ثقافة وفنون

شاهد: فصوص الزمن والمعارف الموريتانية في معرض مخطوطات بكتارا

الدوحة – وكأنها فصوص من الزمن والمعارف محمولة من “بلاد المليون شاعر” على ظهور الإبل عبر الصحاري الشنقيطية الخصبة بفنون الشعر والنحو والبلاغة والفقه والسيرة والحديث وعلوم القرآن والفلسفة لتستقر في الحي الثقافي كتارا، الذي استضاف معرضا يحتفي بمجموعة متميزة من المخطوطات الأدبية والتاريخية الموريتانية.

تمثل تلك المخطوطات سجلا كتابيا يختزن التاريخ والأفكار والمشاعر والمعارف، ويزخر بكنوز حضارة القلم التي تركت مادة كتابية هائلة دونت على مر العصور في قارات العالم القديم حتى أقصاها غربا في موريتانيا التي يتغنى بها الشعراء قائلين:
نحن ركب من الأشراف منتظم    أجلُّ ذا العصر قدرًا دون أدنانا
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسةً    بها نبيّنُ دين الله تبيانا

وقال رئيس جمعية المخطوط العربي والمحافظة على التراث في موريتانيا عبد الله ولد محمد بلال إن المخطوطات المعروضة لديهم “ملك للأمة”، معتبرا أن مهمتهم هي الحفاظ على المخطوطات وحراستها وتوصيلها للأجيال المقبلة وإتاحتها للباحثين بوصفها موروثا ثقافيا لا يقدر بثمن.

واستعرض ولد محمد بلال بعض المخطوطات المختارة، وبينها مخطوطات عثمانية وفارسية ومخطوطات عربية قديمة، منها مخطوط يعود زمنه لقرابة 8 قرون مضت، وهو تفسير ابن عطية الأندلسي (481هـ-541 هـ)، الذي قال عنه ابن خلدون “وجاء أبو محمد بن عطية من المتأخرين بالمغرب، فلخص تلك التفاسير كلها، وتحرى ما هو أقرب إلى الصحة منها، ووضع ذلك في كتاب متداول بين أهل المغرب والأندلس حسن المنحى وتبعه القرطبي في تلك الطريقة على منهاج واحد في كتاب آخر مشهور بالمشرق”.

وتوقف ولد محمد بلال عند مخطوط العلامة الموريتاني حبيب الله بن القاضي، وهو شخصية بارزة في الفقه الإسلامي والقضاء في موريتانيا. والمخطوط النادر هو “شرح على معين والده حبيب الله”، وهو عبارة عن طُرَّة (حاشية) على مختصر خليل، وهو من الكتب المهمة في الفقه المالكي. هذا الكتاب يعد امتدادا لعمل والده حبيب الله، مما يشير إلى استمرارية العلم والمعرفة في هذه الأسرة العلمية.

ومن المخطوطات كذلك مخطوط عثماني يعود لعالم القراءات مصطفى الإزميري، الذي عاش في مدينة إزمير التركية في القرن الـ12 الهجري وأصبحت كتبه مرجعا في علم القراءات بعد ابن الجزري. ومن المخطوطات كذلك رسم دقيق ونادر للحجرة النبوية الشريفة والمسجد النبوي قبل ثلاثة قرون.

ولكل واحد من المخطوطات قصة وحكاية، ومنها قصة الشيخ سيدي ولد عبد الله الموريتاني الذي أهداه حاكم مصر محمد علي باشا فرسا سوداء نفيسة (تسمى كحيلات مصر) لكنه من فرط حبه للعلم والمخطوطات باع الفرس واشترى بها كتابا يسمى “الحطاب”، ولا تزال عائلته تتوارث الكتاب في موريتانيا.

وتوجه مسؤول العلاقات العامة بالجمعية محمد الهاشمي بالشكر لكتارا على استضافة معرض المخطوط العربي بموريتانيا، منوها بتنوع المخطوطات النادرة في شتى الفنون والعلوم والمجالات بينها الفقه وعلوم اللغة والفلك والسيرة.

وأشار الهاشمي إلى صعوبة الحصول على المخطوطات والسفر والجهد المضني الذي يبذله جامع المخطوطات للحصول عليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى