منوعات

الممرضة الصالحة

«الممرضة الصالحة» أو ( THE GOOD NURSE)، فيلم جريمة أمريكي صدر في عام 2022، يتصدى لظاهرة الفساد والتسيب في القطاع الصحي الأمريكي، وتنصل المسؤولين في المستشفيات من المسؤولية، ما أتاح المجال لقاتل متسلسل ومهووس، بأن يقوم بقتل 400 مريض في المستشفيات الأمريكية التي عمل فيها ممرضاً طوال 16 سنة، دون أن يلمس أياً منهم، بسبب الطريقة التي كان يتبعها في القتل، ما يجعل الجريمة تبدو وكأنها موت طبيعي للمريض، وهو ما أدى لعدم اكتشاف أمره طيلة هذه السنوات، حتى أتت الممرضة إيمي لوجرين (لعبت دورها «جيسيكا شاستين» الحائزة على الأوسكار) واكتشفت جرائمه!!

كانت لحظة الاكتشاف مرعبة، ومواجهة القاتل وجهاً لوجه لم تكن سهلة، من هنا يأتي صلاح الممرضة، والصلاح هنا، يعني الحرص على المصلحة، والتقيد بأخلاقيات وشرف المهنة، التي هي الحفاظ على حياة المرضى وخدمتهم، وليس قتلهم، كان الممرض القاتل يغتال قيمة كبرى، ضحى لأجلها ملايين الممرضين والممرضات بحياتهم، لإنقاذ المرضى على الطرقات وفي الحروب وغرف العمليات و… إلخ، لذلك، فالفارق هنا بين الممرضة والممرض، ليس في أي شيء إلا في مقدار الانتماء للقيم والانحياز لحق الحياة.

وفي لحظة انهيار كامل لجدار السرية الوهمي، الذي صنعه القاتل لنفسه، واحتمى خلفه، مستغلاً ضعف البنية الإدارية والقانونية التي يتحرك فيها، سألت الممرضة الممرض القاتل «تشارلي كولين» (لعب دوره «إيدي ريدماين» الحائز على الأوسكار) في نهاية الفيلم: لماذا فعلت ذلك؟ فأجابها: (لأنه لم يَرْدَعني أحد).

وهذه الإجابة، بقدر ما تشكل استفزازاً مرعباً للنفس السوية، فإنها تكشف حجم الهشاشة والتسيب والفساد واللامبالاة، وانعدام الرقابة وترهل بنية القوانين، التي سمحت لهذا القاتل بالتنقل بين المستشفيات ببساطة، وارتكاب مئات الجرائم! قال لها بهدوء (لأنني لم أجد من يردعني)، ومثله قال فرعون، حسب المثل المصري (يا فرعون من فرعنك، قال لم أجد من يردني)، كما قالها ممرض في فيلم يمثل المجتمع المتحضر المتطور كذلك.. وبين فرعون والممرض آلاف السنين، وملايين البشر.. لكن النفس البشرية واحدة، تتأرجح بين الخير والشر، والفساد سبب لكل التجاوزات، أما النتيجة، فنفسها في كل مكان!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى