الولايات المتحدة

موقع أميركي: الحرائق من غزة إلى كاليفورنيا تربط شعوب العالم

نشر موقع موندويس الأميركي مقالا قارن فيه كاتبه بين حرائق ولاية كاليفورنيا والجحيم المستعر في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي، مستخلصا بعض الدروس والعبر.

واستهل الكاتب الأميركي من أصل فلسطيني أحمد إيبسيس مقاله بالقول إنه ظل طوال 15 شهرا يشاهد -عبر شاشات التلفزة والهواتف الذكية وعناوين الأخبار- أرض غزة وشعبها يحترقان.

وأضاف أنه يشاهد الآن مدينة أميركية، هي لوس أنجلوس، وألسنة الدخان تغطي سماءها، لافتا إلى أنه رغم بُعد المسافة بين هاتين الكارثتين، فإن حقيقة واحدة “مؤلمة” تربط بينهما، وهي أن هذه النيران تتحدث لغة الدمار نفسها.

أزمة عالمية

واعتبر أن النيران التي تلتهم حي المشاهير والأثرياء في منطقة باسيفيك باليساديس ليست مجرد حريق هائل في كاليفورنيا، بل مرآة تعكس أزمة عالمية من الكوارث المترابطة.

وقال إنه عندما يغمض عينيه فإن الصور تبدو متشابكة، فهناك تلال تشتعل في كاليفورنيا، وبساتين زيتون تحترق في غزة وفلسطين التاريخية، وآفاق تختنق بالدخان الذي لا يعرف حدودا.

إسرائيل وأميركا

وأشار إيبسيس إلى أن البحث الذي أجرته جامعة لانكستر البريطانية كشف عن أن إسرائيل أطلقت خلال الـ60 يوما الأولى من عدوانها على غزة، التي تلت السابع من أكتوبر/تشرين الأول، غازات مسببة للاحتباس الحراري أكثر مما تفرزه 20 دولة من غازات مماثلة في عام كامل.

كما أن إسرائيل -والحديث لا يزال لكاتب المقال- أسقطت في أكتوبر/تشرين الأول 2023 حوالي 25 ألف طن من القنابل على غزة، مما أدى إلى انبعاث غازات مسببة للاحتباس الحراري تعادل حرق 150 ألف طن من الفحم.

وفي مقارنة أخرى، لفت إيبسيس إلى أن طائرات الشحن الأميركية التي نقلت الأسلحة إلى إسرائيل استهلكت 50 مليون لتر من وقود الطائرات بحلول شهر ديسمبر/كانون الأول، مما أدى إلى نفث 133 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون في غلافنا الجوي المشترك، أي أكثر مما تنفثه دولة غرينادا بأكملها سنويا.

أعداء البيئة

غير أن الكاتب لا يرى أن هذه الكارثة بدأت مع الإبادة الجماعية المستمرة حتى الآن في غزة، مشيرا إلى أن الفلسطينيين لطالما ظلوا يعملون ويتعايشون مع بيئتهم ويحافظون عليها، و يزرعون محاصيل متنوعة من البطيخ إلى الزيتون الذي “يعد جزءا أساسيا من الثقافة والهوية الفلسطينية”.

ومن البيانات التي أوردها الكاتب أن إسرائيل اقتلعت منذ عام 1967 بشكل ممنهج 2.5 مليون شجرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك ما يقرب من مليون شجرة زيتون، والتي كانت مصدرا أساسيا للغذاء والدخل للعديد من الفلسطينيين.

وذكر أن إسرائيل استعاضت عن هذه الأشجار بنباتات أوروبية مستوردة، في تصرف ربما يعكس جذورها الأوروبية، وهو ما أدى إلى تشظية البيئة، والتصحر وتدهور الأراضي وتآكل التربة وكلها عوامل تؤثر على قدرة المنطقة بأكملها على التكيف مع المناخ.

وبإضافة التكلفة الناجمة عن الحرب على البنية التحتية -من تدمير أنفاق وجدران ومنشآت عسكرية- فإن الحصيلة ترتفع إلى 450 ألف طن متري مكافئ لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يتجاوز الانبعاثات السنوية لـ33 دولة.

تدمير مصادر المياه

ووفقا للمقال، فإن صور الأقمار الصناعية تُظهر أرضا قاحلة كانت يوما حدائق غناء. وبعد أن دمّر الجيش الإسرائيلي 70% من آبار المياه في شمال غزة، وهدم آلاف البيوت الزجاجية الزراعية، تحولت التربة الخصبة إلى تربة سامة. كما قضى العدوان الإسرائيلي على 80% من البنية التحتية في غزة.

على أن المفارقة “المريرة” التي يقول إيبسيس إنها لم تغب عن باله، أن عمدة لوس أنجلوس اقتطع 17.6 مليون دولار من ميزانية إدارات الإطفاء في حين أرسلت كاليفورنيا 610 ملايين دولار إلى إسرائيل من أموال دافعي الضرائب.

وكشف الكاتب أن شركة “وندرفل” لتصنيع الأغذية والمشروبات في لوس أنجلوس، التي تسيطر على ما يقرب من 60% من مياه كاليفورنيا، تضخ ملايين الدولارات لدعم قضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية، الذي أحال المشهد في غزة إلى كارثة بيئية.

ومما يزيد الطين بلة أن 130 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي غير المعالجة تصب في البحر الأبيض المتوسط يوميا، ليس لأن الفلسطينيين اختاروا هذا الدمار، كما ورد في المقال، ولكن لأن العنف الإسرائيلي حطم بنيتهم التحتية وقدرتهم على رعاية أراضيهم كما فعلوا لأجيال عديدة لا تحصى.

داء واحد

ويعتقد إيبسيس أن الحرائق في غزة الفلسطينية ولوس أنجلوس الأميركية ليست سوى أعراض لداء واحد يتمثل في نظام عالمي يقدّر الغزو على المحافظة على البيئة، والربح على البشر، والتوسع على البقاء.

وخلص إلى أن هذا هو “إرث” النظرة العالمية التي سعت إلى إسكات أصوات السكان الأصليين الذين فهموا ما يجب أن نتعلمه الآن، وهي أن “جراح الأرض هي جراحنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى