منوعات

من يسد الفجوات؟

عادوا للاجتماع من جديد، وهذه المرة في القاهرة، المحروسة، التي يعرفها البشر، كل البشر، وأولهم نتانياهو، الإسرائيلي المتغطرس، من صدق بأنه مميز وله حقوق تفوق حقوق الآخرين، فأمسك بالقلم وعبث بالخرائط، شرقاً وغرباً، وشمالاً، وأراد فرض «الأمر الواقع» على الجميع بعد أن غرته آلته العسكرية، و«استأنس» لأحضان بلينكن ورئيسه الذي أسماه ترامب قبل يومين «بايدن المترنح»!

عادوا إلى القاهرة ليسدوا الفجوات، وليس للتوصل إلى سلام يجنب المنطقة حرباً إن اشتعلت لن يطفئها أحد، وهذه الفجوات من صنع وزير الخارجية الأمريكية، بلينكن الذي لا يعرف من يمثل في جولاته وتنقلاته ومفاوضاته، هو من «خرق» كل التفاهمات السابقة، وشوه متعمداً مبادرة رئيسه المطروحة في بداية شهر يوليو الماضي، والتي تم تأييدها من جميع الأطراف، وفوقهم مجلس الأمن الدولي، وكان نتانياهو موافقاً عليها قبل أن تعلن، ومن ثم تراجع خطوة تلو أخرى حتى فرغها من محتواها بمباركة من بلينكن!

نتيجة المفاوضات ستكون على عكس ما يتمناه العالم تجنباً لانتقال الحرب من قطاع غزة إلى المنطقة كلها، والسبب أن الوسيط يفتقد معايير الوساطة، فهو «مترنح» بحق، وغير مستقر على رأي، ومؤيد لطرف هو اليوم من يشار إليه عند الحديث عن القتل والدمار والإبادة الجماعية، ولو كان هذا الوسيط نزيهاً لتوقفت حرب غزة منذ الأسبوع الأول، ولكنها تركت لتطول، وما زال هناك من يريدها مستمرة حتى يحقق مكاسب تاريخية، مثل الاعتراف بتواجد الجيش الإسرائيلي على حدود مصر، وهذا عبث بأمن وسلامة الأراضي المصرية، وتثبيت للاحتلال في قطاع غزة، وبعد كل هذا التلاعب يتحدثون عن «سد الفجوات» التي أحدثوها، وبحلول وسطية تمنح نتانياهو شيئاً من النصر الذي يبحث عنه!

مصر المحروسة علمتنا الصبر وسعة الصدر، وعلمتنا أنها ليست «فجوة» وليست ممراً لأحد، بل هي «شوكة» تدمي أرجل كل من حاولوا العبث معها، وعلى المتلاعبين أن يسدوا فجواتهم قبل أن تتسع!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى