينثرها على الحاضر المجيد.
ذلك الشاعر الأصيل والمنشد النبيل حين تواضع مثل كل الكِبار؛ تَفَجّر بالأدب وانْفَجَر بالإنسانية.. وعندما الْتذَّت في داخله موضوعية الفن الشعبي برونق أداء وغزارة معانٍ؛ تَنَعَّم بالنجابة ونَعُمَ بالأريحية.. ولما باح بسحره الفني الفلكلوري الرصين ذوقاً وخُلُقاً؛ تَتَرَّف بنسيج بديع من البهاء، وتَرُفَ بالجمال والمتعة.
ذلك الفنان بحنجرته الذهبية المترنمة على خيالاته الفضفاضة، وجمالياته المستفيضة، وذوقياته الرحيبة؛ جعلته لا يجلس على «دكة» الاحتياط أبداً، إنما لاعباً رئيساً في كل مناسبة وطنية أو شعبية أو ترفيهية على امتداد الوطن، فأضافت ابتكاراته صفة متميزة من البهجة وجودة الحياة.
أما حياة الماضي والحاضر لتلك الشخصية العسيرية المتجذرة الثرية؛ فقد قضى وقتاً مريحاً من سني عُمره مزارعاً برفقة والديه في قريته الريفية.. هذه المهنة الساحرة زادته ثقة بتحصيله العلمي؛.. هذه المهنة الفاتنة علَّمته الانتماء والولاء والنبل والوفاء.. هذه المهنة الصبيحة؛ جعلته يروي داخل صدور طلابه حصاد خدمة الوطن، فأصبحوا في مواقع وطنية مرموقة.
أخيراً:
نتطلّع بأمل وشوق في مهندس الترفيه السعودي، رئيس هيئة الترفيه معالي المستشار تركي آل الشيخ؛ تكريم تلك القامة الوطنية المتفانية، تقديراً لعطائه وأدائه المتميز.. كلنا ثقة في «أبي ناصر» لتحقيق تلك الأمنية، لما عهدناه في معاليه من دعم للكوادر الوطنية المخلصة.