هجرة الأطباء السوريين وعودتهم إلى وطنهم بعد انهيار الأسد: أزمة تهدد المستشفيات الألمانية
في مشهد يعكس تعقيدات الهجرة والاندماج، يقف الأطباء السوريون في ألمانيا عند مفترق طرق حاسم، يتأرجحون بين البقاء والعودة إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.
فمنذ اندلاع الحرب السورية، استقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ سوري، شكلوا رافدًا مهمًا في سوق العمل الألماني، وخاصة في القطاع الطبي الذي يعتمد بشكل كبير على كفاءاتهم.
حيث تشير الأرقام إلى أنه زهاء 5758 طبيبًا سوريًا يعملون في المؤسسات الصحية الألمانية إضافة إلى 236 ألف سوري يعملون ويدفعون الضرائب مع نحو ثلثي هؤلاء العاملين يشغلون وظائف أساسية.
ومع اقتراب الانتخابات في ألمانيا، بدأت النقاشات حول عودة السوريين تتصاعد. بينما يطالب بعض السياسيين بإعادة السوريين إلى بلادهم، فإن الحكومة الألمانية تؤكد أن العديد منهم لديهم حقوق قانونية للبقاء، خاصة الذين حصلوا على الجنسية الألمانية.
الرهان الصحي: خسارة محتملة
يحذر خبراء سوق العمل من تداعيات محتملة إذا قرر هؤلاء الأطباء العودة، إذ تؤكد يوليا كوسياكوفا من معهد البحث الألماني للتوظيف أن “رحيل العاملين السوريين سيترك آثارًا ملموسة في مناطق محددة، خاصة التي تعاني من نقص في الكوادر”.
فيما يشير مايكل فيبر، رئيس رابطة أطباء المستشفيات، إلى أن “المناطق الريفية لن تستطيع الاستمرار بدون الأطباء السوريين، فهم العمود الفقري للرعاية الصحية هناك”.
الرغبة في العودة: حلم مشروط
وقد أظهر استطلاع للرأي أن 941 طبيبًا من أصل 1238 يفكرون جديًا بالعودة، إذ عبّر الدكتور محمد الحكيم عن تعقيد المعضلة قائلًا: “رحلتي إلى ألمانيا كانت صعبة، وقد استقر أطفالي هنا، والعودة ليست بالأمر السهل”، ويضيف الدكتور منذر: “سوريا بحاجة إلى خبراتنا، لكن الاستقرار مطلب أساسي للعودة”.
فيما يؤكد فيصل شهادة، رئيس رابطة الأطباء السوريين في ألمانيا، أن “الدافع الرئيسي للعودة هو حب الوطن ورغبة المساهمة في إعادة بناء القطاع الصحي المنهار”. رغم النقاشات حول العودة، فلقد أكدت الحكومة الألمانية رفضها لأي عمليات ترحيل مباشرة، مؤكدة أنها ستراقب التطورات في سوريا، ويلخص الدكتور حسام المصطفى التجربة بقوله: “نحن لسنا مجرد أرقام في سوق العمل، بل مواطنون بنينا حياتنا هنا بجهد كبير”.
تبدو معادلة الأطباء السوريين في ألمانيا معقدة، تجمع بين الولاء الوطني والواقع الإنساني، بين حلم العودة وواقع الاستقرار.