المسؤولية
لا أحد يمكنه أن يناقش أو يعترض على أن تربية الأبناء هي مسؤولية الوالدين أولاً وأخيراً «طبعاً في حالة وجودهما لأن هناك حالات يتعذر فيها وجود الوالدين لأداء هذا الدور»، ومن ثم يأتي أشخاص وجِهات أخرى كأطراف يقع عليها جزء من المسؤولية، وعليه فلا شيء يمكن أن يتقدم أو تكون له الأولوية أو الأهمية على الأبناء.
إن الاعتذار بأعباء العمل وانشغالاته، والحياة الاجتماعية والتزاماتها، ووجود مربين وخدم ومدارس أجنبية راقية و.. إلخ، ليس سوى محاولة فاشلة للتنصل من المسؤولية والمهمة الأولى، حيث لا يمكن لأي مربية غريبة، أو مساعدة أجنبية أن تكون أماً بديلة، فما بالنا أن تكون أماً من الأساس!
اليوم، وبعد أن تفشت بين الصغار والمراهقين والشباب الكثير من السلوكيات المنحرفة، والتصرفات السيئة، وابتعدوا تماماً عما يريده الوالدان والأسرة، التي فقدت بالتالي سيطرتها على هذا الجيل بعد أن أهملت دورها وإشرافها ومسؤوليتها، اليوم يتبادل الجميع اتهامات الإهمال، وكلٌّ يشير للآخر بأنه السبب وراء دمار الأجيال الصغيرة، وعليه أن يتحمل مسؤولية ذلك!
باختصار شديد لا شيء يتقدم على مهمة التربية بالنسبة للأم، فطالما ارتضت أن تكون أماً فعليها أن تتقن هذا الدور لأنه الدور الأساسي الذي خلقت لأجله، لا خطأ في أن تعمل وتتمكن وتنال أعلى الشهادات، وتعتلي أرفع المناصب، ولكن كل ذلك يأتي لاحقاً بعد قيامها بواجبها كأم ومربية، وإلا فأي تقدم وأي تمكين وأي حقوق تنالها المرأة وتتباهى بها وهي تصول وتجول بين مكاتب العمل وأروقة الاجتماعات وقاعات المطارات ومواقع التواصل الاجتماعي، بينما ينغمس صغارها في أكثر السلوكيات انحرافاً؟
وما الإنجاز الذي يمكن أن تتباهى به أي امرأة تترك أبناءها بين أيدي مربيات يتساهلن معهم حتى يصلوا إلى إدمان المواقع الإباحية على الإنترنت، ومعرفة أشخاص لا يدري أحد عنهم شيئاً ولا ماذا يعلمون الأبناء، حتى نصل لتعاطي المخدرات، وإهمال الدروس والمدرسة، عندها لا يفيد اتهام الإنترنت والإعلام وتحميل المدرسة المسؤولية.. عندها على الأم أن تتحمل نتيجة أخطائها كاملة، وليست الأم فقط، فالأب مسؤول هو الآخر وبنفس الدرجة!