ثقافة وفنون

تقرير سنوي: حرب غزة محفز جيوسياسي للإسلاموفوبيا في أوروبا

كشف تقرير عن الإسلاموفوبيا في أوروبا، نشر يوم السبت الماضي، أن حرب إسرائيل على غزة قد “عملت كمحفز جيوسياسي للعنصرية المعادية للمسلمين في أوروبا”، مما أدى إلى زيادة جرائم الكراهية وارتفاع الخطاب الإسلاموفوبي والإجراءات المعادية للمسلمين من قبل الحكومات الأوروبية.

وشارك في إعداد “تقرير الإسلاموفوبيا في أوروبا 2023″، الأكاديمي في الجامعة التركية-الألمانية أنس بيرقلي، والأكاديمي في جامعة وليام وماري فريد حافظ.

وأشار التقرير، الذي يراقب الأوضاع في 34 دولة أوروبية، إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الاعتداءات الجسدية واللفظية على المسلمين في أعقاب الحرب، منها دول مثل النرويج وإسبانيا واليونان.

وذكر التقرير أن عدة حكومات أوروبية صورت التضامن مع فلسطين على أنه شكل من أشكال الإرهاب، وفرضت إجراءات تقييدية، مثل حظر المظاهرات وفرض غرامات على الرموز المؤيدة لفلسطين.

وعلى سبيل المثال، في ألمانيا، واجه من ينتقدون علنا حرب إسرائيل على غزة ردود فعل غير مسبوقة من وسائل الإعلام والسياسيين. أما في فرنسا، فقد فرضت الحكومة غرامة بقيمة 135 يورو (140 دولارا) على عرض عناصر مثل الكوفية، أو أنواع معينة من الملابس، أو الأعلام، أو الشعارات المرتبطة بالتضامن مع فلسطين، وفقا للتقرير.

وفي الدانمارك، أعلن رئيس الوزراء عن تحقيق فيما إذا كانت الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين تروج للإرهاب، وما إذا كان ينبغي على الشرطة والمدعين العامين اتخاذ إجراءات ضدها، بحسب التقرير.

وجاء في التقرير: “لم يؤثر أي تطور سياسي آخر على حياة المسلمين في عام 2023 بقدر تأثير الحرب في فلسطين”. وأوضح أن “فلسطين وإسرائيل ليستا في الأساس قضية دينية، لكن جزءا من الخطاب قد صُوّر على هذا النحو، مما جعل الهجوم على إسرائيل والإبادة الجماعية للفلسطينيين يُقدمان كحرب بين مجموعتين دينيتين”.

معاداة المسلمين

تناول التقرير، الذي دعمته مجموعة من المعاهد والمؤسسات في الولايات المتحدة وأوروبا، مواضيع عدة، منها اعتراف الدول الأوروبية باليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا، وتصاعد معاداة المسلمين في أوروبا بالتزامن مع مجازر إسرائيل في غزة.

وأشار التقرير إلى خطورة المعلومات المضللة ضد المسلمين في وسائل الإعلام الرئيسية ووسائل التواصل الاجتماعي في الغرب، والتمييز المؤسسي، والحوادث المعادية للإسلام والمهاجرين في أوروبا.

كما سلط التقرير الضوء على استخدام الأحزاب اليمينية المتطرفة لظاهرة الإسلاموفوبيا كأداة لتحقيق مكاسب سياسية، مما أدى إلى زيادة التمييز السياسي والمؤسسي ضد المسلمين.

وفي الجزء المتعلق بفرنسا من التقرير، ذكرت الباحثة كوثر نجيب، من جامعة ليفربول، أن التصريحات المؤيدة لإسرائيل من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال المجازر في غزة، ساهمت في ظهور العنصرية المؤسسية ضد المسلمين في البلاد للعلن.

وأشارت كوثر إلى أن حظر الحجاب في المدارس أصبح مصدر قلق كبير بالنسبة للطلاب والعائلات المسلمة في فرنسا.

واعتبرت أن هذه السياسة تعكس تحول العداء ضد المسلمين إلى مستوى مؤسسي في البلاد.

وفيما يخص سويسرا، أكدت الباحثة ناديا لهديلي أن معاداة المهاجرين في البلاد ازدادت بشكل ملحوظ، مما أسهم في تصاعد معاداة المسلمين.

وأوضحت لهديلي أن العام 2023 شهد تسجيل 1058 حادثة إسلاموفوبية في سويسرا.

ولفتت إلى أن معاداة المسلمين كانت أكثر وضوحا في أماكن العمل والمؤسسات العامة، حيث كانت النساء اللواتي يرتدين الحجاب يواجهن صعوبة في الترقية، بالإضافة إلى تعرضهن للهجمات الإسلاموفوبية.

التصريحات العدائية التي تبنتها شخصيات مثل القومي الصربي ميلوراد دوديك، أضعفت الطابع متعدد الثقافات في البوسنة (رويترز)

الإسلاموفوبيا في البوسنة

وأشار الأكاديمي من جامعة سراييفو حكمت كاراجيتش إلى أن البوسنة والهرسك واجهت عام 2023 إسلاموفوبيا متجذرة تاريخيا.

وأوضح كاراجيتش أن الأحداث في البوسنة والهرسك تتشابه مع ما حدث في فرنسا وسويسرا.

وأكد أن التصريحات العدائية، التي تبنتها شخصيات مثل القومي الصربي المتطرف ميلوراد دوديك، أضعفت الطابع متعدد الثقافات في العاصمة البوسنية سراييفو.

وذكر التقرير أن الخطاب الذي طوره الصرب ضد المسلمين في البلاد، بهدف الحصول على دعم اقتصادي من حلفائهم اليمينيين المتطرفين في أوروبا، لم يؤدِ إلا إلى تطرف السكان غير الصرب.

وأشار إلى أن العديد من المساجد في البلاد تم إغلاقها، كمحاولة لمحو التراث الثقافي، وأن بناء فندق على أرض كانت مخصصة لبناء مسجد عليها كان محاولة لترسيخ معاداة الإسلام في البلاد.

وتبين أن نشر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تستهدف المسلمين البوسنيين، بهدف تقويض الهوية الوطنية، يعزز الخوف وانعدام الأمن بين المواطنين.

وذكر التقرير أن الكنيسة الأرثوذكسية الصربية وسياسيين صربيين بارزين، بما في ذلك المخرج السينمائي الكندي الصربي بوريس مالاغورسكي، ساهموا في تعزيز الإسلاموفوبيا.

 ورش ضد التطرف في النمسا

وقال فريد حافظ إن كثيرا من التغيرات طرأت على النمسا منذ الإبادة الإسرائيلية في غزة التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وذكر التقرير أن ورش مناهضة التطرف أقيمت في المدارس النمساوية، وتم استخدام الخطاب المعادي للإسلام، ونشر الشرطة في المدارس لمنع المظاهرات الداعمة لفلسطين.

كما قمعت قوات الشرطة النمساوية الاحتجاجات المناهضة للحرب في غزة والمطالبة بوقف إطلاق النار. ووصفت الاحتجاجات بأنها موقف مؤيد لحماس.

وأُشير أيضا إلى أن النمسا كانت من بين الدول العشر التي صوتت ضد وقف إطلاق النار في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

End Islamophobia sign at protest Rally at the United States Supreme Court against a proposed Muslim ban on travel to USA. Recorded June 26, 2018.
التقرير دعا لاتخاذ تدابير قانونية لمكافحة الإسلاموفوبيا، وحث الحكومات الأوروبية على التصدي للتمييز المنهجي (شترستوك)

سياسات الإسلام بالقارة الأوروبية

يسلط التقرير الضوء على الإخفاق المستمر من قبل الحكومات الأوروبية والأحزاب السياسية في الاعتراف بالإسلاموفوبيا كقضية حقيقية. ويتجلى هذا الإنكار في اليوم الدولي لمكافحة الإسلاموفوبيا الذي أقرته الأمم المتحدة عام 2022، والذي مرّ دون اهتمام يُذكر في القارة الأوروبية.

ونقد التقرير بعض الأنظمة القانونية في دول مثل فرنسا وفنلندا بسبب السياسات التي تستهدف الممارسات الدينية للمسلمين، بما في ذلك حظر الملابس الدينية. وأظهرت أحكام المحاكم تناقضا واضحا، حيث عززت بعض القرارات الممارسات التمييزية، بينما دافعت أخرى عن الحريات الدينية. وأدى هذا النهج المجزأ إلى فشل في حماية المسلمين من التمييز المنهجي في مجالات العمل والتعليم والسكن.

وحدد التقرير وسائل الإعلام الرئيسية واليمينية المتطرفة كأطراف رئيسية في نشر روايات الإسلاموفوبيا، من خلال تعزيز الصور النمطية والتمثيلات اللاإنسانية للمسلمين. فبعد حرب غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، شهدت منصات التواصل الاجتماعي زيادة كبيرة في المحتوى المعادي للمسلمين، بما في ذلك المعلومات المضللة وخطاب الكراهية.

وقد وثقت تقارير من دول مثل النرويج، وإسبانيا، واليونان ارتفاعا حادا في جرائم الكراهية ضد المسلمين، بما في ذلك الاعتداءات الجسدية واللفظية، خاصة بعد حرب غزة. وكانت النساء المسلمات اللواتي يرتدين الملابس الدينية الأكثر تعرضا للتمييز في قطاعات مثل التعليم والإسكان.

وحدد التقرير القطاع التعليمي كأحد المجالات الحرجة التي تُعزز فيها الإسلاموفوبيا. حيث أظهرت مدارس ومؤسسات أكاديمية في دول مثل كوسوفو وصربيا سياسات تمييزية، واعتمدت تاريخا محرفا يرسخ السرديات المعادية للمسلمين ضمن تشكيل الهوية الوطنية والأطر السياسية.

ودعا التقرير إلى اتخاذ تدابير سياسية وقانونية ومجتمعية قوية لمكافحة الإسلاموفوبيا، وحث الحكومات الأوروبية على التصدي للتمييز المنهجي وتعزيز الجهود لحماية المسلمين من تصاعد العنصرية وجرائم الكراهية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى