منوعات

سؤال لأهل السينما!

أكثر ما يحيرني كمشاهدة متتبعة للسينما الجادة، وتلك التي تطرح قضايا الإنسان في علاقته بالآخر وبواقعه، وبتحولات الوعي والإدراك عند الإنسان كفرد، وفي داخل المجتمعات، الأفلام التي يطلق عليها النقاد الكبار ومواقع التقييم الجادة صفة (الأفلام العظيمة)، في حين أنني أتحمل الكثير من العبء النفسي والانزعاج وأنا أشاهدها حتى النهاية، دون أن يصلني هذا المعنى (معنى العظمة)، الذي حدثوني أو قرأت عنه، وإذن، فأين تكمن المشكلة؟

لن يعترف إنسان بقصور الإدراك والفهم وهو يتابع فيلماً سينمائياً، يفترض أنه صنع لجمهور متنوع ومتفاوت في كل شيء: الثقافة والأيديولوجيا والعمر، فلماذا علينا أن نكون عباقرة لنشاهد فيلماً، أو نكون قد قرأنا أكثر من مرة كتابات هيجل ونيتشه وفوكو في النقد والذهن الناقد، ولماذا علينا أن نكون من أتباع مدرسة فرانكفورت في النقد، كي نطالع فيلماً لكبار مخرجي السينما الفرنسية والإيطالية والأمريكية؟ هل يجب علينا ذلك؟

ما أثار في داخلي هذه الأسئلة، هو فيلم blow-up، أو (تكبير الصورة)، الذي أنتج وعرض في عام 1967، الفترة الحاسمة والدقيقة في تاريخ تحولات التاريخ الثقافي والاجتماعي للبشرية، ولأوروبا تحديداً، تلك السنوات التي انتهى فيها تجريم المثلية وتعاطي المخدرات، وبدأ ما يعرف بالحرية الفردية، وتحديد الحرية الجنسية! هذا الفيلم يقول مخرجه إنه ليس عن كل هذه التحولات، ولكن عن الحقيقي والظاهري، وعن علاقة الإنسان بالواقع والوهم!

لكن السؤال الأهم، هل يحق لأي مشاهد أن يرفض هذه الأفلام (العظيمة)، ويعترض على مشاهدتها؟ إنه بالرغم من الإحساس بعدم الانبهار، والملل الذي أحسسته وأنا أشاهده لساعتين تقريباً، فإنه يظل مثيراً للفضول، ويطرح سؤالاً لا يتعلق بالسينما فحسب، بل بأي عمل أدبي وفني معاً: هل يمكننا الاستمتاع بشيء ما، حتى لو لم «نفهمه»؟ وهل ترويج أفكار معينة، كالتي يروج لها هذا الفيلم، الذي يفتتح حقبة مغايرة من السينما المنفتحة، يبيح الدفع بالنقاد للتلاعب بأذهان وأفهام الجماهير؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى