هل تكفي الأجواء الدافئة لإنجاح “آل شنب” في السينما؟
حظي فيلم “آل شنب” بعرض أول خلال فعاليات مهرجان الجونة السينمائي، ولكن ليس في دورته الأخيرة التي انتهت منذ أيام، بل في دورته السادسة لعام 2023، وذلك خلال المسابقة الرسمية، وبعدها تأجل العرض التجاري مرة تلو الأخرى، حتى وصل إلى عرضه إبان فعاليات الدورة السابعة لعام 2024.
ورغم هذه التأجيلات المتكررة وصل الفيلم إلى جمهور متعطش لهذا النوع من الأفلام الدافئة، خصوصا لغياب التنافس مع أفلام عربية أخرى في أسبوع عرضه الأولى، فاحتل المرتبة الثانية في شباك التذاكر المصري بعد الفيلم الأميركي “فينوم: الرقصة الأخيرة” (Venom: The Last Dance) وفقا لموقع السينما، وإن كان سيجد منافسة من فيلم يقاربه في النوع السينمائي في الأسبوع الثاني من عرضه بفيلم “الهوى سلطان” للمخرجة هبة يسري.
“آل شنب” من إخراج أيتن أمين، وبطولة ليلى علوي ولبلبة وسوسن بدر وهيدي كرم وأسماء جلال وخالد سرحان وعلي الطيب، ومن سيناريو لآيتن أمين.
آل شنب عائلة ككل العائلات
تدور أحداث “آل شنب” حول العائلة التي تحمل ذات الاسم وتمثل الكثير من العائلات المصرية البرجوازية التي تسكن منازل تملكها لأجيال، وتتمتع ببعض البحبوحة المادية لا تتيح لها مستويات عالية من الرفاهية.
تلتقي العائلة بالكامل نتيجة لحدث حزين، يتمثل في وفاة الخال الوحيد لـ4 من السيدات كل منهن أم لجيل جديد من الشابات والشباب، بل بعضهن كذلك جدات.
في فيلا العائلة بالإسكندرية، تجتمع هذه الأسرة الممتدة، في رحلة ظاهرها إجراءات الدفن والعزاء للفقيد، وباطنها تجمع عائلي يكشف الكثير عن العلاقات المرتبكة والمتشابكة التي تربط بين أفراد آل شنب وبعضهم البعض.
مشاهدة الإعلان التشويقي لـ”آل شنب” تُحيل مباشرة إلى أحد أشهر مسلسلات الألفية الثالثة “سابع جار” والذي شاركت فيه أيتن أمين بالإخراج والكتابة، فيجمع بين الفيلم والمسلسل الكثير من نقاط التشابه، على رأسها تركيزهما على الروابط الأسرية في ظل محيط مكاني واحد، وهي البناية السكنية في المسلسل، وفيلا الإسكندرية بالفيلم، وإن حصر “آل شنب” نفسه كذلك في إطار زمني ضيق، هما يومان فقط، الأمر الذي يتناسب مع فيلم سينمائي محدود بوقت لا يتعدى الساعتين، بينما امتد المسلسل إلى موسمين وما يزيد على الـ60 حلقة.
يجمع بينهما كذلك الخلطة “التراجيكوميديا” (Tragicomedy)، فنجد أنه في ظل كل أزمة أو عثرة تقع فيها الأسرة بطلة الفيلم والمسلسل تظهر مواقف هزلية مضحكة بحق، بالإضافة بالطبع إلى الجانب الواقعي الذي كان حجر الأساس في نجاح “سابع جار” الذي ضاهى واقع حياة الأسر المصرية من الطبقة الوسطى في تفاصيل دقيقة، فتماهى الكثير من المتفرجين مع تلك العائلات التي تشبه أسرهم الخاصة.
يقدم “آل شنب” طيفا واسعا من الشخصيات -الأمر المنطقي في عائلة ممتدة ومختلفة في الوقت ذاته في أساليب التفكير والتربية- فنجد الأم المتحكمة نيللي (ليلى علوى) وابنتها التي تحاول الخروج من عباءة سيطرتها ليلى (أسماء جلال)، والأخت الكبرى التقليدية نهى (لبلبة) والمتدينة نبيلة (سوسن بدر)، وضعيفة الشخصية أمام زوج متلاعب ومزواج، وندى (هيدي كرم)، والأبناء والأحفاد كذلك ينقسمون إلى أطياف مختلفة من الشباب والشابات.
بينما الاختلاف الأكبر بين الفيلم والمسلسل هو الانسجام والتناغم بين طاقمي العملين، فبينما بعد القليل من الحلقات صدق المشاهد أن دلال عبد العزيز هي أخت حقيقية لشيرين، وشعر أن أولاد كل منهما تنتمي بالفعل لها، غاب ذلك عن “آل شنب” الذي يبدو أبطاله كما لو أنهم غرباء لا تجمع بينهم علاقات أخوة وقرابة، الأمر الذي يقودنا إلى النقطة التالية والتي تسبب في كل إخفاقات الفيلم.
شخصيات تفتقد إلى العمق
ينتمي فيلم “آل شنب” إلى النوع السينمائي أو الفني “شريحة من الحياة” (Slice of life) وهو كما يوحي اسمه يقدم برهة أو زمن محدود من حياة الشخصيات سواء الفيلمية أو المسرحية أو الأدبية، وتتمحور قصص هذا النوع من الأفلام حول الأشخاص العاديين والدراما الحقيقية التي تنشأ من الحياة اليومية.
“آل شنب” نجده يقدم بالفعل قصة أشخاص عاديين، خلال فترة محدودة من حياتهم، لكن هذه الفترة يمكن أن تنطبق على أي فترة أخرى منها، فعلى سبيل المثال العلاقات التي تجمع بين هذه الأسرة بعيدا عن فترة الحداد على الخال المتوفى ستظل كما هي من دون تغيير حقيقي، سوى -بشكل محدود- العلاقة التي تجمع بين نيللي وابنتها ليلى والتي يسودها سوء الفهم أكثر من أي أزمة أخرى.
ما يفتقده آل شنب هو العمق في تناول شخصياته، فكونه ينتمي إلى هذا النوع لا يعني حرمانه من تقديم شخصيات مكتملة ولها أبعاد أكبر من كونها أم مسيطرة أو ابنة تفتقد الاستقلالية أو امرأة متدينة، وقد حول سيناريو الفيلم شخصياته إلى نماذج مصغرة أو عناوين رئيسة من دون أي يضفي عليها الواقعية أو الطبيعية التي يمتاز بها هذا النوع من الأفلام.
ينعكس ذلك أيضا على المواقف التي تتناول هذه الشخصيات، فهي لم تكن كاشفة بشكل حقيقي عن طبيعتها، أو عن ديناميكيات العلاقات الأسرية في هذه العائلة، بل تركزت في بعض المواقف الكوميدية العادية للغاية، والتي قد تكون مضحكة في بعض الأحيان غير أنها غير فعالة في ظل فيلم سينمائي ظهر في النهاية كما لو أنه يخلو من الحركة للأمام أو أي اتجاه محدد.
ونتيجة لعدم تطوير الشخصيات أو المواقف ظهر الأداء التمثيلي مرتبكا، وغاب الانسجام بين أبطاله الذين لا يعرفون طبيعة شخصياتهم بشكل واضح، فلا يستطيعون التفاعل مع الشخصيات الأخرى التي تعاني بالمثل.
فيلم “آل شنب” عمل دافئ بالفعل، غير أنه اكتفى بهذا الدفء ولم يركز على جوانب أخرى مثل تطوير الشخصيات والدراما أو توجيه الممثلين بصورة تظهر أفضل ما عندهم.