جنرالان إيرانيان للجزيرة نت: حزب الله لن يهزم وفتح جبهة الجولان وارد
طهران- مع تصاعد الهجمات المتبادلة بين المقاومة الإسلامية في لبنان والجانب الإسرائيلي، إثر قرار الأخير الانتقال من التصعيد العسكري مع حزب الله إلى الحرب المفتوحة، تتساءل بعض الأصوات الإقليمية عما إذا كانت إيران سترسل مستشارين عسكريين إلى لبنان، على غرار قرارها بدعم النظام السوري عام 2011.
وفي حين يرسم صانع القرار الإيراني تأجيل تهديداته بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب طهران، تُقدم تل أبيب علی مهاجمة حزب الله في لبنان، لذا حذرت شريحة من المراقبين طهران من مغبة الوقوف متفرجة على “استفراد العدو الإسرائيلي بالحليف اللبناني”.
وانقسمت الآراء بين ضرورة الانخراط في المواجهة لنصرة القضية الفلسطينية وحزب الله، حيث لا يوجد مانع لوصول المستشارين الإيرانيين إلى جنوب لبنان خلافا لقطاع غزة المحاصر، مع آخرين يهيبون بحكمة القيادة الإيرانية لتجنيب البلاد طاحونة الحرب.
النصر النهائي في هذه المعركة حليف جبهة #المقاومة وجبهة #حزب_الله.
— الإمام الخامنئي (@ar_khamenei) September 25, 2024
مواجهة الاستكبار
وفي كلمته أمام حشد من المحاربين القدامى، صباح اليوم الأربعاء، قال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي إن “العدو لا يتجرأ على مهاجمة حدود إيران بسبب صمود شعبنا، لكنه يمارس العداء بشكل آخر”، عازيا سبب العداء لبلاده إلى الثورة الإسلامية التي قال إنها “خلقت رؤية جديدة لمواجهة الاستكبار ولإدارة العالم”.
ولفت المرشد الإيراني، إلى أن مشكل العداء مع إيران ليس فقط بسبب برنامجها النووي أو حقوق الإنسان، بل في سياستها “التي لن تغيرها أبدا، وستواصل مواجهة قوى الهيمنة والاستكبار العالميين”.
وشدد خامنئي على أن “النصر سيكون حليفا للمقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان، رغم عدم تكافؤ القوة بينهما وبين العدو الصهيوني”، لافتا إلى أن الاغتيالات بحق قادة المقاومة الإسلامية في لبنان لن تهز حزب الله.
خارطة طريق
من ناحيته، يعتبر القيادي السابق وأحد أبرز مؤسسي الحرس الثوري الجنرال المتقاعد حسين كنعاني مقدم، مواقف المرشد الإيراني الأخيرة أنها تمثل “خارطة طريق حيال العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان”، مؤكدا أن المشاورات بين بلاده وفصائل “محور المقاومة” متواصلة في الوقت الراهن، بشأن إدارة المعركة ودعم المقاومة اللبنانية، لا سيما فيما يتعلق بـ”وحدة الساحات”.
وفي حديثه للجزيرة نت، رأى كنعاني أن القيادة الإيرانية تدعم ردا منسقا ضد الجانب الإسرائيلي “تجعله يندم على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني في غزة طوال عام، وشنه الحرب التي أراد من خلالها إعادة المستوطنين إلى شمال الأراضي المحتلة وتقويض قدرات حزب الله”.
وتابع أنه علاوة على المواقف السياسية والدبلوماسية الإيرانية الداعمة للمقاومة الإسلامية في مقارعة الاحتلال الإسرائيلي، فإن المؤسسة الدينية أعلنت دعمها الكامل لجبهة المقاومة، وطالبت القوات المسلحة بإنزال عقوبة شديدة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
بدورهم، نظّم رجال الدين وطلاب الحوزات العلمية، قبل ظهر اليوم الأربعاء، تجمعا كبيرا في مدينة قم الواقعة جنوب العاصمة طهران، ارتدوا فيه الزي العسكري.
واعتبر عضو مجلسي خبراء القيادة وتشخيص مصلحة النظام آية الله محسن أراكي في كلمته أمام الحشود، أن تقديم الدعم للمقاومة في لبنان وفلسطين “واجب شرعي”، كما حرّم “الخضوع والاستسلام أمام المحور الصهيوني الأميركي”، مؤكدا ضرورة “شن هجوم واسع على كيان الاحتلال لاجتثاث الغدة السرطانية من المنطقة” حسب وصفه.
🔴طلاب الحوزات الدينية في مدينة “#قم_المقدسة يتظاهرون دعما للمقاومة الإسلامية في #لبنان واستنكارا للجر..ائم الصهيـ..ـونية في #فلسطين ولبنان pic.twitter.com/Q0t4mwsqji
— وكالة مهر للأنباء (@mehrnewsarabic) September 25, 2024
حرب مصيرية
ويصف العميد منصور حقيقت بور القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني والمساعد الأسبق للجنرال قاسم سليماني، المواجهة الراهنة بين المقاومة وكيان الاحتلال بأنها “مصيرية، وستنضم لها قوى ثورية وفصائل مقاومة أخرى لنصرة حزب الله والمقاومة الفلسطينية، لتتحول إلى مواجهة شاملة “، على حد تعبيره.
وفي حديث للجزيرة نت، أشار حقيقت بور إلى أن جغرافيا الصراع بين حزب الله وإسرائيل تختلف عن قطاع غزة المحاصر، وأن “مشاركة الفصائل الأخرى في أي اجتياح بري محتمل وفتح جبهة جديدة في المرحلة الراهنة أمر وارد جدا”، لكنه استدرك أن “الظروف ليست مهيأة للمعركة النهائية الرامية للقضاء على الاحتلال، ولو كانت الظروف الدولية والإقليمية تسمح بذلك لانطلقت المعركة قبل عام”.
وبرأي المتحدث، الذي كان على علاقة وطيدة مع فصائل المقاومة بحكم عمله نائبا للقائد السابق لفيلق القدس، أن “العدو أخطأ في حساباته عندما أراد تطبيق نموذج غزة في لبنان”، وأضاف أن حزب الله وفصائل المقاومة تدّخر أوراق قوة عظيمة قد تكشف عنها في المراحل المقبلة، مؤكدا أنها “ستفاجئ العدو الإسرائيلي في الميدان”.
وبينما يرجّح حقيقت بور فتح جبهة الجولان السوري لدعم حزب الله خلال الفترة المقبلة، يتوقع كنعاني مقدم أن تتحول المعركة التي بدأتها إسرائيل على لبنان إلى حرب مفتوحة ومتعددة الجبهات، مستدركا أن “العملية البرية قد تتأجل لفترة حسب مستجدات المعركة والتنسيق اللازم”، ومؤكدا “ضرورة قطع الطريق على العدو من المبادرة بشن عملية برية على لبنان”.
وتعليقا على الإعلام العبري الذي يتحدث عن قدوم نحو 40 ألف مقاتل من سوريا والعراق واليمن إلى الجولان، وأنهم ينتظرون دعوة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله للقتال، كشف القيادي السابق في الحرس الثوري حسين كنعاني مقدم أنه وفق المعلومات المتوفرة لديه فإن العدد الحقيقي للمقاتلين والمتطوعين في منطقتي القنيطرة والجولان السوريتين أكثر بكثير من الإحصاءات الإسرائيلية.
وبرأي المتحدث نفسه، فإن “فتح جبهة الجولان السوري وارد جدا خلال المرحلة المقبلة”، مؤكدا أنه “لا يستبعد مشاركة القوات الإيرانية في الجبهة السورية لاستعادة هضبات الجولان، نظرا لمواقف المؤسستين السياسية والدينية في الجمهورية الإسلامية حيال ما يحدث في بلاد الشام”، معتبرا أن “شعوب المنطقة تواقة لدحر الاحتلال وأن تحظى بشرف المشاركة في تحرير المسجد الأقصى”، على حد تعبيره.
وردا على سؤال حول إمكانية إيفاد مستشارين إيرانيين إلى لبنان لمساعدة حزب الله في مواجهة العدوان الإسرائيلي، قال القيادي السابق بالحرس الثوري إن هذا الخيار وارد في حال طلب الجانب اللبناني ذلك من طهران، على غرار التجربة السورية بعد أحداث 2011.
وعما إذا تطورت المعركة وشاركت فيها الولايات المتحدة الأميركية، أو بعض الدول الغربية لدعم الجانب الإسرائيلي فإن “طهران لن تتريث لحظة في تقديم الدعم الشامل للحليف اللبناني”، وفق كنعاني مقدم، ويضيف “أن الحرب الإقليمية بمشاركة جميع حلقات محور المقاومة ستكون لا بد منها”.
ذخائر الأسلحة
في المقابل، يعتقد حقيقت بور أن “الأرضية غير متوفرة لانخراط الدول الغربية أو حلف شمال الأطلسي لمساعدة إسرائيل”، وأنه يستبعد مجازفة هذه الدول باتخاذ مثل هذا القرار، الذي من شأنه أن يضعها في مواجهة العالم الإسلامي والتضحية بمصالحها في المنطقة، مؤكدا أن حدوث مثل هذا السيناريو سيفتح الباب بوجه حلفاء حزب الله لمساعدته.
وردا على التقارير التي تتحدث عن نجاح إسرائيل في القضاء على جانب كبير من مخازن الأسلحة لدى حزب الله، قال إن “المقاومة اللبنانية تمكنت من بناء ترسانة رهيبة جدا من الأسلحة لم يمسها شر حتى الآن، وأنه وفق معرفته بها، فإنها كافية لاستمرار إطلاق الصواريخ والمسيرات بوتيرة مضاعفة نحو الاحتلال لعدة أعوام، مضيفا أن خطوط إنتاج السلاح لدى حزب الله لم تتوقف”.
وعن الاغتيالات الإسرائيلية بحق عدد من القادة العسكريين في حزب الله، وصف حقيقت بور هذا التطور بأنه “خسارة للمقاومة والعالم الإسلامي”، مستدركا بالقول “إذا مات سيد قام سيد آخر”، وأنه يطمئن الرأي العام الإقليمي بأنه لا خشية على سلاح المقاومة ولا على قيادتها السياسية والميدانية.
أما كنعاني مقدم، فيقول إن “لبنان ليس غزة، وإن مخازن سلاح محور المقاومة مفتوحة بوجه حزب الله، وإن السلاح المناسب سوف يتوفر خلال بضع ساعات فقط عندما يلزم الأمر”.
سيناريو محتمل
ورأى كنعاني أنه لا يمكن التفكيك بين جبهتي غزة ولبنان، وأنه لا تصور لنهاية الحرب المتواصلة إلا بوقف العدوان على قطاع غزة، مؤكدا أن السيناريو الأكثر احتمالا هو أن تنتهي الحرب بتقويض إسرائيل وانتصار المقاومة، وقال “نتيجة الحرب ستكون مصيرية، وستضع الاحتلال على سكة الزوال، لأن المقاومة سوف تتقدم أكثر كلما استمرت الحرب لفترة أطول”.
ويتفق العميد حقيقت بور مع هذا السيناريو المحتمل، موضحا أن “وتيرة انتصارات المقاومة ستأخذ منحى تصاعديا عقب فتح جبهة الجولان السوري المحتل، وهو ما سيربك حسابات حلفاء الاحتلال، الذين لن يجدوا حينها سبيلا لإنقاذ تل أبيب سوى تحريك الوساطات لوقف الصراع”، وتابع أن “العد العكسي لزوال إسرائيل قد بدأ منذ أعوام، وأن العالم الإسلامي سيعمل على تحقيق هذا الوعد الإلهي”.
ورأى المتحدثان أن الجبهة الإسرائيلية “تسعى لتسجيل انتصار في المعركة الراهنة، وأن تأخذ تطورات المعركة إلى سيناريو مغاير، بيد أن إرادة جبهة المقاومة عصية على الهزيمة، كما أثبتت في حروبها السابقة، وأنه لا كلام يعلو لديها على الجهاد في سبيل الله”.
وعن سبب تأجيل إيران ردها الانتقامي لاغتيال القيادي البارز في حركة حماس إسماعيل هنية، يعتقد كنعاني مقدم أن التهديد الصادر عن المرشد الإيراني الأعلى جاء تحت عنوان “ثأرا لدماء الضيف”، مما يعني أنه “لا بد من إراقة دماء قائد صهيوني كبير انتقاما للضيف الفلسطيني الذي قصد طهران بشكل رسمي”.
وأكد أن الرد الإيراني مطروح على الطاولة بقوة، “وقد تسرع تطورات الجبهة اللبنانية في تنفيذه، لتتوالى ضربات على مدى أيام وعلى مقياس أوسع من عملية الوعد الصادق، انتقاما لدماء هنية ودعما لعمليات المقاومة الإسلامية”.
وخلص المتحدث إلى أن “الصراع الإسلامي الصهيوني بلغ مرحلة اللاعودة، وأن حدة التوتر لن تتراجع، لا بمفاوضات ولا بتبادل الأسرى، وإنما ساحة نزال الإرادات هي الكفيلة بلجم عصابة الاحتلال”.
أما حقيقت بور فاكتفى بالقول إنه “لا تغيير ولا تراجع عن تنفيذ الثأر لإسماعيل هنية”، مستدركا أن بلاده “لن تضبط ساعتها سوى بالتوقيت الذي تراه مناسبا”.