تكللت بمنصب وزاري.. مغامرة إيلون ماسك تثبت النفوذ الهائل لأسواق المال
تساءل الكاتب ويل دان في مقال نشرته مجلة “نيو ستيتسمان” البريطانية عن مصدر ثروة رجل الأعمال الأميركي وأغنى شخص في العالم إيلون ماسك والتي تربو حاليا على 320 مليار دولار، والتي منحته نفوذا هائلا على الصعيد السياسي في الولايات المتحدة والعالم تكللت بإعلان توليه وزارة “الكفاءة الحكومية” الأميركية إلى جانب رجل الأعمال فيفيك راماسوامي.
وقال ترامب في بيان عن تعيين ماسك وراماسوامي: “هذان الأميركيان الرائعان سيمهدان الطريق معا أمام إدارتي لتفكيك البيروقراطية الحكومية وتقليص الإجراءات التنظيمية المفرطة وخفض الهدر في النفقات وإعادة هيكلة الوكالات الفدرالية (…) وهو أمر ضروري لحركة إنقاذ أميركا”.
وقال الكاتب إن القوة السياسية والاقتصادية في العالم اليوم أصبحت بيد شخصيات مثل ماسك، حيث استطاع باستخدام ثروته الطائلة التأثير على الانتخابات الأميركية ولعب دورا محوريا في دعم حملة دونالد ترامب الانتخابية وفوزه بالرئاسة.
من أين جاءت ثروة ماسك؟
وأوضح الكاتب أن المحافظ الاستثمارية وصناديق الادخار والتقاعد التي تصب في أسواق الأسهم الأميركية، تصنع من أسواق المال قوة عظمى تشكل المستقبل الاقتصادي والسياسي للعالم المعاصر، ومن هناك تأتي معظم ثروة إيلون ماسك.
وأضاف أن من بين 7 شركات كبرى تسيطر على أسواق الأسهم الأميركية، وتمثل مجتمعة ما يقرب من ربع قيمة مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” لأكبر 500 شركة أميركية متداولة في البورصة، توجد شركة تسلا للسيارات الكهربائية، والتي تأتي منها معظم ثروة ماسك.
وذكر الكاتب أن نسبة كبيرة من أموال الملايين من الأوروبيين والأميركيين الذين يستخدمون الأسواق المالية للادخار من أجل التقاعد، تذهب إلى شركة تسلا التي أصبحت واحدة من أكثر الشركات قيمة في العالم إذ باتت تقترب قيمتها السوقية من تريليون دولار، ومنحت ماسك أكبر ثروة صافية اسمية لرجل أعمال في تاريخ الرأسمالية الأميركية.
وحسب تعبيره، فإن قصة ماسك تعكس القوة الفائقة للثقة في أسواق المال، فبثروة بلغت 250 مليار دولار أصبح ماسك أغنى شخص في العالم في يناير/ كانون الثاني 2021، ولم يكن ذلك بسبب أن شركته قد حققت أرباحا هائلة من بيع السيارات، ولكن بسبب الاستثمارات الهائلة في أسهم تسلا.
وأوضح أن صافي دخل شركة تسلا منذ عام 2009 إلى الربع الأول من عام 2021، يُقدّر بحوالي 5.4 مليارات دولار، ولكن بحلول ذلك الوقت كانت قيمة الشركة السوقية قد بلغت أكثر من 800 مليار دولار، وكان عدد السيارات المباعة فعليا ضئيلا بالمقارنة بالوعود التي قطعها ماسك للمستثمرين.
وقد ارتفعت ثقة السوق في هذا الوعد ليلة الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، عندما ساعد ماسك ترامب في الفوز بفترة رئاسية ثانية من خلال منصة “إكس” التي يمتلكها، وما يُقدّر بنحو 132 مليون دولار من أمواله الخاصة؛ حيث ارتفعت أسهم تسلا في تداولات ما بعد البيع بحوالي 14%، وأدى ذلك إلى زيادة صافي ثروة ماسك بين عشية وضحاها بحوالي 22 مليار دولار.
المغامرة الانتخابية
وصف ترامب في خطاب الفوز إيلون ماسك بأنه “عبقري خارق”، وأكد أنه سيعرض عليه منصبا في إدارته الجديدة، والتي قد تشهد إلغاء عدد كبير من الوظائف الحكومية، وتشكيل وزارة جديدة تُعرف بـ”وزارة الكفاءة الحكومية” وهو ما أعلنه ترامب مؤخرا.
وقد أكد ماسك للمستثمرين أنه يخطط لإدخال بعض اللوائح التنظيمية الجديدة وإلغاء عدد من القوانين التي تعيق تقدم صناعة السيارات ذاتية القيادة، وهو ما يفسر القفزة الهائلة في ثروة ماسك، حسب الكاتب؛ إذ يرى المستثمرون أنه قادر على الوفاء بهذه التعهدات.
وأشار الكاتب إلى أن الفترة الحالية تشهد وفرة لم يسبق لها مثيل في الأوراق المالية القابلة للتداول، وينطبق ذلك بشكل خاص على الولايات المتحدة التي تتفوق على جميع الدول الأخرى كوجهة لرؤوس الأموال؛ حيث تضم حوالي 40% من أسواق الأسهم الثابتة والأسهم في العالم.
وقد ارتفعت أصول التقاعد في أميركا بحوالي 15 تريليون دولار في العقد الماضي وحده، كما ارتفع إجمالي القيمة الرأسمالية لأسواق الأسهم الأميركية من 15 تريليون دولار عام 2009، إلى ما يقرب من 50 تريليون دولار حاليا.
وختم الكاتب بأن موهبة ماسك وزملائه المليارديرات في وادي السيليكون ليست في الهندسة أو التصميم، بل في قدرتهم على جذب المستثمرين في أسواق المال وبيع المخاطر والإغراء بالأرباح بالمكافأة، وكان تفوق ماسك على كامالا هاريس -حسب تعبيره- صفقة ومقامرة على قيمة أسهمه مقابل رهان مستقبلي غير مضمون، وقد آتت مغامرته ثمارها.