من غزة إلى تشيلي.. جدارية تحكي قصص أطفال لم يعرفوا سوى الحرب والشتات
في قلب سانتياغو، عاصمة تشيلي، تبرز لوحة جدارية فريدة تزين جدران المدينة، محملة برسائل قوية عن الحرية والتضامن. هذه التحفة الفنية هي نتاج تعاون غير تقليدي بين أطفال من غزة وأطفال تشيلي، حيث اجتمع الفنانون والمعلمون من الجانبين لإنشاء مشروع يعبر عن الأمل والتواصل بين ثقافتين بعيدتين جغرافيا.
بدأت الفكرة بمبادرة من الفنان التشكيلي إيان بيرس، حيث قام الأطفال الفلسطينيون بإرسال صور ورسائل تعبر عن أحلامهم، مثل أن يصبحوا أطباء أو أن يعيشوا في حرية، بينما قام الأطفال التشيليون بترجمة هذه الأحلام إلى رسومات تزين الجدارية
. ووصف بيرس المشروع بأنه أكثر من مجرد فن، قائلاً: “هذا ليس فقط لإشغال الأطفال، بل هو شكل من أشكال المقاومة ضد الاحتلال. نحتاج إلى التضامن والدعم الروحي بقدر حاجتنا إلى الغذاء والدواء”.
وعلى الجدارية، تظهر فتاة تحمل قفصًا فارغًا بينما تطير الطيور فوق رأسها، في إشارة إلى الحرية والأمل. وعلقت المعلمة آنا ماريا أوسوريو، التي أشرفت على مشاركة الأطفال التشيليين، بأن هذا المشروع يحمل رسالة واضحة عن السلام والحرية، مشيرة إلى أن الأطفال هنا تأثروا عميقًا بما يعانيه أطفال غزة.
ومن الجدير بالذكر أن هذا المشروع يأتي في ظل أحداث مأساوية شهدتها غزة، حيث قُتل أكثر من 45,000 شخص في القصف والاجتياح الإسرائيلي الذي بدأ في أكتوبر 2023، بينهم نساء وأطفال. ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، تسببت هذه العمليات في تدمير واسع النطاق وتشريد حوالي 90% من سكان القطاع.
ويأمل بيرس أن تكون هذه التجربة نموذجًا يمكن تكراره في أماكن أخرى حول العالم. وقال: “رسالتنا هي أن حكومات العالم فشلت، ونأمل أن تكون هذه المبادرة مصدر إلهام للمجتمعات التعليمية والفنية”.
وبينما يتجسد حلم أطفال غزة على جدران سانتياغو، تبقى الرسالة الأهم هي أن التضامن الإنساني قادر على تجاوز الحدود، وتحقيق الأمل في عالم أكثر عدالة.