منوعات

تحية إلى لبنان

كتب الشاعر اللبناني بشارة الخوري قصيدة (بيروت هل ذرفت عيونك دمعة)، وصف فيها بيروت بوطن الحضارة والنهى، يقول فيها:

بيروتُ هل ذَرَفتْ عُيونُك دمعةً إلّا تَرَشَّفَها فؤادِي المُغْرَمُ

ما جِئْتَها إلّا هَدَاكَ مُعلِّمٌ فوقَ المَنابِرِ أوْ شَجَاكَ مُتَيَّمُ

بيروتُ يا وطنَ الحضارةِ والنُّهى الحبُّ يَبنِي والجَفاءُ يُهَدِّمُ

فتلقفها الأخوان منصور وعاصي الرحباني، وقاما بتلحينها، لتصدح بها حنجرة فيروز، في واحدة من أعذب مناجياتها لبيروت، الذي جاءها الشاعر الدمشقي نزار قباني، وكتب لها (يا ست الدنيا يا بيروت)، أما ابن فلسطين محمود درويش، فوصفها بأنها مدينة من تعب ومن ذهب، في قصيدة «بيروت»، التي يقول فيها:

تُفَّاحةٌ للبحر، نرجسةٌ الرخام

فراشةٌ حجريّةٌ بيروتُ. شكلُ الروح فى المرآة

وَصْفُ المرأة الأولى، ورائحة الغمام

بيروتُ من تَعَبٍ ومن ذَهَبٍ، وأندلس وشام

أما فيروز، فإنها أكثر من غنى للبنان، وأكثر من التصق به وراهن عليه، مجدته بصوتها، وفي أغنياتها ومسرحياتها، حملته معها إلى كل عواصم الدنيا، وتغنت بحبه وتحضره وجماله وسلامه، من فوق أضخم وأعرق مسارح العالم، فلم تخلُ حفلة أو مناسبة لم تصدح فيها فيروز باسم لبنان الأخضر، وبست الدنيا بيروت، التي نرسل لها ولكل لبنان اليوم، وكل يوم، من قلوبنا، أصدق سلام ودعاء، حتى يخرج من ابتلائه الكبير.

لبنان البلد الذي يختزن ويختزل ذاكرة وذكريات وأيام وشخصية اللبناني الأصيل والحقيقي، الذي تشكّل من تلك التفاصيل الخاصة، التي غنتها فيروز، وهي تردد (احكيلي احكيلي عن بلدي احكيلي)، فمن سيحكي لفيروز الحكاية؟ تطلب فيروز من النسيم أن يحكي، وهو يمر على الشجر الأخضر، حكاية عن الأهل، وعن البيت، وعن جار الطفولة، حكاية طويلة! وعن الزّيتون والصّبي والصّبيّة بفَيّ الطّاحون.

هذه الصور الرومانسية، التي تبدو وكأنها هاربة من زمن بعيد، هي لبنان الوطن، الذي حمله كل لبناني خرج وهاجر، ولم يعد بسبب الخوف والحروب والصراعات، و… لكن كل مصائب السياسة لم تمحُ صورة لبنان الأخضر الجميل، صورة الوطن الذي تناديه فيروز دائماً

وطني يا جبل الغيم الأزرق

وطني.. يا قمر النّدي والزّنبق

يا بيوت الْـ بيحبّونا

يا تراب اللّي سَبَقونا

يا زغيَّر ووِسع الدّني.. يا وطني

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى