منوعات

عندما ينضح الإناء

ما حدث في باريس يوم الجمعة هل يمكن اعتباره اختلافاً في الأذواق بين البشر؟

سؤال يلح علينا بعد الصدمة التي تعرضنا لها في حفل افتتاح الدورة الأولمبية، ونحن من نتابع مثل هذه الدورات وغيرها من الأحداث الرياضية، منذ أن بدأ النقل المباشر في سبعينيات القرن الماضي، وكان كل ما لدينا قناة تلفزيونية واحدة، تنقل رسالة عربية موحدة للمنافسات، ونستمتع بالرياضة.

فما بال هؤلاء يدوسون على أسس وتاريخ «الأولمبياد» العالمي، بإقحام الانحراف والشذوذ لقلة تحاول أن ترسخ ما ابتليت به في أذهان كل البشر؟

الحلقات الخمس المتشابكة، وهي شعار «الأولمبياد»، تعكس الارتباط بين الرياضيين في العالم كله، وفكرة إحياء الإرث اليوناني في 1896، كانت تهدف إلى التقارب، وإرساء روح التنافس الشريف، والتحلي بالقواعد الأخلاقية التي ترفع من قيمة الإنسان وتكرمه، خمس حلقات تمثل الأرض وما تحويها، وبخمسة ألوان تحمل رسالة مساواة وعدالة، وقد تم الاعتداء على كل تلك القيم على ضفاف نهر السين.

حدث عالمي يستغل أسوأ استغلال من قبل شخص أو حزب لديه فكر معين ومعتقد هو مؤمن به، هذا ما رأيناه، فالعاصمة الفرنسية التي نحبها لم تكن بجمالها وتاريخها الأصيل وفنونها وإبداعاتها موجودة إلا اسماً وموقعاً، وبقية الأحداث كانت تشويهاً لباريس، تعمد أصحاب الفكر الضيق أن ينقلوا الصورة البشعة للعالم، ولم يحترموا فكر غيرهم ومعتقداتهم، ووصلوا إلى حد الإساءة للسيد المسيح عليه السلام بتلك النماذج التي أفقدت فرنسا وباريس الكثير من التقدير، فهذه العينة التي سيطرت على المشهد ليست إلا حالات منفردة اختارت أن تكون منحرفة عن بقية الناس، وليست ذوقاً يختلف عليه!

أوروبا احتجت، والصامدون المحافظون على قيمهم الأخلاقية في الشرق والغرب أحسوا بالإهانة، و«طبّل» الليبراليون، وخاصة الجهلاء منهم، أولئك الذين يعتقدون أن الحرية تعني تجاوز ما ميز الله به الإنسانية، وإعادتها إلى عصور التخلف و«حياة الغاب»، لهذا يعتبرون حفل الافتتاح للدورة الأولمبية بباريس رغم «قرفه وشذوذه» مدهشاً.

قيل إن «كل إناء بما فيه ينضح»، وقد نضحت ليبرالية الجهل والتخلف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى