منوعات

قائد في قلب الحياة

للشخصية القيادية ثلاثة روافد تتأسس على الفطرة القوية، والتربية الرشيدة، والخبرة النافذة، وهي الروافد التي تجسدت على نحو متميز جداً في شخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الذي يعترف له كل أهل الخبرة والذكاء والسيادة بنفوذ بصيرته في علم القيادة نفوذاً جعل منه قدوة نادرة للقيادات الباحثة عن نموذج فريد في هذا المسار الصعب من مسارات الحياة، وماذا تقول الكلمات في وصف قائد فارس في جنب ما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في قصيدته الباهرة (أخوي محمد) حين وصف مناقب سموه فقال:

والله إنك يوم صكّات الحبال

سيف يُمنى حدّك رهيف النصل

تاج راسي عزّ في سود الليال

عِزوتي وان غِلق للشيمة سبل

كم للدوله نَقَلْ كتفك وشال

إن خلَصْ فرضك تليته بالنَّفَل

ولأن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يؤمن بأن بناء القادة يجب أن يصبح ثقافة وممارسة، فقد قص على قرائه ومحبي حرفه كثيراً من المواقف القيادية العملية التي تلقاها عن والده المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، تماماً مثلما اغترف من البحار الزاخرة لمؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بحيث غدت هذه النماذج المُلهمة مصدر إشعاع وتأثير.

وهو الشيء نفسه الذي يريد له صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن تتلقاه الأجيال القادمة من قادة الدولة، فلذلك يحرص بين الحين والآخر على نشر تدوينة أو مقطع صوتي يركز على قيمة بناء الشخصية القيادية، وإضاءة المعايير الصحيحة للقيادة التي تصنع القادة، بحيث تظل هذه الثقافة سلسلة متواصلة الحلقات، تستلهمها الأجيال، وتصبح جزءاً من الميراث الثقافي والسياسي لهذا الوطن الحبيب.

في هذا السياق من التربية المدروسة للشخصية الوطنية، أطل علينا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بمقطع عميق المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي يتحدّث فيه عن القائد القدوة الذي يستحق هذه المنزلة المتفردة بين نماذج القيادة، من خلال التأكيد على التلاحم الصادق بين القائد وشعبه، وعدم النظر إليهم من برج الحُكم العاجي الذي يكون هو السد الفاصل بين القيادة والشعب.

«لا يوجد قائد حقيقي من دون أن يمثل قدوة حقيقية لمن حوله» بهذه النبرة الواثقة واللغة الجازمة يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على العمق الحقيقي للقيادة، وأن سر القيادة وجوهرها هو ارتقاؤها إلى منزلة القدوة وإلا فهي نوع من أنواع الحكم ربما كان إلى التسلط أقرب منه إلى القيادة التي تقوم في جوهرها على الثقة والحب والرغبة الصادقة في اقتحام الصعاب والأهوال مشياً مع القائد وخلفه تعبيراً عن ريادته ومكانته وخبرته التي يتقدم بها الصفوف كقائد شجاع لا يكتفي بإعطاء الأوامر بل ينخرط بقلبه وروحه وعقله مع فريق العمل الذي اختاره، والذي ينتشر حوله بكل جسارة لتحقيق أمنيات الوطن والارتقاء بمسيرته نحو النهضة والتنمية.

«قدوة في أفعاله وأقواله وأفكاره، بل أستطيع القول: إن ما يبقى من القائد القدوة هي الأقوال والأفعال والأفكار» في هذا المقطع من حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يضيء المعنى العميق للقدوة، وأنه يتشكل من ثلاثية الوعي الصحيح في الإنسان القائد الذي يفكر بكل الخطط ثم يصوغها في كلمات مكثفة ثم يجعلها واقعاً متحقّقاً من خلال الفعل الحقيقي بحيث لا تكون مجرد كلمات ووعود في الهواء تتطاير بلا أدنى حضور حقيقي في الحياة، ومن نظر في سيرة سموه جزم بأن أبا راشد هو رجل القول والعمل.

ومن منا ينسى تلك اللحظة التي وقف فيها صاحب السمو مثل صقر شامخ أمام جمهور ضخم ثم قال كلمة تستحق أن تظل خالدة في الوجدان الوطني حين قال: «الكل يتكلم، ونحن ننجز» لأن سموه يعلم يقيناً أن الذي يبقى من القائد القدوة هو أفكاره وكلماته وإنجازاته.

«القدوة الإيجابية أساسية لنجاح أي قائد، وهي أسرع وأقوى طريقة للتعلم، فالناس لا ينظرون لكلماتك بقدر ما ينظرون لأفعالك وتصرفاتك» إن فكرة الإيجابية هي واحدة من القيم الروحية الراسخة في شخصية سموه، فهي ليست مجرد لفظ يقال لدغدغة العواطف بل هي بحسب عبارته طريقة تفكير، وتأكيداً على القيمة الفريدة لمفهوم الإيجابية، كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد كتاباً كاملاً بعنوان «تأملات في السعادة والإيجابية» هو بمثابة المدونة التي تستلهم منها العقول والأجيال كثيراً من الأفكار الملهمة التي تدفع نحو الإنجاز بقلوب قوية ونفوس مستبشرة وصدور منشرحة.

فالعزائم الخائرة ليست قادرة إطلاقاً على ترك لمسة الإبداع والتميز في أي مشروع تقوم بتنفيذه، بل إن الإبداع هو ثمرة الشعور العميق بالإيجابية لأنها هي التجسد الصحيح للأفكار أمام الناس الذين يقتنعون بإنجازات القائد لا بأفكاره النظرية المجردة.

«القائد الحقيقي لا يُغلق الباب الذي بينه وبين الناس، ولا يعزل نفسه عن جمهوره، بل يكون جزءاً من الحياة الحقيقية، حياة الميدان»، ثم كانت هذه الخاتمة الرائعة التي تؤكد عمق التواصل بين القائد والناس حين يكون منخرطاً معهم يحمل معهم أثقال الحياة ويقاسمهم أفراحها، ويخفف عنهم من أتراحها.

فالباب مفتوح والديوان عامر بالقائد وفرسان الوطن وأصحاب الحاجات الذين لا يجدون أدنى حاجز يحول بينهم وبين الوصول إلى القائد الذي منحوه محبتهم وثقتهم، فهو سندهم وهو الذي يعيش معهم في قلب الحياة ويقطع معهم مسيرة الميدان تعبيراً عن الفروسية الأخلاقية للقيادة، والأصالة الوطنية التي تعرف قيمة التلاحم الفريد بين جميع أبناء الوطن في مسيرة بنائه وإعلاء شأنه بين الأمم والشعوب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى