تكنولوجيا

هاتف “تسلا” الذكي بين الشائعات والواقع

بشكل دوري، تظهر كل عام مع قرب نهايته مجموعة من الشائعات عن منتج يشبه طائر الرخ، إذ يتحدث عنه الجميع ويشاركون صورًا غريبة له، ولكن دون أن يؤكد أي شخص وجوده أو يقدم أي معلومة ملموسة وحقيقية عنه.

حاز هاتف “تسلا” الذكي هذه المكانة، إذ انضم إلى قائمة المنتجات التي تظهر عنها شائعات كل عام. ورغم أن العديد من الشائعات تصبح حقيقة عندما يتعلق الأمر بالهواتف والأجهزة المعروفة مثل هواتف “سامسونغ” و”آبل”، فإن الشائعات عن وجود هاتف “تسلا” لها مكانة خاصة، لأنها تظهر بكثرة في كل منصات التواصل الاجتماعي وعبر العديد من المواقع في الإنترنت، فأين تكمن الحقيقة؟ وهل يوجد حقا هاتف ذكي تابع لشركة “تسلا”؟

كيف بدأت الشائعات؟

في عام 2021، ظهر مقطع فيديو لا يتعدى 50 ثانية على منصة “يوتيوب” لحساب يدعى “إيه دي آر ستوديو” (ADR Sutdio)، ويأتي المقطع تحت عنوان “تسلا موديل بي” (Tesla Model P) في إشارة إلى أن هاتف الشركة سيحمل آلية التسمية ذاتها الموجودة في السيارات التابعة لها.

 

ورغم أن المقطع يذكر بوضوح شديد أن تصميم الهاتف وفكرته من ذهن المصمم فقط وليست مستندة إلى أي تسريبات أو معلومات سرية تمكن المصمم من الوصول إليها، فإن المقطع حقق رواجًا كبيرًا وحقق مشاهدات تجاوزت 345 ألف مشاهدة فضلًا عن مرات تحميل المقطع وإعادة نشره أو نشر صور منه.

ولا يمكن القول إن هذا المقطع هو الوحيد المسؤول عن بزوغ شائعات هاتف “تسلا” الذكي، بل تأتي مجموعة من تعليقات إيلون ماسك عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا). ورغم أن هذه التعليقات لا تؤكد أو تنفي بشكل واضح وجود الهاتف من عدمه، فإن مروّجي الشائعات اتخذوا منها وقودًا لتأكيد وجوده.

تبدأ تعليقات ماسك في عام 2022، وذلك بعد شائعات حجب مؤقت للمنصة على هواتف “أندرويد” و”آبل” وحذف من متاجر التطبيقات، وبعد أن وجهت ليز ويلر تغريدة إلى إيلون ماسك تطلب منه بناء هاتف خاص بشركته يركز على خصوصية المستخدمين، وما كان من ماسك إلا أن أيد هذا الأمر قائلًا “إن لم يكن هناك خيار آخر، سأقوم بتطوير هاتف بديل”.

ويعاود مشعل ثورة السيارات الكهربائية للإشارة إلى هاتف شركته هذا العام، بعد تغريدة مايك بينز خبير الأمن السيبراني التي طالب فيها بهاتف “غروك” يعتمد على نموذج “غروك” للذكاء الاصطناعي عقب إعلان سام ألتمان دمج “شات جي بي تي” في أنظمة “آبل”.

وهذه المرة يصف إيلون ماسك نموذج “شات جي بي تي” بأنه برمجية خبيثة للتجسس تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويقول إنه سيكون مضطرًا إلى تطوير هاتف “غروك” عند استخدام “آبل” لنموذج “شات جي بي تي”.

كذلك أشار إيلون ماسك إلى هذا الهاتف في مقابلة مع جو روغان في برنامجه الإذاعي، قائلًا إنه مستعد لتطوير الهاتف إذا دعت الحاجة إلى ذلك وأصبحت “آبل” و”غوغل” متطفلتين أكثر من اللازم، ولكن في الوقت الحالي فإن الشركة تركز على قطاع السيارات بشكل أساسي.

ومن الجدير بذكره أن هناك شركة استغلت هذه الشائعات وقامت بإطلاق هاتف “تسلا”، ولكنها هواتف اقتصادية لا تأتي بمزايا ذكية، كما أن الموقع الذي كان يبيع هذه الهواتف أغلق منذ مدة طويلة.

مزايا هاتف “تسلا”

لم تكتف الشائعات عن هاتف “تسلا” الذكي بتأكيد وجوده وتسريب بعض الصور له، بل قامت بوضع مواصفات خارقة وأسطورية للهاتف، ففي البداية يأتي الهاتف بسعر يراوح بين 200 دولار و1200 دولار، وبالطبع تأتي توقعات سعر الهاتف في مدى كبير لأنها لا تنبع من مصدر حقيقي، إذ يضع كل شخص سعره كما يفضل.

وفي مقدمة مزايا الهاتف يأتي الاتصال بالأقمار الاصطناعية وتحديدًا شبكة “ستارلينك” التي يملكها إيلون ماسك أيضًا وذلك من أجل الوصول إلى شبكات الجيل الخامس، كما يستطيع الهاتف التحكم في سيارات “تسلا” بالكامل وتشغيلها عن بعد وقيادتها حتى عن بعد بشكل يشبه ألعاب السيارات في الهواتف المحمولة.

ولأن إيلون ماسك يؤمن بالطاقة النظيفة، فإن الهاتف المبتكر سيعتمد بشكل مباشر على الطاقة الشمسية لتشغيله فضلًا عن قدرته على تصوير النجوم في الفضاء والتعدين من أجل الوصول إلى العملات الرقمية الخاصة به وأخيرًا الاتصال مع شرائح “نيورالينك” التي يطورها إيلون ماسك أيضًا.

ومن الغريب أن الشائعات لم تتطرق إلى حجم الشاشة أو مستشعرات الكاميرا أو حتى المعالج الذي سيكون مستخدمًا في الهاتف. وكما يتضح من المزايا الأسطورية الموجودة فيه، فإن الهاتف خيالي لأبعد الحدود لأن العديد من هذه المزايا لا يمكن تحقيقه.

هل يسعى إيلون ماسك في المستقبل لتطوير هاتف ذكي؟

من الصعب التنبؤ بالمستقبل مع شخصية مثل إيلون ماسك، إذ قد تجده بين ليلة وضحاها يعلن عن الهاتف الجديد ويطوره، خاصة أن تعليقاته ليست نافية بشكل قاطع لنية الشركة تطوير هذا الهاتف في المستقبل، ولكن من المهم ملاحظة أن جميع شركات إيلون ماسك منفصلة عن بعضها، ومن غير المتوقع أن يطور هاتف يمزج كل هذه الشركات معًا.

كذلك فإن إيلون ماسك يتخذ موقفًا معاديًا للهواتف الذكية، إذ يرى أنها جزء من الماضي ولا فائدة من تطويرها أكثر، وذلك لأن المستقبل هو شرائح “نيورالينك” الفريدة التي تطورها شركته لتحويل إشارات المخ العصبية إلى أوامر يمكن تنفيذها من الحواسيب والهواتف.

وإن قرر إيلون ماسك تطوير هاتف ذكي خاص به، فإنه لن يكون تحت شعار “تسلا” التي تعمل في تطوير السيارات أو حتى “إكس” التي تعد منصة تواصل اجتماعي، وعلى الأغلب سيفكر في تأسيس شركة جديدة تمامًا من أجل طرح هذا الهاتف وتطويره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى