منوعات

شرف العمامة ومكانتها عند العرب

من لطيف ما يضاف إلى العرب إضافة أشياء، ظاهرها أسماء مجردة، وباطنها معانٍ عميقة، وقيم رفيعة، وقصص ملئت بالمواعظ والحكمة.

ومن ذلك؛ إضافتهم التيجان إلى العرب؛ فقالوا: «تيجان الْعَرَب». ذكرَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنَّ عَلِياً – أمير المؤمنين- قَالَ: ‌الْعَمَائِمُ: «‌تِيجَانُ ‌الْعَرَبِ»، فَإِذا وضعوها وضع الله عزهم.

وقال أيضاً: «جمال الرجل في عمّته». قال المطرزي في شرح المقامات كان يقال: «اختصَّ اللهُ العرب بأربع: العمائمُ تيجانها، والحِبا حِيطانها، والسيوف سِيجانها، والشِّعر ديوانها»، أما الشعر فكانوا يرجعون إليه عند اختلافهم في الأنساب والحروب، ولأنه مستودع علومهم وحافظ آدابهم ومعدن أخبارهم، وقال بعضهم: (الشعرُ يحفظ ما أودى الزمانُ به… والشعرُ أفخر ما يُنْبي عن الكرم).

(لولا مقال زهير في قصائده… ما كنت تعرف جودا كان في هَرِم).

وقيل لأعرابي: ما لك لا تضع العمامة على رأسك؟ قال: إن شيئاً فيه السمع والبصر لحقيق بالصون. قال أبو عبيد: والمشاوِذ: العمائم، وَاحِدهَا مِشْوَذ. قَالَ الْوَلِيد بْن عقبَة بن أبي معيط: «إِذا مَا شددتُ الرَّأْس مني بِمشْوَذٍ… فَغَيَّكِ مني تغلبُ ابنةَ وَائِل». وقَالَ أيضاً: «والعصائب هِيَ العمائم أَيْضاً» وقَالَ الفرزدق: «ورَكْبٍ كَأَن الرّيح تطلب مِنْهُم… لَهَا سلبا من جذبها بالعصائب»،

ومن أسمائها: -الْعِمَامَة- ‌المِقْعطة فَإِذا لاثها المعتّم على الرَّأْس وَلم يَجْعَلهَا تَحت حنكه قيل: ‌اقتعَطَها، فَإِذا أدارها تَحت الحنك قيل: تلحاها تلحيا. قال الجاحظ: وربما جعلوها لواء، وربما شدوا بها أوساطهم عند المجهدة «المشقة».

وأضاف: «والنّاس إذا جاعوا واشتدّ جوعهم شدّوا على بطونهم ‌العمائم. فإن استقلوا، وإلا شدّوا الحجر».

قال جرير: تغطِّى نمير بالعمائم لؤمها… وكيف يغطى اللؤم طيُّ ‌العمائم. و«نمير» قبيلة من قبائل العرب.

وفيها يقول أيضاً:

فغض الطرف إنك من نمير… فلا كعباً بلغت ولا كلابا

وقد عد قوم هذا البيت أهجى بيت قالته العرب.

فقال جرير لراويته: حسبك؛ أطفئ سراجك ونم، فقد فرغت منه – يعني قتلته!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى