منوعات

في الحروب الجميع خاسرون

ليس الأطفال فقط ولا النساء كما يتكرر دائماً أنهم هم من يدفعون ثمن الحروب والأزمات والمجاعات، هم الطرف الأضعف ربما، الطرف الهش في حكايات الصراع، الذي لا حول له ولا قوة، لكن الحياة كلها تدفع الثمن، الرجال الذين تفقدهم عائلاتهم، الذين لا يطلون في الصباحات على وجوه أطفالهم، الذين لا يظلون الكتف الصلب، الذي تتكئ عليه الأمهات والأخوات والزوجات.

ويدفع الشباب الثمن غالياً، والشباب هم مستقبل الحاضر، هم الأمل، هم نسغ الحياة، حين ينسلون تباعاً تاركين الأرض والحياة والفضاءات، التي كانوا يملأونها بالعمل والضحك والسعي، ماذا يبقى بعدهم: يملأ الحزن قلوب الأمهات والآباء الذين لطالما انتظروا على ناصية الحلم بانتظار تفتح الأزهار، كما يملأ الجفاف الأرض والوقت وأمكنة العمل وساحات اللعب.. فهل يمكن أن تسمى حياة بدون الشباب؟

حركة الحياة ومحركات العمل التي تدور لأجل أن يستمر الجميع مقاومين كل الطوفانات وأشكال الظلم والجور والتقتيل، حركة الحياة هذه تدفع الثمن غالياً، حين يتم استبدال الأحياء بالجثث والأشلاء، وحين يقايض الفرح بالدموع والبكاء، ولا يعود هناك أي أمل، بل فضاء معبأ بالقهر والذل والحسرة، حين يطلب منك أن تغادر وطنك، أن تقتل قبل أن تغلق الباب خلفك، أن تسكن الأوجاع وتنسى المسرات إلى الأبد، عندما يحدث ذلك يكون سادة الموت وصناع القتل قد اتخذوا قرارهم بأن الحرب هي الحل!

لا حل إلا بعودة الحق، فمتى يعود الحق لأهله؟ وحتى يحين عودة الحق هل سيكون الثمن مزيداً من القتلى والمآسي؟ هل تبدو هذه المعادلة عادلة ومنطقية؟ سؤال بحجم الجغرافيا والوجود، لكن لا حل إلا بتحقق العدالة، فكيف ومتى؟ ثم من قال إن ما يحدث اليوم من حصد يومي للأرواح وتطهير عرقي وإبادة جماعية مقننة يمكن أن يؤخذ ويقبل على أنه دفاع مشروع عن النفس؟ وأي منطق يقبل ذلك؟ لأنه لا يقبل أن يكون ثمن الدفاع عن حياة البعض إبادة حياة الجميع!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى