هذا ما تتوقعه الصين من ولاية ترامب الثانية
بكين- يعيد الوصول الثاني للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض طرح تساؤلات عن مستقبل العلاقات السياسية والاقتصادية مع الصين، والتي شهدت تقلبات حادة خلال فترة رئاسته الأولى بدءا من عام 2016.
ومن المقرر أن يتولى ترامب منصبه في يناير/كانون الثاني المقبل حيث ينظر إلى العلاقات التجارية بين البلدين كوسيلة مهمة للضغط على بكين، وهو ما يراه محللون محركا لعواصف جديدة في وجه هذه العلاقات، بينما يرى آخرون أنه لن يستطيع تجاوز خطواته السابقة خشية التأثير على اقتصاد الولايات المتحدة.
وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية والتجارية مع الصين، يرجح مراقبون أن يتبنى ترامب ممارسات مماثلة لما كان عليه الحال خلال فترة ولايته السابقة، مثل إقامة الحواجز التجارية وفرض القيود على التكنولوجيا واعتماد ضوابط للتصدير، وتوقعوا حروبا مالية وقيودا على الاستثمار.
سياسة مماثلة
يقول دينغ جيون أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الدراسات الدولية في شنغهاي -للجزيرة نت- إن ترامب لن يرفع سقف العقوبات عما كان خلال ولايته الأولى لسببين اثنين:
- الأول: مضاعفة ضغط سلسلة التوريد بشكل حاد، والذي سيجعل من الصعب على الشركات الأميركية العثور على موردين بديلين منخفضي التكلفة خلال فترة قصيرة من الزمن، مما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة الضغوط التضخمية في السوق الأميركية.
- الثاني: الضغوط المضادة من جانب السوق الدولية، حيث واجه المزارعون الأميركيون عام 2018 ضغوطا أكبر في السوق بعد فرض الصين تعريفات جمركية مضادة.
وكان ترامب طرح اقتراحا خلال حملته الانتخابية لفرض رسوم جمركية كبيرة تصل إلى 60% على السلع الصينية.
وتزامن هذا التصعيد الخطابي مع زيارة إلى بكين هي الأولى من نوعها لمستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جيك سوليفان الذي قال “إننا نعتقد أن البلدين يجب أن يتعايشا بسلام لفترة طويلة”.
وهو ما أكد عليه الرئيس الصيني شي جين بينغ في برقية تهنئة إلى ترامب، حيث قال إنه “يتعين أن تعزز الولايات المتحدة والصين الحوار بينهما”.
وهذا ما تتوقعه الصين من ولاية ترامب الثانية:
تراجع الحدة
من جانبه، يرى سون شينغ جي نائب عميد كلية العلاقات الدولية بجامعة “صون يات صن” أن سياسة ترامب تجاه الصين قد تتخذ أشكالا جديدة، لكن الرسوم الجمركية والحرب التجارية لن تكون حدتها أكبر مما كانت عليه خلال فترة ولايته الأولى.
ويوضح سون -في مقابلة مع موقع “الأخبار المباشرة” الصيني “تشي شين وين” أن ترامب ينظر لأي دولة ذات فائض تجاري مع الولايات المتحدة على أنها خصم مباشر، لكن الصين تراجعت لتصبح ثالث أكبر دولة تجارية مع واشنطن.
وتشير المعطيات إلى أن تجارة الصين المباشرة مع الولايات المتحدة آخذة في الانخفاض، لكن حجم تجارتها مع الدول التي لها علاقات تجارية وثيقة مع واشنطن، مثل المكسيك وفيتنام، آخذ في الازدياد، وذلك وفق بيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية عن النصف الأول للعام الجاري.
وبعد أن فرضت الولايات المتحدة تعريفات إضافية عام 2018، انخفضت الحصة السوقية للسلع الصينية فيها من 22% عام 2017 إلى 14% العام الماضي. لكن حجم التجارة الثنائي بين البلدين بقي مرتفعا عند 457.7 مليار دولار، وبقي العجز التجاري الصيني الأميركي مرتفعا عند 310.4 مليار دولار.
ويقول سون إن عودة ترامب للسلطة قد تغير شكل العلاقات السياسية في المنطقة وقد تساهم في تهدئة المناطق المحيطة بالصين قليلا “لأن الولايات المتحدة لم تعد مستعدة للعب دور حارس أمن” ولم يعد بإمكان حلفائها القيام بالعديد من الأعمال التي اعتادوا القيام بها في ظل حماية واشنطن لهم.
ويرى إمكانية وجود فرص جديدة للتعاون بين الصين وأوروبا، في ظل سياسة التعريفات الجمركية التي ينتهجها ترامب ضد بكين ودول أخرى.
خطر الانفصال
في مقال نشره رئيس “منتدى كبار الاقتصاديين في الصين” ليان بينغ، يذهب في طرحه لأبعد من الحرب التجارية والتعريفات الجمركية المضادة، ويرى أن التجارة بين بكين والولايات المتحدة تواجه خطر السقوط إلى الهاوية.
ويشرح المقال المنشور على موقع المنتدى ذلك بأنه في ظل عدم وجود مصالح مشتركة واضحة بين البلدين، لا يمكن استبعاد خطر “الانفصال” في المستقبل.
ويرى أن سياسة ترامب الخارجية تظهر انعزالية واضحة، فهو لا يسعى فقط إلى فرض الحماية التجارية والتكنولوجية واستبعاد تطبيقات الطاقة النظيفة، لكنه لا يركز أيضا على التعاون الدولي في مجالات الرعاية الطبية وحماية البيئة ومكافحة الجريمة.
ويضيف أن ذلك يضيق مساحة التعاون بين الصين والولايات المتحدة السنوات الأربع المقبلة، أو حتى يتسبب في “انفصال” فعلي بين الجانبين، ما لم تلعب الدبلوماسية رفيعة المستوى بين الطرفين دورا أكبر في معالجة التحديات الاقتصادية بشكل مشترك من خلال الحوار.