اقتصاد

الشركات الصينية تتحدى القيود الأمريكية بإنفاق ضخم على الذكاء الاصطناعي

ضاعفت شركات التكنولوجيا العملاقة في الصين استثماراتها الرأسمالية خلال العام الجاري، مواصلةً الإنفاق بسخاء على تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وذلك على الرغم من العقوبات الأمريكية التي تهدف إلى كبح تقدم الصين في هذا القطاع التكنولوجي الحيوي.

وخلال النصف الأول من العام الجاري، أنفقت «علي بابا» و«تينسنت» و«بايدو» مجتمعة 50 مليار يوان صيني (7 مليارات دولار)، وهي قفزة كبيرة حيث تأتي ارتفاعاً من 23 مليار يوان صيني في العام السابق. وذكرت الشركات أن تركيزها انصب على شراء المعالجات والبنية الأساسية المتعلقة بتدريب نماذج اللغة الكبيرة للذكاء الاصطناعي، سواء لنماذجها أو لنماذج الآخرين.

كما عززت «بايت دانس»، الشركة الأم لتطبيق «تيك توك»، إنفاقها على الذكاء الاصطناعي، بدعم من سيولة نقدية تتجاوز 50 مليار دولار، إلى جانب الاستفادة من كونها كياناً خاصاً، فضلاً عن كونها بمنأى عن مراقبة المستثمرين نوعاً ما، بحسب ما ذكره شخصان مطلعان. وقال إيدي وو، الرئيس التنفيذي لشركة «على بابا» للمستثمرين:

سنواصل استثماراتنا في البحث والتطوير والإنفاق الرأسمالي على الذكاء الاصطناعي لضمان نمو خدماتنا السحابية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي والسبب ببساطة هو عدم تلبية الطلبات الهائلة التي نشهدها من العديد من العملاء.

وتشتري «علي بابا» المعالجات لتدريب سلسلة نماذج الذكاء الاصطناعي «تونغي» وتأجير القدرات الحاسوبية لشركات أخرى. وقد بلغ إجمالي الإنفاق الرأسمالي لعملاق التكنولوجيا الصيني في النصف الأول 23 مليار يوان، بزيادة 123 % عن العام الماضي.

وأوضح وو أن ما نلاحظه عند القيام بهذه الاستثمارات الرأسمالية، هو أنه بمجرد تشغيل الخادم يعمل بكامل طاقته على الفور، ونتوقع تحقيق عائد استثماري مرتفع خلال الأرباع المقبلة.

وخلال الربع الثاني، شهدت مبيعات الخدمات السحابية للمجموعة زيادة بنسبة 6 %، مقارنة بالعام الماضي. وذكرت شركة «علي بابا» أن الإيرادات من المنتجات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي قد زادت بأكثر من الضعف على أساس سنوي.

ويعزى جزء من هذه الطفرة إلى الاستثمار في الشركات الناشئة الصينية في قطاع الذكاء الاصطناعي الرامية لجذب العملاء. وتم تخصيص قرابة نصف المبلغ البالغ 800 مليون دولار والمستثمر في شركة «مونشوت» الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي في فبراير في شكل قسائم لشراء خدماتها السحابية.

وفي حين أن قيود التصدير الأمريكية تحد من الوصول إلى أفضل معالجات الذكاء الاصطناعي من «إنفيديا»، مثل «إتش 100» وسلسلة «بلاكويل» الجديدة، فإنه لا يزال بإمكان عمالقة التكنولوجيا في الصين شراء معالجات ذات أداء أقل مثل «إتش 20» من «إنفيديا»، المصممة لتفادي تجاوز حدود القدرات الحاسوبية التي فرضتها واشنطن.

ويتوقع المحللون أن تقوم «إنفيديا» بتسليم أكثر من مليون معالج من هذا النوع لشركات التكنولوجيا الصينية في الأشهر المقبلة، بسعر يتراوح بين 12 إلى 13 ألف دولار لكل وحدة. وكانت «بايت دانس» عميلاً رئيسياً، وفقاً لمصدرين مطلعين على التفاصيل.

ويقدر ديلان باتيل من مجموعة الأبحاث «سيمي أناليستس» أن الشركة الأم لتطبيق «تيك توك» اعتادت شراء مئات الآلاف من معالجات «إتش 20» لمراكز البيانات الخاصة بها في الصين، بينما تنفق بسخاء للعمل مع شركاء وبناء بنية أساسية للحوسبة في جوهور بماليزيا. وقال باتيل: تعد «بايت دانس» أكبر مشتر صيني للذكاء الاصطناعي بسبب استثماراتها المكثفة في الصين وماليزيا، ومشترياتها من الخدمات السحابية الأمريكية.

وأعلنت شركة «تنسنت»، عملاقة وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب، أن نفقاتها الرأسمالية زادت إلى 23 مليار يوان في الأشهر الستة الأولى، ويمثل ذلك زيادة بنسبة 176 % عن العام السابق، ويرجع ذلك جزئياً إلى الاستثمار في خوادم وحدات معالجة الرسومات ووحدات المعالجة المركزية.

ولاحظ جيمس ميتشل، كبير مسؤولي الشؤون الاستراتيجية، أن الخدمات السحابية الخاصة بالشركة استفادت من الطلب المتنامي لاستئجار وحدات معالجة الرسومات، وإن كان على نطاق أضيق مقارنة بالطفرة التي شهدتها نظيراتها الأمريكية.

وقال ميتشل إن الصين تفتقر إلى العدد الهائل من الشركات الناشئة الممولة جيداً والساعية لتطوير نماذج اللغة الكبيرة بمفردها.. وثمة العديد من الشركات الصغيرة، لكن رأس مالها يتراوح بين مليار إلى ملياري دولار، ولا تبلغ قيمتها 10 مليارات أو 90 مليار دولار.

كما هو الحال في الولايات المتحدة.وذكر مصدر مطلع على استراتيجية الاستثمار لدى شركة «تنسنت»، أن الشركة حررت شيكات أصغر لمجموعات الذكاء الاصطناعي بسبب المخاوف المستمرة حيال الممارسات التنظيمية في الصين.

وكانت «بايدو»، وهي شركة رائدة ومخضرمة في مجال الذكاء الاصطناعي بالصين، الأكثر تحفظاً في إنفاقها الرأسمالي، حيث أنفقت 4.2 مليارات يوان في النصف الأول، بزيادة 4 % عن العام الماضي. وفي العموم، لا يزال الإنفاق الرأسمالي لعمالقة التكنولوجيا في الصين متخلفاً بكثير عن نظيراتها الأمريكية. فقد أنفقت «ألفابت» و«أمازون» و«ميتا» و«مايكروسوفت» 106 مليارات دولار خلال النصف الأول، وتعهدت بتوجيه المزيد من الاستثمارات خلال الأشهر المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button