منوعات

نافذة للقلب والذكريات

بين الحين والآخر يُطل علينا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بتغريدة أو حديث يستنهض بهما العزائم، ويشحذ من خلالهما الهمم، ويحرك الطاقات الكامنة في القلوب والأرواح، وهو في حديثه مع أبناء شعبه ينطلق من الزمن الحاضر لكن عينه دائماً على المستقبل، وها هو اليوم يلتفت إلى الماضي البعيد ويستلهم منه واحدة من أصفى الذكريات التي تحرّك الطاقات، وتُعيد سيرة الفرسان البُناة الذين رحلوا عنا بأجسادهم لكن ذكراهم العطرة ومآثرهم الخالدة لا تزال عميقة الحضور في القلب والوجدان.

وذلك حين نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، صورة تجمعه بشقيقيه الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، والشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، رحمهما الله، وهما العضيدان اللذان ما فتئ سموه يتذكرهما بكل خير، ويقدمهما كنماذج متفردة في القيادة لكي تعرف الأجيال السيرة العطرة لفرسان الوطن الذين سهروا على راحة أبنائه، وواصلوا عمل الليل بعمل النهار في سبيل رفعة هذا البلد الحبيب، لتظل ذكراهم منبع إلهام وتحفيز، وهو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حين رثى شقيقه الشيخ حمدان فقال:

يا محبْ الخيل يا شهمٍ بطلْ

سابقٍ عصره وله ماضي مجيد

ذكرك الباقي بذكرك نحتفل

واسمك مخلّد إلى يوم الوعيد

في القصة الخامسة من القصص الخمسين التي تحكي السيرة الذاتية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي تحمل عنوان «لطيفة 1» والتي تلاها بعد ذلك قصتان عن والدة سموه: الشيخة لطيفة بنت حمدان آل نهيان، شيخة دبي ورفيقة درب الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمهما الله، في هذه القصة يتحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن تلك اللحظات الاجتماعية الفريدة التي تشكلت فيها هذه الأسرة الماجدة من آل مكتوم.

حيث يقول واصفاً مسيرة والدته طيبة الذكرى في هذه الحياة: «بعد زواجها من الشيخ راشد بعام، أنجبت ابنتها الأولى الشيخة مريم، وبعد ثلاثة أعوام أنجبت الشيخ مكتوم بن راشد، وريث الحكم وسميّ جدنا الأكبر الذي حكم دبي مطلع القرن العشرين، كان لمقدم الشيخ مكتوم حفاوة كبيرة، بعده ببضع سنوات، رزقت العائلة بابنها الثاني حمدان بن راشد، سميّ والدها حمدان بن زايد حاكم أبوظبي السابق، عاشت والدتي سنوات جميلة، رزقت بابن آخر أيضاً أسمته مروان، توفي مروان بشكل مأساوي وهو صغير، لم يتحمل قلب والدتي الرقيقة الرفيقة اللطيفة فقدَ مروان.

بقيتْ حزينة جداً لوفاته عدة سنوات، يُقال بعدها إنها حلمت بأنها تُنجب ابناً جديداً تسميه محمداً، فرح والدي بالحلم وتفسيره لأنه يجبر قلب رفيقة دربه لطيفة، تحقّقت الرؤيا، وأنجبت ولداً سمّته محمد بن راشد آل مكتوم».إنّ من يتذوق هذه الكلمات المتوهجة بالصدق يلمس مدى الحب النابع من قلب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لأشقائه الذين شاطرهم النشأة في بيت من بيوت السيادة والشرف والكرم، يصقلهم صقر دبي الشيخ راشد بن سعيد، وترعاهم بقلبٍ نادر الحب والدة كان لها أعظم الأثر في تكوينهم النفسي والأخلاقي.

فترسّخت مشاعر المحبة الصادقة بين هذه القلوب الغضة منذ الطفولة، وظلت تنمو وتقوى وتتماسك طول الحياة، فكان هذا النمط الفريد من الإخاء بين هؤلاء الثلاثة الفرسان، مما كان له أكبر الأثر في عمق الانتماء لهذا الوطن الذي منحوه صفو محبتهم وسهروا من أجل رفعته الليالي الطوال، وكتبوا سيرة مجده من خلال المسؤوليات الجسام التي نهضوا بأعباء حملها منذ طلوع فجر هذه الدولة وخلال مسيرتها المظفرة في التنمية والبناء والإعمار.

واسترجاعاً لتلك الذكريات والأيام الخوالي، وتحت وسم «علّمتني الحياة» كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد كلمة قصيرة تنسّم فيها نسيم الذكريات الجميلة مع أشقائه وسندي روحه الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، والشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، رحمهما الله، وذلك من خلال صورة مشتركة تجمعه بهذين الفارسين من فرسان آل مكتوم، ليكتب كلمة قصيرة معبّرة غاية التعبير عن عمق الحضور لهذين الشقيقين في قلب سموه، حيث قال:

«الذكريات الجميلة تعطينا طاقة ودفئاً، الذكريات تعطينا همة لمواصلة الطريق، الذكريات تعيد لنا حياة جميلة نشتاق لها»، بهذه القوة المفعمة بالأمل والعيش في قلب الحياة يسترجع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ذكريات الحياة مع شقيقيه.

مؤكداً المغزى العميق لهذه الذكريات التي تبعث الطاقة في القلب والروح، وتحرّك نحو مزيد من العمل والإنجاز، وتشحذ الهمّة نحو مواصلة السير في طريق بناء الوطن اقتداءً بالروّاد الأوائل الذين تركوا أروع الإنجازات ونقشوا بصمة الخلود على دفتر الوطن.

بحيث تستعيد الذاكرة تلك الحياة الجميلة التي تبعث في القلب الحنين والاشتياق لتلك الأيام التي شهدت أعظم طفرة في بناء الوطن حين شمّر هؤلاء الفرسان عن سواعد الجدّ، واقتحموا الحياة بقلوب جسورة لا تعرف الخوف ولا التردد لبناء هذا الوطن الذي غدا نموذجاً يُحتذى بين البلاد والأوطان.

«لكن أصعب ما في الذكريات.. غياب أصحابها.. رحم الله أخي مكتوم.. رحم الله أخي حمدان»، وبقلبٍ موجوعٍ يتنفّس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الصعداء حين يتذكر تلك الأطياف الجميلة، ويبوح بكل إنسانية عن صعوبة الذكريات حين يواري التراب أصحابها، داعياً لشقيقيه بالرحمة، مُحدقاً نحو الماضي البعيد الذي كان يجمعه بأجمل الأشقاء وزينة الشباب والفرسان، رحمهما الله، وأطال الله في عمر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في خير وعافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى