منوعات

كارثة الجمعة والاحتكار

ما حدث يوم الجمعة كان إنذاراً صاخباً للعالم أجمع، لا يمكن أن يمر دون أن تتوقف الدول عنده، كل الدول، فهذه سابقة طالت جانباً واحداً، فكيف سيكون الحال لو ضُربت خدمات دولية متعددة في نفس الوقت مستقبلاً؟

اكتشف الغالبية، وأولهم الولايات المتحدة الأمريكية، أن حياتهم تكاد تكون أسيرة برنامج واحد تملكه شركة واحدة، ولن أقول شخص واحد، برنامج دُفعت مقابله المليارات وليس الملايين، أخطأ من أخطأ في عملية التحديث والتنظيف، فإذا بالمطارات تشل حركتها، والشرطة تتوقف خدماتها، والقطارات لا تتحرك، والطائرات لا تقلع، والفوضى تعم كالنار في الهشيم، وتنقطع الاتصالات الهاتفية، وتتلاشى شبكة الإنترنت، وتختفي بعض محطات التلفزيون الوطنية، وتهتز أسواق الأسهم، وتتجمد الأموال في البنوك، وتتعطل أجهزة الصراف الآلي، وتصبح بطاقات الدفع الإلكتروني مجرد قطعة بلاستيكية لا حول لها ولا قوة، وخرجت السيارات عن الخدمة لعدم وجود مبالغ نقدية في جيوب المتعاملين مع محطات الوقود!

وأياً كان السبب، سواء ذلك الذي حمل مسؤولية ما حدث، أو كان شيئاً آخر رجحته وسائل إعلامهم الغربي منذ بداية الأزمة، فهذا شأن الأجهزة التي لا تخفى عنها الصغيرة قبل الكبيرة، فالحقيقة عندهم، والحل أيضاً عندهم، فهم المنتجون، وهم البائعون، وهم المشغلون، وهم الأكثر تضرراً، ليس من برنامج «مايكروسوفت» فقط، ولكن من كل البرمجيات والشبكات والمنصات، الواقعية والافتراضية التي أصبحت تدير البشر، بينما البشر يقفون عاجزين في لحظة عبث من طرف، أو خطأ من شخص ضغط زراً دون قصد!

الكارثة كانت عامة، شملت الجميع، ولم يستثنَ منها أحد، حتى الذين صمتوا وكأنهم لم يسمعوا بها أصابتهم وعطلت مصالحهم، وما دامت كذلك فإن الحل يجب أن يكون عاماً، ولا يترك بيد دولة أو شركة أو فرد أو برنامج وحيد يحرك العالم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى