منوعات

اختلالات العالم

سافرت إلى أوروبا بعد وباء كورونا مرة واحدة فقط كانت من عامين، اقتصرت زياراتي القصيرة جداً على دول عربية محددة وتركيا، تغير كل شيء في أوروبا، ليس على صعيد الإنشاءات وأسعار الفنادق والمطاعم فقط، ولكن على مستوى سلوك الناس، كما على مظاهر معتادة كانت تشكل سمات عامة، فأوروبا السبعينيات والثمانينيات لم تعد موجودة، من حيث مستويات الأمن وارتفاع مستوى معيشة وثقافة الفرد، إن حالات السرقة المتزايدة في بعض العواصم والاستفزازات الموجهة للسياح، والارتفاعات الفلكية في الأسعار، وغياب مشهد قراء الكتب في المطارات والقطارات، وتنامي العنصرية، وتغير توجهات السينما، و… يدل على اختلالات عميقة!

أما في بعض البلدان العربية فمن الواضح أن هناك وضعاً سائداً، أثر على حياة وأفكار وعلاقات الناس بكل ما يحيط بهم، كما أفرز حالة من الإحباط واليأس من المستقبل، وانعدام المصداقية في أداءات الأنظمة، بسبب تدهور الاقتصاد وتخلخل مفاصل الدولة، وانتشار الفساد وتزايد معدلات الهجرة!

حدث ذلك بشكل متزايد في السنوات التي أعقبت وباء كورونا، تماماً كما حدثت نفس الانهيارات المادية والنفسية في شخصية البشر، الذين شهدوا تلك الأزمات الكبرى كالحرب العالمية الأولى والثانية، وتلك الأوبئة الكبرى مثل جائحة عام 1918، التي عرفت تاريخياً بالإنفلونزا الإسبانية، ما يعني أن هذه الكوارث هي التي تعيد صناعة تاريخ البشرية أكثر مما يحدث في أوقات السلام والاستقرار.

أما الذين يؤمنون بشكل مطلق بنظرية المؤامرة فيقولون إن هناك قوى خفية، تسعى لوجود هذه الكوارث من أجل الاحتفاظ بموارد الطبيعة، التي تكفي لمليار شخص فقط في كل العالم، أما البقية فلا بد من التخلص منهم، هذا المليار الذهبي الذي بدأ الحديث عنه بقوة أثناء اشتداد (جائحة كورونا 2020) باعتبارها واحدة من أدوات تنفيذ مؤامرة!

والحقيقة أن الحروب والكوارث والأمراض تحصد البشر على كوكب الأرض على امتداد التاريخ، فجائحة إنفلونزا 1918 أو ما عرف بالإنفلونزا الإسبانية انتشرت بعد الحرب العالمية الأولى في أوروبا، وتسببت في القضاء على ملايين البشر، بسبب فيروس شديد الخطورة، وتسبب في قتل حوالي 500 مليون أي ما يعادل ضعف الذين قتلوا في الحرب نفسها!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى