منوعات

جزائريات من ذهب

حالة التنمر البشعة واللا إنسانية التي تعرضت لها الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، كانت تستدعي وقفة أكبر، وعقاباً حقيقياً للملاكمة الإيطالية، التي فجرت الأزمة بتعليقاتها العنصرية، التي اتهمت فيها إيمان بأنها رجل، وليست أنثى، نظراً لقوة ضرباتها، وتحديداً بعد أن خسرت لقاءها الأول معها بالضربة القاضية، في أول منافسات الملاكمة النسائية في أولمبياد باريس هذا العام.

صحيح أن اللاعبة الإيطالية عادت واعتذرت عن الإساءات، وكمية الحشد النفسي الذي قامت به ضد زميلتها، والذي يتعارض مع أبسط قواعد الأخلاق، أياً كانت: رياضية، إنسانية، يابانية، المهم أن الإيطالية كان يفترض أن تطرد، تتلقى عقاباً رادعاً، لأنه لا أحد يمكن أن يتخيل مقدار الألم والأذى النفسي الذي عانته إيمان، وعاشت تحت ضغطه أياماً وليالي، وهي تقرأ وتتابع الحملة اللا إنسانية التي شُنت عليها، بسبب تكوينها الجسدي، واتهمت بسببه بأنها رجل متحول!

إيمان خليف أنثى، كما أكدت لجان الأولمبياد، ومع ذلك، فقد بكت، وبحرقة، لأن الظلم والقهر والألم النفسي الذي عانته طحنها، وجعلها حديث العالم، متهمة في أنوثتها وهويتها، فقط لأنها بهذا الشكل وهذه التركيبة، التي لا يد لها فيها، ومن قبل شعوب تدّعي أنها تحترم حقوق الإنسان وخياراته وشؤونه الخاصة وخصوصيته!

ومثل إيمان، فإن الحياة تموج بمتنمرين في كل مجال ومكان، دون أن يقف الذي يوجه تنمره وسخريته ليسأل نفسه: مَنْ من البشر والشعوب مسؤول عن هيئته وتركيبته ولون بشرته وشكل جسده، طوله وقصره، وخشونة شعره، صوته؟.

مقالات ذات صلة

أشكالنا وهيئاتنا هي من اختصاص الله، لا نحن، وله حكمته في كل هذه الاختلافات والتباينات والاختلالات حكمة وغاية، الحكمة التي لا ندركها، ولن نصل لأسرارها، لأنها من علمه وحده، لكننا نسلم بها، ومع ذلك، فالناس تعاقب بعضها، وتمعن في السخرية والأذى والقسوة!!

ولكن، وبرغم كل أزمتها، فإن إيمان خليف لم تتراجع، بل تقدمت، وواصلت حتى وصلت للمباراة النهائية، وسوف تنتصر، وستحصد الميدالية الذهبية للجزائر وللعرب، كما فعلتها مواطنتها لاعبة الجمباز المذهلة، كيليا نمور، التي حازت الميدالية الذهبية هي الأخرى، وستقف تحت العلم الجزائري شامخة، تردد نشيد الجزائر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى